مقالات

تعريف أردوغان من مقاومة عفرين

سيهانوك ديبو

مشكلة الكرد بشكل خاص؛ وعموم السوريين وكل شعوب الشرق الأوسط وبعض البلدان الأوربية تكمن في أنهم يتعاملون مع دولة كان آخر تحديث في برنامجها وفي مشروعها قبل نصف حقبة وسنتين. تحديداً منذ العام 1516. إنها الدولة التركية المارقة؛ فأية مصيبة ابتلت بها شعوب الشرق الأوسط؟ مع العلم بأن الشعوب التي وجدت نفسها تحت نير العثماني لأربعمئة عام لم ينل من العثماني إلّا الظلام. يحسب للسلاطين؛ آخرهم أردوغان؛ بأنهم قدمّوا نماذج فريدة من وسائل التعذيب وإبادة شعوب بالجملة وبالمفرق. لا شيء سوى ذلك.

مشكلة الطغاة؛ مثال طاغية العصر أردوغان؛ أن نومهم يستعصى إلا بوجود أنهار دماء. يقلقهم أية فكرة تنويرية ونهضوية؛ فكيف إذا كان مشروعاً ديمقراطياً يلبي إرادة الشعوب وحقها في الحرية والعيش المشترك دون استعلاء ودون اعتلاء لطواغيت. كما الحال اليوم؛ بل منذ أربع سنوات بشكل رسمي في عفرين. عفرين كما روج آفا وشمال سوريا في أنها ترى في هذا المشروع يتحقق أيضاً الانتماء إلى سوريا. وعفرين التي تدار من قبل أهلها وعبر نموذج ديمقراطي الجميع فيه إلى جانب الجميع، والمرأة الحرة بدور طليعي والشباب وتمتثل فيه حقوق التكوينات المجتمعية والتي هي الأقدم تاريخياً من الذين طرأوا لحظة استبداد خلقت لحظات ضعف فتسلل العثماني كما كان من قبله هولاكو وتيمورلنك متسللين.

ليلة أمس؛ ليلة الجمعة؛ تقصف طائرات الاحتلال التركي مناطق من عفرين المدينة ونواحيها بشكل همجي عنيف عشوائي. أردوغان الذي يرى في نفسه بأنه صاحب يوم الجمعة؛ وغلمانه يقولون له بأنه الخليفة الراشدي الخامس. الكذب عند الطغاة هو الحقيقة، ولا مكان للحقيقة عندهم؛ فهو يصدق هذه الكذبة أيضاً. قد أمطر شعب عفرين بقذائف في ليلة يوم الجمعة. داعش من صلب العثمانية وأردوغان أمير داعشي يمتلك السلاح التدميري؛ ولأن مرتزقته يسرقون الدجاج فخطاهم بخطوتين وقصف بل دمّر مسلخين للغنم في كراساني المتاخمة لمركز مدينة عفرين.

لكن؛ لا يرتكب مثل هذا الحقد سوى الخاسر. وأردوغان خسر في عفرين. وعفرين دخلت في يومها الواحد والعشرين منتصرة. مقاومة عفرين تشبه الفكر المقاوم الذي أنتج هذه المقاومة؛ فكر الأمة الديمقراطية والتي من خلالها تم تحرير الرقة من فكر داعش أو فكر العثمانية الجديدة. وعفرين هي سوريا وهي كل الكردستانيين الشرفاء. وهي قضية وطنية بامتياز. والتفسير المهم للذي يحدث؛ كما اختباء مرتزقته هذه اللحظات من خلف مخيّم آطما وقصفهم لمركز جنديرس الشعبي بقذائف الدبابات والمدافع والصواريخ؛ إنما العجز في احتلال عفرين بل الخسارة العثمانية الجديدة في عفرين، من قبل أن تكون جريمة واضحة المعالم ضد البشرية والإنسانية. إنها جريمة حرب.

السلطان أردوغان يعلم كثيراً ما الذي ينتظره. خسارة تلو الخسارة. لا مكان له في تركيا. الزمن بات قصيراً عليه ويتهيأ لإنتاج اللحظة المناسبة لطرده خائباً ذليلاً مثله في ذلك مثل أي طاغية. ومن لا تاريخ له لا حاضر ولا مستقبل له. فكيف إذا كان تاريخه متتلمِذاً على يد إرهابيين كبار من تنظيم القاعدة الإرهابي.

نصف أوراقه أحرقت في كوباني. بانتظار مقاومة عفرين أن تحرقه مع المتبقي من أوراقه. أردوغان لا يشبه أي شيء أنسيِّ. فقط يشبه المطية التي باتت تظهر من أي الزوايا وفي أي الأوقات يتم امتطائه. إنه أقوى رئيس في تركيا أظهر نقاط ضعفه. وأقوى فاشيّ أعلن وأظهر بأن هدفه الكرد الموتى. كما أن هدفه هو الديمقراطية التي تحت القدم. والمرأة التي تنجب وتنحجز في المطبخ فقط. سليل يحرص على تنفيذ سلوكيات أجداده العثمانيين.

هذا هو أردوغان. وهذه هي محاولاته في إحياء العثمانية الجديدة وفي إنعاش داعش والنصرة وعموم القاعدة. وهذه هي مشاريعه بالضد من الشعوب العربية والكردية وعموم الشعوب الأخرى. بالضد من بلدان جوار تركيا. بالضد من كل حرف كُتِب في مواثيق الأمم المتحدة. الأخيرة ومجلس الأمن والجامعة العربية ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها لم تزل صامدة في صمتها. كم هو سمك هذا الجدار الذي أصابكم بالصمم؟ لكنكم تسمعون وترون.

لكن أردوغان يعلم بأنه مطرود مهزوم خاسر؛ وأن مقاومة عفرين هي المنتصرة.

زر الذهاب إلى الأعلى