مقالات

حسابات دمشق الخاطئة

عدنان فرمان

أمس أكدت الإدارة الذاتية الديمقراطية بكل مكوناتها السياسية والمؤسساتية مجدداً على أن الحل السياسي السوري داخلي بين السوريين أنفسهم، والحوار مع دمشق هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الكارثية في البلاد، لكن وكما يبدو للعلن أن النظام السوري باعتباره الركيزة في أي حلٍ سياسي وهو المسؤول عن الأزمة بالدرجة الأولى وعبر خطابه المفرغ الذي أصدع به رأس السوريين يرفض أي تسوية سياسية للحل.

بالطبع هذه الخطابات التي يطلقها الدائرة اللاعقلانية للنظام السوري بين الفينة والأخرى دليل على أن النظام يحاول صرف النظر عن مهامه ومسؤولياته تجاه السوريين في مناطقه بالمقام الأول وعن بقية المناطق السورية بالمقام الثاني، والواقع يشير إلى أن النظام ومنذ اليوم الأول من الأزمة السورية قد اتخذ موقفه وسار بسياساته غير القابلة للإصلاح بالرغم من الحالة التي وصلت إليها سوريا أرضاً وشعباً.

 المستجد القديم في حديث مسؤولي النظام عن الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطية على أن الادارة الذاتية مشروع غير وطني وإن “قسد” مرتهنة للقرار الأمريكي وبأن لقاءات “مسد” مع موسكو مرحلية متعلقة بالتهديدات التركية” وبأن “النظام سيعيد بسط سيطرته على كامل الأراضي السورية”، حديث يثير الشكوك بعدم قدرة هذا النظام على فهم الواقع السوري بعد، وبأنه لن يتمكن من تجاوز أزمته السلطوية النفسية بعد.

 ويؤكد من جديد حجم التصدع في ذهنية النظام والقوقعة التي لا يزال يتمتع بها، وهي وبطبيعة الحال قراءة غير واقعية لبعض المتشدقين بالسلطة القوموية وتعبير عن الإقصاء والإنكار والإصرار المركزية القوموية البالية التي أهلكت البلاد.

إن مثل هذه السلوكيات النظرية الاعتيادية للنظام السوري يشكل تحدياً جدياً على مدى إمكانية تحويل دعوات الإدارة الذاتية بكل مكوناتها السياسية فيما يخص الحوار مع دمشق إلى واقع حقيقي ملموس تبدي فيها الأخيرة تقارب جدي وخطوات ملموسة تبدأ بكف الخطابات اللاعقلانية والبدء بمرحلة من الانفتاح والجلوس المباشر على طاولة الحوار دون كيل الاتهامات جزافاً.

أما الحديث عن تواجد القوات الأمريكية في شرق الفرات وعلاقة “قسد” بهذه القوات وربط مصير شمال شرق سوريا بهذه القوات كما يحاول النظام تسويق هذه الديباجة المتكررة، فأعتقد إن النظام يكرر اسطوانة محاربة الكيان الاسرائيلي وخرافة النصر الوهمي ومقارعته الدونكيشوتية للإمبريالية، تطابق اسطوانة النظام التركي في حمايته لأمن تركيا القومي ومحاربتها للإرهاب وهو الصنيع الأول للإرهاب.

التحالف الدولي والقوات الأمريكية متواجدة في سوريا والعراق وفي جميع أنحاء العالم، وجودها في سوريا متوائم ومتوافق مع التواجد الروسي، وهناك اتفاقات عدة بين الدول الكبرى لا قسد ولا النظام السوري ولا روسيا وإيران يمتلكون القدرة على إخراج القوات الأمريكية، وهنا أشير إلى دور التحالف في محاربة تنظيم  داعش الذي قتل الآلاف من عناصر الجيش السوري ولولا مشاركة التحالف لابتلع داعش سوريا برمتها، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، لذا فالدور الأمريكي في سوريا لم يكن سلبياً وتحالفها مع قوات سوريا الديمقراطية نابع عن مدى مصداقية قوات سوريا الديمقراطية التي قدمت آلاف الشهداء في مواجهة إرهابيي داعش، وحافظت على الكرامة السورية التي انتهكها داعش خلال مرحلة من المراحل السوداوية التي مرت بها سوريا.

لو استطاع النظام السوري فك الارتباط الروسي الاسرائيلي أو إخراج إسرائيل من الأراضي السورية حينها يمكن القول بأن له القدرة على إخراج القوات الأمريكية من سوريا ومن “الوطن العربي”  وحينها يمكن القول بأن النظام قادر على تشكيل جبهة سورية أو عربية موحدة.

لا أعتقد أن مثل هذه الخطابات والمواقف الصادرة عن النظام ستفضي إلى حل، وإنها ستعود بالسلطة على كامل الأراضي السورية وبأن الحل الذي يحاول النظام تطبيقه على كامل الأراضي السورية سيفضي إلى نتيجة. بهذه العقلية ستكون سوريا أمام مرحلة جديدة ستكون لها مألات مختلفة، لكن بعض المؤشرات تشير إلى أن موسكو لها موقف مختلف بالرغم من سوابقها في التعاطي مع الكرد ومع شمال وشرق سوريا.   

زر الذهاب إلى الأعلى