الأخبارمانشيت

تركيا والبارزاني … تتريكُ بعشيقة لضربِ المكتسباتِ الايزيدية

مالم يستطعْ داعش المدعومةِ تركياً القيامَ بهِ في جبلِ شنكال الأشم، دفعَ بالبارزاني ومرتزقتهِ من التركمان وبعض العرب السنة، والقوات التركية المتواجدة في باشور، وبدعم من تركيا أيضاً لـ لعب هذا الدور القذر في محاولةٍ ثانية للقضاء على الأخوة الإيزيديين فيها، لذلك ومع تزايد عدد جنود الاحتلال التركي في معسكر بعشيقة، تزداد خطورة الوضع بالنسبة للأقليات الدينية والعرقية في تلك المنطقة المحيطة بمحافظة الموصل شمالاً وشرقاً وغرباً، والتي تشمل مناطق ذو الغالبية الايزيدية بالإضافةِ إلى الآشوريين والسريان والشبك، خاصةً مع تزايد عدد النازحين إلى مخيمات بعشيقة والنواحي المحيطة بها، واستغلالهم من قبل الاستخبارات التركية، وعن طريق أحزاب وميليشيات سنية في مشروعهم الاحتلالي القادم بالمنطقة على غرار جرابلس وإعزاز. الأمر الذي قد يجعل من بعشيقة نقطةً لضربِ الإيزيديين ومكتسباتهم في شنكال وغيرها من المناطق.

ويعتبر الوجود التركي ضمن مناطق تغلغل القاعدة وداعش وغيرها من الميليشيات المتطرفة في العراق قديم، ففي 2003 وعندما تم إنزال جوي للقوات الأمريكية في مناطق بالقرب من كركوك، حيث تم إلقاء القبض على 11 عنصراً مسلحاً، تبين فيما بعد أنهم تابعين للدولة التركية، وحينها نشرت صحيفة تايم الأمريكية تقريراً بعنوان (الأتراك يدخلون العراق)، وقد أكده أيضاً الكولونيل الأمريكي “بيل مايفل”، ليعزز الجيش التركي وجوده بشكل قوي، بعد ذلك خاصة في باشور باتفاق مع حزب البارزاني، ونشأ قرابة 20 قاعدة عسكرية وعشرات المقرات الاستخباراتية في مناطق تواجد الأخير بحجة ضرب حركة التحرر الكردستانية، وحفاظاً على الأمن القومي التركي.

ودائماً ما كان المجتمع الإيزيدي في باشور ضحية أي صفقة سياسية يقوم بها البارزاني في المناطق المتنازعة عليها ضمن العراق، كما أن تركيا تلهث لتبقي لها موطئ قدم في تلك المنطقة أكثر من أي أحد آخر، لأهدافٍ احتلاليةٍ تاريخية، فبدءً من مجزرة (سيبا شيخ خدر) و(تل عزير) في 2007، مروراً بالإبادة في 2014 بشنكال ونواحيها، انتهاءً بهجمات خانه صور الأخيرة، كلها تحركاتٌ كانت للقوة المجتمعة الآن في معسكر بعشيقة اليد فيها، فما هي أهمية بعشيقة؟ ومن هم هؤلاء المتمركزين فيها؟ وماذا يُحَّضِرُ حزب العدالة والتنمية من مؤامرة بتشكيله مرتزقة بالوكالة؟ ومن المستهدف؟

بعشيقة واستراتيجيتها الجيو عسكرية بالنسبة لتركيا

تعتبرُ منطقة بعشيقة أكثر النقاط استراتيجيةً وأهميةً في محافظة الموصل، كونها ذو طبيعة جغرافية مميزة، تملك ثلاثة جبال هي ( بعشيقة – مقلوب – مغار )، تغطي مساحة كبيرة من الحدود الشرقية والشمالية للموصل، بالإضافة إلى قربها الكبير من المدينة، لتشكل إطلالةً واسعةً على الموصل وقضاء تل كيف، وعلي رش والشلالات حتى أطراف تلعفر.

ومن الناحية الديمغورافية فأنها تعتبر منطقة ذو غالبية وكثافة ايزيدية مع وجود السريان والآشور والشبك، حيث تمتلك العديد من المزارات المقدسة الإيزيدية والكنائس المسيحية الآرثوزوكسية والكاثولوكية، بالإضافة إلى مواقع أثرية مهمة في جبالها المطلة على موصل، كما أنها معروفة بتسميتها المشهورة “أرض الزيتون” لكثرة زراعة الزيتون في منطقتها ولنوعيتها الجيدة.

أما بالنسبة لتركيا فأن بعشيقة تعتبر أقرب نقطة تصل تركيا بحدود المناطق السنية في الداخل العراقي بمسافة 95 كم على الأكثر، وهي الفاصل الاستراتيجي للحدود بين تخوم محافظة دهوك والأراضي ذو الغالبية السنية في الشمال العراقي، كما يقطعها طريقٌ بريٌ يصلها بمعبر إبراهيم الخليل الحدودي، حيث يتحرك الجيش التركي بين بعشيقة وباكور كردستان المحتل من معبر إبراهيم الخليل، وإليها عبر جنوب دهوك بكل سهولة ودون أية عراقيل أو مخاطر تذكر، كونها تملك أكثر من 18 قاعدة عسكرية ومقر استخباراتي في دهوك وحدها، وقد أنشأ قاعدتها العسكرية في بعشيقة منذ 1995 إلا أنها عززته بالسلاح والعتاد الثقيل في 2015.

البارزاني مَتَّنَ وجود الجيش التركي في بعشيقة وأحتضن آل النجيفي الموالية لتركيا خدمةً للأخير.

بعد سقوط الموصل في يد داعش، جراء صفقة سياسية لقوى محلية واقليمية توجه محافظها أثيل النجيفي وشقيقه أسامة النجيفي رئيس مجلس نواب العراق والمطلويين للاعتقال والمحكمة على خلفية تورطهم بالصفقة في موصل، إلى مدينة بعشيقة جاعلين منها قاعدة لهم ولميليشياتهم السنية والتي تسمى بالحشد الوطني، لتبدأ بعدها تركيا بحشد قواتها واستخباراتها إلى هناك بحجة التدريب والاستشارة العسكرية في ضرب داعش، فيشكل خلالها ميليشيات تركمانية وتدخلهم ضمن المعسكر إلى جانب الحشد الوطني.

“ويملك آل النجيفي نفوذاً واسعاً في الموصل ضمن الوسط العشائري السني، وكانوا يعتبرون العدو اللدود للشعب الكردي والمعروفون تاريخياً بولائهم لتركيا منذ عهد قديم، حيث أنهم أول من طالبوا باستفتاءٍ في الموصل لضمها إلى تركيا.

وأزداد خلال الفترة الماضية المشادات الكلامية والتراشق بالبيانات المضادة فيما بين تركيا والحكومة العراقية، على خلفية تزايد الوجود التركي في بعشيقة وتحركها دون علم الحكومة في المنطقة، إذ تحركت الأخيرة عن طريق إدارة هولير، لتخرج تركيا بتصريح على أنها سوف تسحب قسم من جنودها، ليكون ذلك “ظاهرياً” لا أكثر.

فمع بدء تحرك القوات الحكومية مع ميليشيات شيعية نحو تحرير الموصل، وقيام وحدات مقاومة شنكال وحماية المرأة الإيزيدية بتحرير مناطق واسعة من قضاء شنكال، سارع أردوغان بتحريك وكلائه في العراق؛ سواءً حزب البارزاني وآل النجيفي، ليلتقي اليوم في بعشيقة كل من البارزاني والنجيفي وأردوغان، فيأسس الأخير حزباً سنياً، ويسلح ميليشياتها، ويدفع لهم رواتبهم ومعدات، ويوجههم وفق سياساته الاحتلالية دون أية رادع من الحكومة أو أية جهة مسؤولة في العراق.

والسؤال يكمن هنا، بما أن الدولة التركية ليست قوة ضمن التحالف الدولي في العراق ولا في عملية تحرير الموصل، فماذا تفعل في بعشيقة، وما هي نواياها؟

تركيا تعمل في بعشيقة على غرار جرابلس وإعزاز، ومخاطر على الوجود الإيزيدي

كما في حلب ومناطق الشهباء، يكرر أردوغان اليوم سياساته في العراق في معركة الموصل، فبينما يقوم الجيش العراقي وميليشيات الحشد الشعبي بحربها على معاقل داعش في الموصل ومحيطها، تقوم الدولة التركية ببناء أحزاب سياسية سنية ومنظمات تركمانية سنية لتشكل ميليشيات مسلحة مذهبية مثل الحشد الوطني وغيرها، على غرار درع الفرات السوري، وتجمعهم في بعشيقة الإيزيدية لأهداف سياسية وعسكرية مستقبلية، حيث لم تقم تلك الميليشيات التابعة للدولة التركية من مهاجمة داعش، ولم يذكر لها نقاط في حربها إلا إعلامياً، حتى إنها لا تشكل جزءاً من التحالف الدولي ضد داعش.

كما تقوم الدولة التركية بتحريك الوكلاء ومنظماته الإغاثية في مخيمات بعشيقة وغيرها، والتي تضم نازحي الموصل وتلعفر ومناطق سيطرة داعش، لتستغلهم كما في سوريا، وتشكل قوة سنية مذهبية، الأمر الذي يهدد الوجود الإيزيدي في المنطقة قبل أي كردي في باشور وكردستان عموماً.

لا نقبل بأن تكون بعشيقة نقطة ضرب الإيزيديين في شنكال أو غيرها

نسيم شمو الناشط الإيزيدي من روج آفا عَبَّرَ عن عدم ارتياحهم كإيزيديين من التحرك التركي في كل من بعشيقة وبحزاني، ونوَّهَ على أن الوجود التركي في أي مكان يعني تغييراً ديمغرافياً في المستقبل، وتشجيعاً إسلامياً سنياً متشدداً واحتلالاً، مذكراً بما فعله أردوغان ضد إيزيديي روج آفا، قائلاً:” بعشيقة وبحزاني بالنسبة لنا تعتبران كمراكز أساسية لديانتنا وثقافتنا، وتعتبران كنقطة لحماية الإيزداتية وثقافة مجتمعها في منطقة شيخان كلها، والخطورة الكبرى تكمن في وجود الجيش التركي هناك، ونحن غير مطمئنون من وجودها”.

وأضاف شمو “تركيا هي التي هاجمتنا في سري كانيه وعفرين وأدخلت جبهة النصرة وغيرها مرفقة بدباباتها لتحرق عشرات القرى الإيزيدية، وهي التي أبرمت مع البارزاني وقوى إقليمية صفقات لإبادة الإيزيديين بشنكال في اجتماع عمان السري، فكيف سنقبل بوجودها على أرض إيزيدية بحته؟ وكيف سنتحمل أن تكون مناطقنا نقطة لضرب شعبنا في شنكال وروج آفا وكركوك؟ بالتأكيد يجب أن يقف شعبنا يداً واحدةً ضد هذه المؤامرة التي تُحاك من قبل البارزاني وأردوغان، والهادفة إلى بناء تشكيلات على غرار مرتزقة درع الفرات في مناطق الشهباء”.

وجود تركيا يعني وجود داعش والتطرف ضد الأثنيات

من جهتها عبرت المُدَرِّسة والناشطة الإيزيدية في ناحية بعشيقة بسمه جيجو، عن قلقها من الوجود التركي في منطقتهم، مشيرة إلى رفضهم الصارم من الوجود التركي، وذلك خلال لقاء مع وكالة أنباء هاوار عبر البريد الألكتروني، وقالت بسمه “نحن كإيزيديين في منطقة بعشيقة نرفض الوجود التركي في أرضنا، كونها الداعمة الرئيسية للجماعات المتطرفة، وهي سبب الأزمات الحاصلة هنا، فوجودهم يعني وجود داعش، لذلك لا نرتاح لهم أبداً، فنواياهم معروفة للعيان، وعلى الجميع أن يعرف أنهم خطر على الإيزدياتية”.

هذا وقد هاجم مسلحون وميليشيات تدربوا وتجمعوا في بعشيقة سابقاً، يقودهم كل من الاستخبارات التركي (الميت) والبارتي (الزيرفاني)، على خانه صور التي تحميها وحدات مقاومة شنكال وقوات اسايش إيزيدخان في الثالث من آذار الفائت، حيث استشهد عدد من الصحفيين والمدنيين وعناصر من قوات اسايش إيزيدخان الذين وقفوا بشكل سلمي أمام مدرعاتهم حتى لا يحتلوا المنطقة، ليزداد سخط المجتمع الكردستاني والرأي العام الإيزيدي والعالمي ضد تلك الهجمات مطالبين بوقف مخططات تركيا والبارزاني ضد الإيزيديين.

المصدر: وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى