الأخبارروجافامانشيت

حسن كوجر: هدف تركيا من الهجمات هو القضاء على المشروع الديمقراطي وتجزئة المجتمع

وقيّم نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، حسن كوجر، خلال حوار أجرته معه وكالة هاوار، الهجمات التركية على شمال وشرق سوريا وجنوب كردستان.

كوجر لفت الانتباه إلى المخططات التركية الاستعمارية في سوريا والدول العربية. كما سلط الضوء على الدعم الدولي لمخططات تركيا الاستعمارية إلى جانب متاجرة الحزب الديمقراطي الكردستاني بالقضية الكردية.

وفيما يلي نص الحوار:

* كثفت دولة الاحتلال التركي من هجماتها ضد شمال وشرق سوريا مؤخراً، عبر الطائرات المسيّرة وقصف المدن بالمدافع والصواريخ، برأيكم ما السبب؟

الهجمات التركية على المنطقة ليست بالجديدة، فبعد اندلاع الثورة السورية والربيع العربي، أدت الدولة التركية دوراً تخريبياً في المنطقة، وحرفت مسار الثورة السورية، وأخرجتها من مضمونها الديمقراطي، وقضت على آمال الشعوب، عبر دعم الفصائل المتطرفة ومرتزقة داعش.

ذكرت أن الهجمات ليست بالجديدة وستستمر، والهدف الأول والرئيس لها هو القضاء على المشروع الديمقراطي، وتجزئة المجتمع وشعوب المنطقة، والقضاء على ثقافة الشعوب؛ أما الهدف الثاني فيمكن تقسيمه إلى جزأين، الأول بصدد الكرد، حيث إن تركيا تهدف إلى القضاء على الشعب الكردي؛ لأنها تعاني من الفوبيا الكردية، وتتلذذ بقتل الكرد، فقد تأسست الدولة التركية على إنكار الكرد وشعوب المنطقة، والجزء الثاني متعلق بالهجمات ضد الدول العربية، حيث تسعى إلى خلق الفوضى في هذه الدول.

الهدف من الهجمات التركية هو إعادة إمبراطوريتها البالية القديمة، وفرض سيطرتها على المناطق العربية، الفوضى التي أنشأتها في سوريا، والتدخل في شؤون الدولة العراقية وتهديد استقرارها، والتدخل في الشأن الليبي دليل على ذلك. تركيا دولة مارقة، لا تستمع لأحد، والتزام المجتمع الدولي الصمت هو عن عمد، ودعم لسياسة الدولة التركية.

الجميع يعلم أن تركيا دعمت داعش وتقوم على تقوية الإرهاب في المنطقة، وصمت المجتمع الدولي يثبت مشاركته في الجرائم وعمليات القتل والإبادة والتهجير التي نفذها داعش ودولة الاحتلال التركي التي تقصف عبر الطائرات المسيّرة وبشكل يومي، مواطني وشعوب المنطقة. هذا كله مخطط مدروس، والهدف منه كسر إرادة الشعوب ونشر الرعب والخوف، والقضاء على المشروع الديمقراطي. 

* لم يبقَ جرم إلا وارتكبه جيش الاحتلال التركي ومرتزقته بحق أبناء شمال وشرق سوريا والمناطق المحتلة على وجه الخصوص، إلا أن المجتمع الدولي يلتزم الصمت، وكأنه لا يرى ما يحدث في الوقت الذي نرى بأنه يدلي ببيان تلو البيان بصدد التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، برأيكم لماذا يتبع المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية هذا الصمت؟

الصمت الدولي حيال ما تتعرض له شمال وشرق سوريا وسوريا واضح جداً، في حال لم تؤثر على مصالحها تلتزم الصمت، أما في أوكرانيا فلديها مصالح، تهدف إلى تضييق الخناق على روسيا، وتحويل أوكرانيا إلى ساحة حرب، وهذا يخدم مصالحها لذلك لا تلتزم الصمت.

إذاً، الهجمات التركية ضد المنطقة تخدم مصالح المجتمع الدولي، لذلك يتلزم الصمت. وهذه حقيقة واضحة، روسيا وأمريكا تدّعيان أنهما ضامنتين لوقف إطلاق النار، وتركيا تستهدف المنطقة أمام أنظارهما وتفتحان الأجواء أمامها، هذا يعني أنهما لا تعيران أي اهتمام لتلك الاتفاقات، الجميع يتحرك بموجب مصالحه، وعلى شعبنا أن يدرك ذلك.

سياسة المجتمع الدولي سياسة ازدواجية، يعلو صوته بصدد أوكرانيا ويتلزم الصمت حيال الهجمات التي تتعرض لها شمال وشرق سوريا، يتم استهداف المواطنين وهناك شهداء بشكل يومي، هذا يعني أن تركيا تخدم مصالح القوى الدولية. 

* تكثيف الهجمات بحق شمال وشرق سوريا جاء بالتزامن مع الهجوم التركي المشترك مع الديمقراطي الكردستاني على مناطق الدفاع المشروع، هل هناك صلة بين هذه التطورات؟

نعم هناك صلة، هدف تركيا ليس سوريا فقط، بل العراق أيضاً. تركيا تؤدي الآن دوراً قائماً على إحداث توازن جديد في الشرق الأوسط، والقوى العالمية كلفت تركيا بشن هذه الهجمات، والصمت الدولي دليل على ذلك.

الهجوم الذي يتعرض له جنوب كردستان الآن لا يتم بيد تركيا فحسب، بل هناك قوى أخرى لها يد فيها؛ بعض القوى تلتزم الصمت وهذا بمثابة دعم لتركيا، وهناك قوى أخرى تدعم تركيا بشكل غير مباشر من أجل تصفية حركة حرية كردستان. وهذا دليل على عدم وجود حل دولي للأزمة السورية والعراقية أيضاً، لذلك تسعى إلى تعميق الأزمة، وارتكاب المزيد من المجازر، والدولة التركية تأخذ قوتها من كل ما ذكرته.

تركيا تتدخل في شؤون معظم الدول بحجة أمنها القومي. وهنا لا بد من طرح سؤال؛ أليس لهذه الدول أمن قومي؟، ألا يوجد أمن قومي لشعوب المنطقة أيضاً. لماذا لا تؤخذ حساسية الأمن القومي للشعوب الموجودة في العراق وسوريا بعين الاعتبار؟ ولماذا تؤخذ حساسية الأمن القومي التركي بعين الاعتبار؟ هذا دليل على تدمير العراق وسوريا بشكل ممنهج، ولقوى عدّة عدا تركيا يد في ذلك.

* كيف تصفون مشاركة الحزب الديمقراطي الكردستاني مع دولة الاحتلال التركي في الهجمات التي تشن ضد مناطق الدفاع المشروع، وما تداعيات هذه المشاركة على القضية الكردية وقضية شعوب كردستان؟

مشاركة الحزب الديمقراطي في الهجمات التركية تؤثر على الدولة العراقية وعلى الشعب الكردي أيضاً. في سوريا أيضاً دعم الحزب للفصائل المسلحة، إلى الآن بعض الأحزاب المرتبطة بالديمقراطي موجودة ضمن الائتلاف، وهذه الأحزاب تقول: “إننا حررنا عفرين، ولا يوجد احتلال”. هذه أقوال الأحزاب المرتبطة بالديمقراطي الكردستاني.

شعب جنوب كردستان لا يشبه الديمقراطي الكردستاني، إنه شعب ذو كرامة، ولن يقبل أن تنتزع الدولة التركية المكتسبات التي حققها من بين يديه. الحزب الديمقراطي الكردستاني لديه مصالح مع أردوغان، لديهما شركات اقتصادية وهناك تجارة بينهما على حساب القضية والدم الكردي، على الشعب الكردي أن يدرك ذلك جيداً.

زيارة الحزب الديمقراطي الكردستاني لتركيا دليل دامغ على مشاركته في الهجمات التي تشن ضد جنوب كردستان، وهذه المشاركة ستفاقم المشاكل الكردية، ويجب أن نعلم أيضاً أن هذه المشاركة تهدد مكتسبات جنوب كردستان. الدولة التركية ستحتل كامل جنوب كردستان.

بصفتي كردي أقول؛ الكرد لن يقبلوا بهذه السياسة، يمتلكون ملايين الدولارات، وتحت اسم القضية الكردية يضحون بالكرد، ويدعمون الدولة التركية من أجل قتل الكرد. موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني موقف ضد الوطنية والكردستانية والقيم الإنسانية. أيعقل أن يدافع شخص عن جنوب كردستان، ومن يدّعي أنه مالك جنوب كردستان ومسؤول عن إدارته يحارب ذلك الشخص!

على الديمقراطي التخلي عن سياساته هذه. إنه يتبع السياسة نفسها ضد روج آفا أيضاً، يفرض حصاراً على روج آفا، ويقوم بخلق الفتن والمشاكل بيد بعض أحزاب المجلس الوطني الكردي ضمن روج آفا، من أجل زعزعة استقرار المنطقة.

يتبع الديمقراطي الكردستاني سياسة سلبية بحق جنوب كردستان وروج آفا وحتى ضد الدولة العراقية، وعبّرت العديد من الشخصيات العراقية عن رفضها للهجمات التركية ومشاركة الديمقراطي الكردستاني. إلى الآن لم يدلِ الحزب بأي تصريح حيال الهجمات.

هناك 23 قاعدة تركية في جنوب كردستان، ما مهمة هذه القواعد؟ مهمة هذه القواعد والديمقراطي الكردستاني تصفية كل صوت ينادي بالديمقراطية.

* للمرة الأولى هناك ردود فعل عربية وعراقية حيال الهجمات التركية على مناطق الدفاع المشروع وشمال وشرق سوريا، من بينها جامعة الدول العربية، كيف تقيّمون هذه الردود وهل هي كفيلة بردع الهجمات التركية؟

نعم، للمرة الأول تعبر شريحة واسعة من الشخصيات العراقية ضمن الحكومة العراقية عن موقفها بشكل صريح حيال الهجمات التركية؛ لأن الخطر كبير جداً. الدولة التركية تسعى إلى احتلال العراق وسوريا أيضاً، تحت مسمى محاربة “الإرهاب”. إن الذي دعم الإرهاب ورباه في أحضانه وموّله هي الدولة التركية نفسها، والعالم أجمع يعلم ذلك، وهناك عشرات الوثائق تثبت ذلك.

تعريف الإرهاب تحوّل إلى مسألة سياسية، أي قوى لا ترى أن القوى الأخرى توافقها الرأي تلصق بها تهمة الإرهاب. وتحت مسمى الإرهاب تشن الهجمات، تستمر السياسة التوسعية والاحتلالية.

تم التلاعب بمفهوم الإرهاب ووضع له شكل بحسب سياسة كل قوة. الإرهابي هو الذي لا يمتلك القيم الإنسانية، والدولة التركية هي الدولة الأكثر إرهاباً في العالم، هي التي نسفت استقرار سوريا والعراق، هي التي ارتكبت مجزرة بحق الأرمن وراح ضحيتها مليون ونصف المليون أرمني، هي التي ارتكبت مجزرة بحق السريان والكرد والعرب.

تركيا تريد تطبيق بنود الميثاق الملي، تريد احتلال الموصل وكركوك وحلب، على الشعب العربي والكردي أن يعي ذلك.

* ما المطلوب الآن من شعب المنطقة من أجل ردع الهجمات التركية، في الوقت الذي تغض ما تعرف بالقوى الضامنة النظر عن الهجمات التركية؟

على شعب المنطقة تقوية صفوفه وإرادته، لأن هذه الهجمات هي ضد إرادته، المسألة ليست الإدارة الذاتية، الإدارة الذاتية والشعب واحد.

الهدف الرئيس من الهجمات التركية تجزئة سوريا، عملياً تم تجزئة سوريا عبر فرض اللغة التركية، ونظام التربية والتعليم التركي والعملة والعلم التركي على أبناء المناطق المحتلة الآن (الباب وحرابلس وعفرين وسري كانيه وكري سبي)، وتريد ضمها إلى الأراضي التركية.

كافة الادعاءات التركية حول خروجها من سوريا غير صحيحة، وعلى الحكومة السورية أن تعي ذلك جيداً، تركيا لن تخرج من المنطقة إلا بالقوة، وإن كانت الحكومة السورية جادة فيما تقول، بأنها تحمي وحدة وسيادة الأراضي السورية عليها التنسيق والتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية من أجل تحرير المناطق المحتلة من قبل تركيا.

إن السياسة التي تتبعها حكومة دمشق غير صحيحة، فبدلاً من التعاون تقوم بفرض حصار على أحياء حلب (حيي الشيخ مقصود والأشرفية). وتجلس مع الاستخبارات التركية، هذه السياسة لا تصون السيادة السورية.

إن كانت الحكومة السورية جادة فيما تقول (بأنها تحمي وحدة وسيادة الأراضي السورية) لتأتِ ونحرر كافة المناطق المحتلة، نحن جادون فيما نقول.

يجب تقوية الاتفاق الكردي العربي السرياني وهذا مهم في هذه المرحلة، وحماية مكتسبات الثورة، لأن هناك مساعٍ لإحداث شرخ بين مكونات المنطقة عبر الحرب الخاصة.

زر الذهاب إلى الأعلى