مقالات

تركيا والحقبة الديكتاتورية الجديدة

للمرة الثانية يُنتخب رجب طيب أردوغان رئيساً للجمهورية التركية بعد أن نال نسبة 52.7% من الأصوات بشتى الوسائل في الانتخابات التي جرت في 24 حزيران من العام الجاري والتي اعتبرت منعطفاً مفصلياً في الحياة السياسية داخل الدولة التركية.

وبهذه النتيجة يكون أردوغان قد حصل على ما كان يحلم به ويردده في جل خطاباته ليغير ملامح النظام السياسي في البلاد لأول مرة منذ قيام الجمهورية التركية.

 لا شك بأن أردوغان وبكل السلطات والقوانين التي كانت في متناول يديه قد خاض هذه الانتخابات ولا سيما تحالفه مع حزب الحركة القومية ليرسخ بذلك معظم السلطات التنفيذية “صلاحيات الرئاسة” في شخصيته بعد الإعلان عن النظام السياسي الجديد الذي أقرَّ في تركيا خلال التعديلات الدستورية التي اُجرِيَت في نيسان 2017.

وشملت تلك التعديلات إلغاء منصب رئيس الوزراء وتعيين كبار المسؤولين من وزراء ونواب الرئيس من قبل الرئيس نفسه ومنحه حق التدخل في النظام القانوني للبلاد وفرض حالة الطوارئ وإلى ما ذلك من تعديلات يضع البلاد بيد شخص رئيس البلاد.

لاشك وبعد أن حسم أردوغان الانتخابات لصالحه بأي وسيلة كانت فأنه سيمضي مدعوماً بأغلبية نواب حزبه في البرلمان وحليفته الحركة القومية في توطيد أركان النظام الرئاسي الذي تَعَجَّلَ أردوغان في تحقيقه.

أردوغان الذي برز على الساحة السياسية التركية منذ 16 عاما كرئيس للوزراء أولاً ثم رئيساً للجمهورية بعد ذلك مدد سيطرته على الساحة السياسية في تركيا اليوم لخمس سنوات أخرى.

 السؤال كيف سيواجه اردوغان تلك القضايا الكبيرة التي تعاني منها البلاد خاصة وإن أغلب القضايا قد تأزمت في عهده وكان السبب في تفاقمها، كالقضية الكردية، واحتلاله لأراضٍ في شمال سوريا والعراق، وتعاونه وعلاقاته مع تنظيمات القاعدة والمجموعات الإرهابية، وأزمات أخرى تحيق بتركيا خارجياً وداخلياً.

إلى جانب علاقته المتوترة مع الأوربيين، والأمريكيين و دول الخليج( الرياض وأبو ظبي).

مع انتقال تركيا للنظام الرئاسي، فإن تغييرات كبيرة ستطرأ على البلد البالغ عدد سكانه 82 مليون نسمة، لاسيما فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، وصلاحيات الرئيس، ومسؤوليته الجزائية، وصلاحية البرلمان في الرقابة والتفتيش، وآلية عمل السلطة التنفيذية.

وفيما يلي أبرز التعديلات التي ستعيشها تركيا بعد الانتقال للنظام الرئاسي:

 الانتخابات والبرلمان

قضت التعديلات الدستورية، التي جاءت بالنظام الرئاسي لتركيا، برفع عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600، وخفض سن الترشح لخوض الانتخابات العامة من 25 إلى 18 عاماً.

وستُجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تركيا مرة كل خمس سنوات، وفي نفس اليوم، على خلاف ما كانت عليه سابقاً، إذ كان الشعب التركي يتوجه إلى صناديق الاقتراع كل أربع سنوات لاختيار ممثليهم في البرلمان.

صلاحيات اردوغان الجديدة

 يتولى اردوغان الصلاحيات التنفيذية وقيادة الجيش، وهو صاحب القرار باستخدام القوات المسلحة التركية.

 ويقوم بتغيير القوانين المتعلقة بتغيير الدستور

 وإعلان حالة الطوارئ، وتعيين نوابه والوزراء وإقالتهم أيضاً.

وسيتمكَّن الرئيس والبرلمان (53%) معاً من اختيار أربعة أعضاء في المجلس الأعلى للقضاة والمدعين، وبالتالي سيكون المجلس القضائي بيد أردوغان و حليفه؛ كما أن هذا النظام يتيح له تقليص عدد الوزارات إلى( 16) وزارة.

 أما القضايا الداخلية الأساسية التي تواجهها اردوغان فهي الاقتصاد التركي الضعيف حيث وصل العجز الاقتصادي إلى 9%  ووصلت الديون على 270 مليار دولار هبوط الليرة التركية أمام الدولار، والتضخم الداخلي الحاد، بسبب ضعف الصادرات، واستيراد كميات كبيرة من السلاح من موسكو ودول أوروبية عدة، وهذا ما سبَّب تراكم الديون على الدولة التركية.

 أردوغان يعمل على بناء نظام ديكتاتوري استبدادي على مقاساته، وكما يشير أغلب المحللين فأن الجمهورية الثانية ستكون على خلاف وقطيعة مع الأتاتوركية  والتحول سيكون باتجاه الاخوانية وأسلمة المؤسسات  خاصة المؤسسة العسكرية، وبالتالي فأن تركيا أمام حقبة جديدة تتصف بطابع الديكتاتورية الاسلاموية التسلطية على غرار الطابع القوموي لكنعان أفرن.

دوست ميرخان

زر الذهاب إلى الأعلى