مقالات

جبهة النصرة ستستقطب الإرهاب العالمي بعد داعش

إذا كان الهدف من اجتماعات جنيف إطالة الأزمة السورية وإنهاء ما تُسمى بالمعارضة سياسياً فإن الهدف من اجتماعات أستانا إنهاء مرتزقة المعارضة عسكرياً على الأرض في حين حاولت تركية من خلال أستانا صبغ جبهة النصرة بصبغة شرعية لتمثل أكثر من 3 ملايين من الشعب السوري النازح إلى مناطق شمال سوريا ألا أن خلافات الدول الثلاث التي تسمى بالدول الضامنة حالت دون وصولها إلى اتفاق لاختلاف مصالحها على الأرض السورية.

إن المشهد السوري وبعد دخوله في العام الثامن بات يتضح وخصوصاً من خلال الاجتماعات التي تُعقد بهدف حل الأزمة السورية إذ أن الدول التي كانت سبباً رئيساً في الأزمة السورية وهي كل من تركيا وإيران وروسيا لم تَعُد قادرة على إخفاء طموحاتها على الأرض السورية وظهر ذلك جلياً خلال مؤتمر أستانا و سوتشي؛ فروسيا تحاول أن تفرض نفسها القوَّة الوحيدة على الأرض وذلك بإرضاء كل من تركيا وإيران وإخراجهم من سوريا دبلوماسياً واستطاعت أن تنجح في ذلك إلى حدٍ معين بالضغط على إيران من خلال حليفتها إسرائيل، وإرضاء تركيا من خلال صفقة صواريخ  اس 400 واتفاقات نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عن طريق تركيا بهدف إنعاش الاقتصاد التركي المنهار؛ بالمقابل تخلت تركيا عن حلب ودرعا وريف دمشق للنظام .

 نجد اليوم أن مسارات أستانا قد وصلت إلى مرحلة الاستعصاء وباتت الأوراق مكشوفة؛ فروسيا أكدت صراحة دعمها للنظام السوري في استعادة الشمال السوري الأمر الذي وضع تركيا في موقف حَرِجْ أمام مرتزقتها من المعارضة فكان التوجه إلى إنشاء منطقة خفض التصعيد ووقف إطلاق النار، وهنا حاولت تركيا تبديل وجه جبهة النصرة الإرهابية وصَبَغَتْها بهيئة تحرير الشام مستغلّة بذلك ضمانها عدم قيام أي هجوم في الفترة القريبة لوجود أكثر من 3 ملايين نازح من مناطق مختلفة من سوريا واستخدام ورقة اللاجئين السوريين في تركيا، وهذا ما ترك لديها طابع من الاطمئنان بعدم وجود عملية عسكرية في الفترة القريبة والعمل على مشروعها الإرهابي الجديد.

إيران من خلال وجودها العسكري على الأرض السورية تحاول وبكافة الطرق إنهاء الوجود التركي ومرتزقتها على الأرض السورية وتقاسم السلطة مع روسيا وتدرك إيران أن إطالة الأزمة السورية ومدى قوتها على الأرض يضمن سلامة أراضيها ووجودها في العراق إذ أن الحديث انتقل من ثورة شعبية في إيران وملفها النووي ومطالبة أمريكا لها بالخروج من العراق بات مقتصراً اليوم بالمطالبة بخروجها فقط من سوريا، وإيران تستمر في مشروعها بسوريا وهو أن يكون لها نصيبٌ على البحر المتوسط وهذا ما يقلق إسرائيل وروسيا.

إن الخوف من حدوث كارثة نزوح جماعية عرقلت عملية عسكرية في إدلب إلا أن الخطر الإرهابي الذي تشكله جبهة النصرة وخصوصاً بعد انتهاء مرتزقة داعش على الأرض عسكرياً؛ حيث إنها ستصبح مقصداً لإرهابيِّي العالم خلفاً لداعش سيضع التحالف الدولي والدول الضامنة للأزمة السورية المتمثلة بروسيا وتركيا وإيران بأن تبين حقيقة موقفها من الإرهاب لأن ممارسات جبهة النصرة المدعومة من تركيا تشكل خطراً ليس على سوريا فقط بل على المنطقة بشكل عام وإلّا فإن إنهاء مرتزقة داعش والقاعدة لن يفيد بشيء طالما هناك جبهة النصرة وتسميتها بهيئة تحرير الشام وسيطرتها على مساحة من سوريا وملايين من الشعب السوري.

مما لاشك فيه إن منطقة شمال سوريا ستكون محل استقطاب  واهتمام دول إقليمية والتحالف خلال الفترة القادمة وخصوصاً أن هيئة تحرير الشام أو جبهة النصرة سابقاً جناح القاعدة في المنطقة ستكون محلَّ استقطاب إرهابيِّي العالم عبر البوابة التركية أيضاً؛ مما يشكل خوفاً من تعاظم قوَّة الإرهاب في شمال سوريا ويصبح لتنظيم القاعدة شرعية على الأرض ونقطة تهديد للمنطقة تحلُّ محلَّ داعش وتنوب عنه بعد أن تمَّ القضاء عليه عسكرياً على الأرض.

زر الذهاب إلى الأعلى