مقالات

جريمة شرف العصر؛ وصمت أحرار العالم

بقلم بدران الحسيني:

مفهوم الجريمة متشابك ومعقد حتى التخمة لدى الكثير من الناس، وخصوصاً في زمننا وعصرنا الراهن، ويمكن للمرء أن لا يتقيد بالمفهوم التقليدي والاطار المحدد لمفهوم الجريمة؛ فعلى سبيل المثال: ما يسميه شخص ما بالجريمة يمكن  لآخر وضمن إطار رؤيته أن يسميها بردَّةِ فعل متسرعة وسلبية نافياً بذلك صفة الجريمة عن هذا الفعل، وذلك انطلاقاً من تعريف الجريمة على إنها مجموعة من السلوكيات والأفعال التي تصدر عن شخص بعينه وتكون منافية وخارجة عن الفِطرة السليمة للإنسان فضرب طفلٍ من معلم الصفِّ في بلدٍ شرق أوسطي يعتبر أمراً طبيعياً(ربما لِمَا نمتلكه من ذهنية عديمة الاُفق)، ولكن في بلدانٍ أخرى يُعتبر هذا الفعل جريمة لا تُغتفر.

وللجريمة أوجه وأشكال عديدة (السياسية والعسكرية والاقتصادية) حسبما عرَّفها القانون، ولها أنواع عديدة حسب طبيعة حصولها، ومن هذه الأنواع

الجرائم الاجتماعية: وهي الجرائم التي يتم ارتكابها لدوافع الانتقام  من الأشخاص والحقد، والقضايا الأخلاقية.

ضمن هذه التعريفات أستطيع إضافة نوعاً آخراً من أنواع الجريمة والتي لم تتطرق إليها القوانين والنصوص الوضعية ذات الصلة،

قد يسألَ أحد ما أو يقول بأنه ليس من حق شخص بمفرده إضافة هذا الشيء إلا بتوافق المشرِّعين الواضعين للقوانين

وقد يقول قائل أن تلك التي تسميها جريمة هي نتيجة ميول وتحيُّز، ولكن كل المعطيات التي نستخلصها من تعريفات الجريمة والأخلاق البشرية تدل على أن المسألة التي نتحدث عنها هي أم الجرائم وأستطيع تسميتها بجريمة(اعتقال و حَجْرِ الممتلكات الفِكرية) إذا ما قورنت بالجرائم التي تطلق عليها صفة الجريمة؛ إذ ليس معقولاً أن تسمي سرقة رغيف خبزٍ(ربما جوعاً) أو قتل عصفورٍ بالجريمة، وتصمت عن الاعتقال والحَجرِ على أفكار ورؤى وتحليلات مفكرٍ وفيلسوفٍ بين أربعة جدران ولا تسميها جريمة ــ عن المفكر الأممي عبدالله اوجلان أتحدث ــ

هنا يأتي دور أحرار العالم في القيام بما يحتم عليهم ضمائرهم التي تنادي بتحرر المظلومين من استبداد الظالمين ودقت ساعة الصفر بأن يخاطبوا رؤساء دولهم والجهات النافذة والقيام بواجبهم الأخلاقي

فمن المعروف لدى الجميع أن القضايا العادلة غالباً تجد الدعم والمساندة من الأحرار حول العالم عبر الجَهْرِ بالرأي أو الانضمام إلى تلك القضايا والدفاع عنها حتى وإن كان برفع شعارات هذه القضية إلى غير ذلك من وسائل التعبير التي تعبر عن التضامن.

المفكر الأممي (وليس الكردي فقط) معتقل لدى السلطات التركية منذ ما يقارب العشرين عاماً بمؤامرة دولية حيكت خيوطها بإتقان، وساد صمت كصمت القبور على هؤلاء الأحرار الذين يناصرون قضايا الشعوب المظلومة في الحصول على حقوقهم وحريتهم(حسب زَعْمِهِم) برغم الاحتجاجات التي سادت العالم وهزَّت البرلمانات الأوربية وعروش الملوك والأمراء من قِبَلِ الأنصار ولم تُحَرِّك أحرار العالم ساكناً ضد الدولة التركية بعد أن سقط القناع عن وجهها واُضيفت جريمة أخرى إلى سجلها الأسود وهي الجريمة التي يصحُّ أن نقول عنها جريمة شرف العصر (اعتقال وحَجْرِ الممتلكات الفِكريةِ) التي تنفذها الأتراك بحق المفكر الأممي عبدالله اوجلان صاحب نظرية أخوَّة الشعوب العابرة للحدود والقارات وعَزلِهِ تماماً عن العالم الخارجي وخصوصاً منذ الثلاث سنوات الأخيرة؛ ألا يُعتبر هذا جريمة بل أم الجرائم؟؟

اليوم جاء دوركم يا أحرار العالم لتُكفِّروا عن تقصيركم تجاه هذا المفكر الذي ترفعون شعاراته وتنادون بنظرياته وهذا يستوجب منكم ويحتم عليكم النهوض من سباتكم وأن تصدحوا بأصواتكم لتكسروا القيود عن سجين فكرِهِ في إيمرالي

فإما أن تكونوا بحق أحرار العالم

وإما أن تكونوا موتى الصمت الذي فرضته  الذهنية الاستبدادية والمصالح الدولية عليكم.

زر الذهاب إلى الأعلى