آخر المستجداتمقالات

حسابات أردوغان الهشة… الانتخابات والتطبيع مع دمشق

ياسر خلف

يعيش الشعب السوري في معاناة كبير جدا نتيجة للزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا حيث لا يزال الالاف من المواطنين مدفونين تحت انقاض وركام منازلهم التي سوتها الزلزال بالأرض وما يحز في النفس وفاقم مأساة السوريين الذين يعانون أصلا من ويلات التهجير والدمار والقتل منذ ثلاثة عشر عاما ان اطراف الصراع في سوريا لم تكترث لهذه المعاناة سواء من طرف النظام او من طرف ما تسمى المعارضة وعلى العكس فقد استغلتها لتحقيق مصالحها ومصالح الأطراف المرتبطة بها حيث اكدت الأمم المتحدة في بيان لها ان المعارضة المرتبطة بتركيا من طرف والنظام من الطرف الاخر يمنعون وصول الإغاثة الى المنكوبين جراء الزلزال المدمر وما يصل يتم سرقتها وتخزينها في مستودعات المجاميع المرتبطة بها حيث منعت تركيا وصول اية مساعدات ومعدات الى المناطق المنكوبة وخاصة بلدة جنديرس التي كانت لها النصيب الأكبر من الدمار نتيجة للدمار كما ان النظام بدوره منع من دخول المساعدات الى احياء حلب المنكوبة وما يصل يتم الاستلاء على 80% هذا ولاتزال قوافل الإغاثة والمساعدات التي أرسلتها الادارة الذاتية تنتظر اذن الدخول من جماعات الائتلاف المرتبطة بتركيا حيث اتضحت انها لا تمتلك من قرارها شيء وانما هم فقط دمة شكلية تديرها الاستخبارات التركية .

ومن هذا الوقع المرير فان الحديث التركي عن الاستعداد للمصالحة مع دمشق، يأتي على وقع جملة من التطورات والمتغيرات، أهمها التحولات التي شهدتها السياسة الخارجية التركية مؤخرا تجاه العالم العربي، وهي تحولات تمثلت في إعادة العلاقات التركية مع السعودية والإمارات وإسرائيل ومصر، ولعل الحديث التركي عن المصالحة مع دمشق يأخذ شكل استكمال هذا المسار، بعد سنوات من دعم تركيا لجماعات الإخوان المسلمين في العالم العربي، قبل أن تراجع سياستها هذه على وقع الهزائم التي تعرضت لها هذه الجماعات التي عاثت خرابا في عدد من دول المنطقة. كذلك من العوامل البارزة التي تدفع بأنقرة إلى التقارب والمصالحة مع دمشق وخاصة بعد الزلزال المدمر والذي أصبح ترغب في التخلص من اللاجئين السوريين على ارضها وبما يؤكد هذا المنحى هو هجوم بعض الأطراف المرتبطة بحكومة اردوغان على اللاجئين السورين واخراجهم من المخيمات وطردهم الى العراء

كذلك تحول الملف السوري إلى مادة للسجال في الداخلي التركي، بين الحكومة والمعارضة، حيث تحمل المعارضة حكومة العدالة والتنمية مسؤولية الأعباء والتحديات الناجمة عن وجود قرابة أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا، وعبرت مرارا عن استعدادها للذهاب إلى دمشق إذا فازت في الانتخابات المقبلة لحل كافة الخلافات معها، وقد أدرك أردوغان أهمية هذا الملف، ودوره في المعركة الانتخابية المقبلة، وعليه ذهب أبعد من المعارضة في رفع راية المصالحة مع دمشق.

يبدو هناك ثمة قناعة لدى دمشق بضرورة انتظار معرفة من سيحكم تركيا بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المقبلة وخاصة ان جميع المعطيات في الداخل التركي باتت تؤشر بهزيمة اردوغان وحكومته في الانتخابات المقبلة وخاصة بعد الزلزال المدمر الذي ضربتها وتحميل اردوغان وحكومته أسباب وقوع هذا الدمار والكم الهائل من الضحايا والمتضررين وهذا ما يؤكدها اغلب المحللين والمراقبين للشأن التركي واستطلاعات الرأي كما ان بعض اطراف المعارضة التركية اقرب طائفيا من نظام الأسد كحزب الشعب الجمهوري الذي يترأسه كليجدار أغلو ، وعليه كل هذه العوامل والأسباب تفسر أسباب التريث النظام السوري في التعاطي مع المسعى التركي للمصالحة معها رغم كل الحديث عن ترتيبات أمنية تجري بين الطرفين كي تكون المصالحة ممكنة وقابلة للاستمرار بعد كل ما حصل فالنظام يجد في الزلزال المدمر فرصة لإعادة العلاقات مع دول المنطقة مستغلة بذلك الوضع الإنساني الطارئ في البلاد وإبراز نفسه كطرف شرعي وحيد للتعامل الدولي وخاصة في موضوع رفع العقوبات وفتح المعابر حيث يجد المجتمع الدولي مرغما للتعامل مع هذا الوقع الذي فرضته فاجعة الزلزال وان كانت بعض الأطراف تتعامل معها بشكل جزئي وغير مباشر عبر منظمات المجتمع المدني

لقد اثبتت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا انها الطرف الوحيد الذي يمتلك الإرادة والقرار في الأوقات الحاسمة والحرجة فيما يخص مساعدة الشعب السوري بجميع مكوناته واطيافه وهذا ما اكدتها اغلب الوسائل الإعلامية والمنظمات الدولية التي تتعامل وتختص بالشأن السوري وخاصة من ناحية تلبت استغاثة ونداءات المنكوبين جراء الزلزال المدمر مؤخرا حيث كان دليلا واضحا في تعاطيها للجانب الإنساني والمدني بكل حكمة وثقة على عكس اطراف الصراع الاخرى التي باتت احد الأسباب الرئيسية في قتل وتهجير السوريين وتعاطيها واستغلالها لمعاناة وحاجة الشعب السوري من منطلق عنصري واستبدادي وارهابي .

وهنا يتطلب من قوى الإدارة الذاتي العمل على فتح المزيد من قنوات التواصل مع الداخل السوري وخارجها وخاصة بعد افتضاح امر جماعات المرتزقة المرتبطة بتركيا والنظام على حد سواء التي لم تكن تهمها ماسات السوريين منذ اللحظة الأولى من الازمة السورية حيث بات اغلب الشعب السوري يدرك هذه الحقيقة وخاصة ان الدولة التركية والنظام باتا اقرب الى عقد اتفاقات امنية واستخباراتية على حساب الدم السوري وان تسوية الملف السوري بات ضرورة حتمية في الداخل التركي سوء من طرف نظام اردوغان او المعارضة وكلا الطرفيين يراهنون في فوزهم في الانتخابات المقبلة بطرد اللاجئين السوريين من الراضي التركية تحت يافطة “ضمانات رباعي الآستانة للعودة الامنة “.

زر الذهاب إلى الأعلى