تقاريرمانشيت

تزايد نشاط داعش تزامناً مع التهديدات التركية بالهجوم على شنكال

خلال الحملة التي قادها التحالف الدولي مع قوات سوريا الديمقراطية والجيش العراقي  2017-2019 للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، هرب عشرات من مقاتلي التنظيم إلى الصحراء الشرقية لسوريا, والبعض الآخر إلى المناطق التي تحتلها تركيا في سوريا, ففي مدينة سري كانيه التي احتلتها تركيا في 2019 عقب الانسحاب الأمريكي الذي أعتبر بمثابة ضوء أخضر من ترامب لأردوغان من أجل شن الهجوم على قوات سوريا الديمقراطية، وتهجير سكان المدينة من الكرد والعرب والسريان والآشور وغيرهم، ضمن مخطط واسع للتغير الديمغرافي والتطهير العرقي.

قبل أشهر مضت أظهرت صور ومقاطع فيديو أشخاصاً وهم يرفعون رايات داعش، ويرددون أناشيد الخلافة ودعوات الانتقام, وقد تظاهروا ضد فرنسا بتحريضٍ من أردوغان, واعترفت الحكومة السورية المؤقتة في مدينة غازي عنتاب التركية بانتشار خلايا تنظيم داعش في المناطق الخاضعة لسيطرتها شمال سوريا عبر بيان نتيجة انتشار مقاطع الفيديو والصور تلك.

وفي الصحراء السورية أعاد من هرب من الإرهابيين  تنظيم صفوفهم, ونصبوا الكمائن على طول الحدود السورية العراقية, وشنوا الهجمات على طرفي الحدود.

لم يكن لقتل (أبو بكر البغدادي) زعيم التنظيم الإرهابي في 2019 وذلك ضمن منطقة حدودية سورية خاضعة لسيطرة تركيا, ومن ثم خلافة أبو إبراهيم القريشي للقيادة أي تأثير سلبي على نشاط التنظيم, وبعد ما يقرب من عشر سنوات من الأزمة السورية وتفاقم الوضع الاقتصادي والانهيار الكبير للعملة السورية، يعيش 80 % من السوريين الآن تحت مستوى الفقر، كل ذلك يدفع الشباب السوري في المناطق التي تحتلها تركيا إلى الانضمام لتنظيم داعش.

ويقدر البنتاغون الأمريكي بأن هناك 30 ألف إرهابي في المنطقة.

تركيا ما زالت تستخدم داعش لتنفيذ أجنداتها

وقد أكد محللون بأن تركيا تقوم بين الحين والآخر باستخدام تنظيم داعش لتحقيق مكاسب داخلية وخارجية، وخاصة حين تشتد الأزمات الاقتصادية أو الضغط السياسي، ووقتها فقط يتم الإعلان عن القبض عليهم والاحتفال بهذا الخبر، إلا أن الأمر مختلف, ففي  شهر أيلول الماضي أعلنت تركيا القبض على (أمير لداعش) في أراضيها يدعى (محمود أوزدن)، ولكن تبين أن (أمير داعش) المزعوم سبق أن اعتقل 6 مرات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وتحججت الحكومة التركية بعدم توفر أدلة مادية ضده.

الانتقام لهزيمة داعش

ألقت السلطات التركية القبض على 82 شخصاً من بينهم أعضاء في حزب الشعوب الديمقراطي بسبب الاحتجاجات التي اندلعت عام 2014 ضد حصار داعش على مدينة كوباني, واتهام الجيش التركي بالوقوف متفرجاً, وذلك قبل عدة أشهر.

ويؤكد محللون وتقارير إعلامية بأن أنقرة استفادت من سيطرة التنظيمات الارهابية وفي مقدمتها تنظيم داعش على الشمال السوري, حيث عملت على نقلهم إلى ليبيا للقتال في صفوف ميليشيات حكومة الوفاق الوطني, ويسعى أردوغان إلى تكميم كل الافواه التي تذكره بعلاقته المشبوهة مع تنظيمات متطرفة على رأسها تنظيم داعش الذي استعمله لتحقيق أجنداته.

هل هناك علاقة بين تفجيري بغداد الانتحاريين وزيارة الوفد العسكري التركي لبغداد؟

أشار (هريم كمال)عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي إلى أن تركيا تستعد لتوسيع هجماتها على حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، مؤكداً على أن بغداد لن تقبل أي تسوية لملف حزب العمال قبل مغادرة القوات التركية للأراضي العراقية, حيث قال لوكالة بغداد اليوم:

تركيا لديها نوايا لتنفيذ حملة عسكرية واسعة, خصوصاً مع تبدل الحكومة في واشنطن، ولكن بغداد لن تقبل أية تسوية لملف حزب العمال الكردستاني بدون مغادرة القوات التركية للأراضي العراقية, ونوّه كمال إلى أن تركيا لديها أكثر من 30 نقطة وثكنة عسكرية داخل الأراضي العراقية، وأن أهداف تركيا في العراق أبعد من حزب العمال, حيث أن القصف التركي تسبب بمقتل مدنيين وتهجير مزارعين من الأراضي القريبة من الحدود التركية.

فهل حصلت التفجيرات  في بغداد بعد رفض الحكومة العراقية مطالب الوفد التركي؟

التهديد التركي بالهجوم على شنكال

أطلق أردوغان مؤخراً تهديدات بشن عملية عسكرية على شنكال التي عانى أهلها الإيزيديين من إرهاب داعش بعد انسحاب القوات العراقية والبيشمركة من نقاطهم هناك إبان هجوم التنظيم الإرهابي, وارتكبت مجازر جماعية بحقهم, وبعد أن تحررت شنكال من إرهاب داعش ولم تتعافى بشكل كامل بعد, ها هو أردوغان يهدد باجتياحها, وحول هذه التهديدات والمستجدات أوضح الدكتور (سربست نبي) أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة (كويه) في مداخلة له على قناة سكاي نيوز عربية, بأن هذه التهديدات التي أطلقها أردوغان بالهجوم على شنكال يأتي في سياق التفجيرات الأخيرة التي حصلت في بغداد, وقال:

إن حصل هذا الأمر فسيهدد الأمن في العراق عموماً, فتدخل القوات التركية في محافظة الموصل سيؤدي إلى انفلات أمني مروع وسيطلق أيدي الجماعات  المتشددة والخلايا النائمة لتنظيم داعش.

وأشار نبي إلى أن تهديدات أردوغان ليست مستغربة, حيث قال:

إطلاق هذا التهديد من قبل أردوغان يعود إلى أمرين, الأول هو فشل أهداف الزيارة الأخيرة  التي قام بها وزير الدفاع التركي ورئيس أركانه إلى العراق في التوصل إلى تفاهم حقيقي مع الحكومة العراقية, أما الأمر الثاني فهناك اتفاق بين إقليم كردستان وبغداد حول الإدارة في شنكال وهذا الاتفاق لم يتم تنفيذه لأن شعب شنكال يرفضه.

وأضاف نبي: السياق الإقليمي والظروف الدولية الحالية غير مهيأة لتركيا من أجل إطلاق عملية عسكرية في شنكال, ولكن إذا تدخل الجيش التركي في المنطقة فسيؤدي هذا الأمر إلى عودة وانتشار تنظيم داعش والسيطرة على مناطق واسعة من الموصل كما حصل في 2014, ولهذا فإن هذا التهديد خطير جداً وينعش آمال داعش في السيطرة على مناطق بغرب العراق.

وتابع نبي:

من جهة أخرى فهناك تفاهم مشترك بعد استفتاء إقليم كردستان بين تركيا وقيادة الأركان العراقية والجيش الإيراني بإغلاق الحدود بين إقليم كردستان العراق والمناطق الكردية في شمال وشرق سوريا, وهذا هو الهاجس الرئيسي الذي يشغل أردوغان, فهو يحاول فرض طوق أمني وعسكري شديد على الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا, من أجل تقويض المشروع الديمقراطي هناك, ولكن مع قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة والمقاربة الجديدة الأمريكية لمستقبل شمال وشرق سوريا والملف السوي,  فالاعتقاد السائد هو أنه من الصعب على أردوغان القيام بمثل هذه الخطوة.

وأكد سربست نبي بأنه إذا قام أردوغان بعملية عسكرية في شنكال فإن الكرد الأيزيديين سيتعرضون لمأساة أخرى ومجازر كما حصل عندما هاجم تنظيم داعش عليهم في 2014, وستحصل كارثة إنسانية, وقال:

سيكون ذلك انتهاكاً واضحاً لسيادة العراق, ومنطقة سنجار هي الآن تحت سيطرة الحكومة العراقية, وهي منطقة متنازع عليها بموجب الدستور العراقي, وهي الآن تخضع لسلطة الجيش العراقي والشرطة العراقية.

واختتم الكتور سربست نبي حديثه بالقول:

أعتقد  أن هذا التهديد جاء بسبب فقدان أردوغان لشعبيته في تركيا, وهو عادةً يستخدم المساجد لإطلاق تصريحات نارية من أجل استقطاب الشارع القومي التركي وتحقيق أهدافه, لا سيما أنه بات شبه معزول إقليمياً ودولياً, ويواجه أزمات داخلية في تركيا, وقوله (أنهم سيأتون ذات ليلة وعلى حين غرة), فهو يدل على ذهنية القرصنة وقطاع الطرق التي تتحكم بالسياسة التركية.

إعداد: جوان محمد أمين   

زر الذهاب إلى الأعلى