المرأةمقالات

ثورة المرأة، ثورة الحرية والديمقراطية

فضيلة سوسن

في بداية الحرب العالمية الأولى والثانية لعبت المرأة دوراً فعالاً في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والتعليمية والتربوية والاقتصادية، وكان لها الدور الريادي في انتاج اقتصاد الحرب في الدول الأوربية والأمريكية رغم كل المعاناة التي تعرضت لها من حالات الاغتصاب والاستعباد، لكن بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قرر النظام البرجوازي إعادة المرأة إلى المنزل، إلا أن المرأة رفضت قرارات تلك الانظمة التي تقوم باستغلالها واستعبادها.

انتفضت المرأة بقيادة النسوة الثوريات أمثال “كلارا زيتكي” و”روزا لكسمبورغ” وغيرهما الكثير من النساء، وقمنَ بالإضرابات والاعتصامات والتظاهرات في البلدان الاوروبية والأمريكية، وتعرضت المرأة للعنف الجسدي والنفسي داخل السجون وخارجها.

في  الثامن من آذار  1908 انتصرت ثورة المرأة في “كوبنهاغن” ونالت المرأة حقوقها المشروعة في دساتير الدول، وقامت المرأة بفتح المنظمات والنقابات النسائية وشاركت في مؤسسات المجتمع المدني وأخذت دورها في صنع القرار ضمن سياسات الدول، كما حصلت على مقاعد في البرلمانات بنسبة 40‎%‎ ، وعند ازدياد الانتاج وتحوُّل النظام البرجوازي إلى الرأسمالي تحولت المرأة إلى سلعة مربحة في الأسواق العالمية باستغلالها وذلك بفتح بيوت الدعارة والنوادي الليلية المرخصة والقانونية في جميع أنحاء أوروبا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية، بينما كانت المرأة في الشرق الأوسط تعيش في النظام الاقطاعي المستبد، وتعيش في حالة الهلع الأُسري والديني الذي يميل إلى البرجوازية الكمبرودرية، ومع ذلك كان للمرأة أيضاً دوراً في مجال التعليم والتربية أمثال “مي زيادة” وصديقاتها، وفي أعوام السبعينات شاركت المرأة في مجالات السياسة والتعليم والثقافة وتم توظيفها في المؤسسات الحكومية ومشاركتها في الانتخابات والبرلمانات في كل من سوريا ومصر والأردن وتونس بنسَبْ ضئيلة جداً.

بينما في المجتمع الكردستاني كانت المرأة الكردية أكثر تحرراً وتطوراً، حيث كانت المرأة الكردية تشارك مجالس الرجال والقرار الأُسري ضمن الكثير من القيم الأخلاقية والاجتماعية، وكانت متطورة في المجالات الثقافية والتعليمية والتربوية وفي القطاع الصحي، وشاركت في الأعمال السياسية.

عند بداية ثورة تحرير كردستان في الجزء الشمالي من كردستان المحتلة من قبل الدولة التركية وعند تأسيس حزب العمال الكردستاني بقيادة الفيلسوف عبد الله اوجلان، شاركت المرأة بشكل فعال ومنظم ضمن صفوف الحزب حيث قدم القائد “عبد الله أوجلان” ضمن فلسفة الحرية دوراً كبيراً للمرأة في النشاطات الحزبية والتنظيمية والعسكرية، إذ قال: “إن لم تتحرر المرأة لا يمكن أن تتحرر كردستان، يجب أولاً تحرير المرأة من عبودية الأنظمة المستبدة العالمية”.

وانطلاقاُ من هذه الفلسفة، نرى ولأول مرة في تاريخ البشرية، قامت ثورة المرأة في روجهلات كردستان، أي ثورة المرأة ضد النظام الإيراني نظام الملالي في شخصية المناضلة Jîna Emînî  تحت شعار Jin Jiyan Azadî   “المرأة، الحياة، الحرية”. وتقوم المرأة بتنظيم نفسها والمجتمع وتقوم بالمظاهرات والاعتصامات وتنظم جميع النشاطات الحزبية والتنظيمية والقيادية في المجالات الفلسفية والايديولوجية والاجتماعية والسياسية والعسكرية  والاعلامية حيث دخلت مرحلة متقدمة ومتطورة من الناحية العلمية والتطور الذهني وحاربت كل الأنظمة المستبدة لحرية المرأة وأصبحت للمرأة أيديولوجية وعلم خاص بها وهو   Jiniloji “علم المرأة”.

أضف إلى ذلك أن المرأة في ثورة روجافا أصبحت أكثر تطوراً في بناء مجتمع أخلاقي حر وشاركت مناصفة في المؤسسات العامة بنظام الرئاسة المشتركة وفي كل المجالات السياسية والاجتماعية والتعليمية باسم منظمة مؤتمر ستار الخاصة بالمرأة ومؤسساتها الإعلامية الخاصة بها.

أما في المجال العسكري فقد أصبحت المرأة في روجافا أكثر تقدماً حيث قامت بتشكيل جيش خاص بها من الفتيات، وواجه هذا الجيش “YPJ”  وحدات حماية المرأة أشرس تنظيم إرهابي متطرف في العالم (داعش)، وقدمت هذه القوات الكثير من التضحيات والشهداء لبناء مجتمع ديمقراطي خال من الارهاب.

ومازالت المرأة في شمال وشرق سوريا تأخذ الصدارة في دورها بالشرق الأوسط بإرادتها الخاصة والحرة، ولذلك نجد المرأة في روجافا وشمال شرق سوريا تحتفل بثورة الثامن من آذار بشكل مغاير عن العالم للتعبير عن تحررها من خلال فلسفة المفكر الأممي القائد عبد الله أوجلان.

 

زر الذهاب إلى الأعلى