مقالات

جذور القضية المجتمعية الراهنة وكيفية التحول من السؤال والاستفهام إلى الجواب والإدراك

بسردٍ موجزٍ من الاختزالية التاريخية التراكمية وحالتها الراهنة المعاشة لاستفهام القضية المجتمعية ومدى تسرطنها وتفاقمها على شكل حلقات متشابكة وعُقد معقدة وأربطة عصية لكونية الوعي المجتمعي وثنائية الذهنية الإنسانية العاطفية والتحليلية المتمخضة عنها وبنظرة واحدة فاحصة من التمحيص والتدقيق لمنبع جذور وبذور عدة سطور من أسطر الأيديولوجيات التاريخية فسيدرك بما لا يترك مجالاً للشك مدى فداحة التحريفات والتشويهات المرافقة لهذه الأيديولوجيات أثناء السعي لحل القضية المجتمعية وكأنه كلما كثرت الأيديولوجيات مع مفاتيحها كلما تعاظمت القضية وتكاثرت الأغلال والقيود حول الجسد المجتمعي فعندما يتم توجيه المفتاح باتجاه فتح أقفال القضية وبدلاً من فتحها وحلها تزداد الأقفال وتتفاقم القضية؛ إذ عن طريق التحريف والتشويه تنقلب وظيفة المفتاح وتنعكس، وقبل الإشارة لهذه المفاتيح الأيديولوجية سواء الميثولوجية أو الدينية أو الفلسفية والعلمية ومشتقاتها ومرفقاتها لا بد من تشديد التنويه بأن الذهنية الإنسانية وخليتها النواة ذات الطبيعة الأخلاقية و السياسية الحاملة لهذه الأيديولوجيات والمتمخضة عنها والمستخدمة إياها هو المحدد الأساسي لدورها وتأثيرها في حل القضية المجتمعية من عدمها؛ فطبيعة الذهنية وجوهرها العاطفي والتحليلي متوائم ومتناغم مع الحقيقة المجتمعية إلا أن سلاح الحقيقة هذا قد ينقلب ضده وينعكس مساره وحدّه من الايجابية نحو السلبية ومن الصواب نحو الخطأ ومن الخير نحو الشر، وبشكل عام من الحل إلى اللا حل، وذلك بالتوازي مع فقدان ذلك التواؤم والتناغم، وعليه فالسبيل إلى حل القضية المجتمعية يرتكز إلى جذور هذه الأيديولوجيات ونوعية البذور الذهنية الاصطلاحية الراشدة للتربة المجتمعية الأخلاقية والسياسية0

وبالعودة للإشارة إلى تلك الايديولوجيات؛ فالفارق الجوهري يكمن في حجم ونوعية التحريفات والتشويهات التي لحقت بها فتحولت من إحقاق الحقيقة المجتمعية والرقي بها؛ إلى تشويه الحقيقة إن لم يكن قتلها مع مجتمعيتها وبربط الحقائق العملاقة المؤثرة للحقيقة المجتمعية يتبدى للعيان كيفية تحول الدين إلى الدينوية والعلم والفلسفة إلى علموية وفلسفية وووو للكثير من أمثلة الحقائق المحرفة عن مسارها الطبيعي الحلاّل للقضية المجتمعية نحو اللا حل لا وبل تسرطن القضية المجتمعية بحيث تبتعد بفراسخ شاسعة وغربة فظيعة عن سن الرشد للحقيقة المجتمعية من خلال النهش والتصغير والتنميل المتلاحق بحيث تكون عاجزة على النهوض و الخروج من هزازة الحداثة الرأسمالية وليبراليتها التي تبقي على نمطية المجتمعات أطفالاً صغاراً في ذهنياتها وإن كبُرت في أجسادها وأبدانها و أطرافها فإنها جميعاً تشترك في الطاعة الببغائية والعبودية العصرية العمياء للحداثة الرأسمالية لا سيما المال وعصر المال وبدرجة تفوق تمسك وارتباط الرضيع بحليب الأم.

بالإسقاط على الواقع المعاش للمجتمع والتاريخ والثورة تتبدى ثنائية المعادلة التاريخية وكأن مسار التاريخ مسير بهكذا إحاطة فأينما اتجهنا في أرجاء المعمورة العالمية تتجلى وتتضح صورة تلك الحقيقة أكثر فأكثر و بدلاً من الإشارة إلى التواريخ والأزمنة والأمكنة البعيدة وواقع مجتمعاتها وثوراتها فلنقرب الصورة إلى قلب الحدث النابض بالتاريخ والمجتمعية  الثورية ولننطلق من واقعنا ومجتمعنا وثورتنا ولنسير مع حقيقة القضية المعاشة بالصوت والصورة فعيون الحقيقة ولسانها لازال نضراً برؤية الحقيقة والنطق بها إلّا من ظل متمسكاً بالقالبية الدوغمائية والتحجر الأعمى وكأنه مسير لرؤية الأبيض أسوداً والأسود أبيضاً فضلاً عن الرماديين الماسكين بالعصا من المنتصف والذين تجرهم رياح الأنا والفردية فيما بين الأحضان المتصارعة بحيث لا يملكون من الإرادة والعقيدة والوجدان العام والضمير المجتمعي مثقالاً كافياً من القوة والطاقة ليكونوا ملك أنفسهم وترابهم وتاريخهم وميراثهم ومجتمعهم وأوطانهم.

ففي الوقت الذي يبنى فيه الوطن وتطهر الأرض ويفوح عبق الميراث والتاريخ مجدداً وتتحقق هوية الحقوق الثقافية المادية والمعنوية والمتحققة بمجملها بنظرية وفلسفة الأمة الديمقراطية بإخوة الشعوب واتحادها وعيشها المشترك وتضحيات عاشقيها الفدائيين شهداء الحرية الصانعين لكل هذا المجد من الانتصارات والمكتسبات والقيم بدمائهم الزكية الطاهرة؛ فإن المجتمعية والتنظيم المجتمعي والثورة الذهنية والوجدانية لم ترتقِ بنفس الوتيرة، وإذا ما قايسنا الأزمة المجتمعية المعاشة في خضم العقد المتراكم للثورة والحرب والأزمة والحصار وتلمسنا ردة الفعل الذهنية والوجدانية الحاضرة والماثلة للواقع المعاش وبالانطلاق من ردود الفعل المجتمعية داخل السوق كاختزال لها فالحقيقة التي يجب أن تقال وإن كانت مرة وهي إن آلة الحاسبة الأخلاقية والوجدانية والذهنية الكومينالية التعاضدية المجتمعية تكاد تُفقد من السوق ورغم إن الكل يشتكي ويبكي ويلقي باللوم على من حوله إلّا أن الكل مشترك بإسالة الدموع بدءاً من الدكاكين والبقاليات والمحال إلى التكاسي والفوكسات والباصات مروراً بالمهن والحِرَف وإلى الأفران والصيدليات والعيادات ووصولاً إلى المعامل والمصانع إلى التجار والصيارفة ومع أن اتحاداتها موجودة و مبنية على الكومينالية التشاركية التعاضدية المجتمعية كسبيل ومخرج لتجاوز أزمة القضايا المجتمعية إلا أنه يتم التمسك بالعقم و اللا حل كقدرية تاريخية مسيرة.

معادلة الحل لتصحيح مسار التاريخ المستوجبة للسرعة في تسيير عجلاتها تكمن في الارتقاء بثنائية الثورة الذهنية والوجدانية ثورة العقل والقلب الثورة المادية والمعنوية والسرعة تكمن في غربلة وتصفية وكسر القوالب الذهنية السلطوية الدولتية لأنه الفخ المنصوب أمام المجتمعات والشعوب لأكثر من خمسة آلاف عام وهي السبب والنتيجة لانحراف مسار التاريخ و المجتمع والواصلة في مرحلته الراهنة للحداثة الرأسمالية إلى السرطان المجتمعي ومجزرة التاريخ  وبالتالي لا بد من تجاوز كثرة التقليد الأعمى للتكوم والتراكم المادي البيروقراطي والبرجوازي والمتعاظم في صعود سلالمه نحو الافخاخ الدولتية السلطوية هذا من جانب، ومن جانب آخر تقوية السرعة الروحية المعنوية وتعظيمها بدلا من الركود والانحلال والتشبه النمطي المثلي للحداثة الرأسمالية الذي تتعرض له.

وباختصار جد شديد وبجملة واحدة حلّالة لا بد من وجود شخصيات وأفراد تسطَع في دواخلهم الكفاءة والمقدرة والمؤهل والطاقة والقوة والعزيمة والإدارة والإرادة لتحقيق قفزة نوعية استثنائية خارقة للشخصية المجتمعية نحو الارتقاء بالتناغم والتواؤم المادي والمعنوي لثقافة الحياة الحُرَّة والعيش الكريم كي نحيا ونعيش بصوابية وننشر صوابيتها أفقياً وعمودياً في كل الساحات المجتمعية ونرتقي بسلالم ربيع الشعوب وإخوتها واتحادها وعيشها المشترك على مبدأ وقاعدة الوحدة في التنوع.

زر الذهاب إلى الأعلى