الأخبارمانشيت

بيان حزب الحداثة بمناسبة الذكرى السادسة لتأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية

عانى الوجود السوري قديمه وحديثه من فوات معرفي كبير استمر لقرون طويلة، تناوبت عليه نكوصات وارتكاسات أو استنقاعات وحالات ستاتيكو قاتلة، وبقي السوريون آنذاك مستمرون في تشكيل مساحات اجتماعية حاملة للقهر والفقر والاستلاب، وقد تمكنت منهم كل عوامل الغياب عن حركة التاريخ، وكل شروط الانقطاع عن ثقافة الحداثة الديمقراطية، ولم تكن تلك الشروط مرتبطة بأبعاد سياسية اقتصادية لها علاقة بالاستبداد وغياب العدالة الاجتماعية وسيادة قوى الهيمنة والتسلط والفساد فقط بل كانت اعمق وأكثر تجذرا، كانت هذه الابعاد منشدة على الدوام الى جذور معرفية ابستمية عميقة، جذور تنتج في علاقة جدلية مع اطر سياسية معاصرة شروط القهر والقمع وتغيب ثقافة حقوق الانسان وتحبط كل ارادة في التحقق والتحرير والحضور، لذلك كان طبيعيا أن يتفجر الحدث السوري عام ٢٠١١، والاختلال بين الوضع الذي يعيشه السوريون وبين شروط الحياة الاجتماعية السياسية الحديثة بما تعنيه من تعيينات اقتصادية اجتماعية وتكنولوجية وسياسية مركبة قد بلغ مداه، وبات التوازن مستحيلا بين بنى السلطة / القيمة / المحدد المعرفي السائد في سورية من جهة، وبين النمط الاجتماعي الكوني للبنى المادية المعلوماتية والتقنية والقيمية من جهة أخرى.

لكل هذا ولد الحدث السوري ثوريا، تتنازعه اطراف اجتماعية مختلفة وتتفاعل فيه وتتصارع قوى عديدة، لكل منها اراداتها و مصالحها، ورؤيتها وادواتها، وكانت قد انخرطت تلك الاطراف وهذه القوى في مسارات ثلاث، اولها مدافع عن فساده وقمعه وتسلطه، وتلك قوي السلطة ودوائرها والمنتفعين منها او المحكومين بتكويناتها الدينية والمذهبية، وثانيها يحارب السلطة بأدواتها له ذات الوجهة المعرفية وذات نظام انتاج السياسة من حيث تلوي إلى رفض التعدد واعلان الحرب على الاخر وعدم الاعتراف به، وتلك قوى مختلفة من حيث تمثلها لما سلف، تحوي من كانوا يصنفون بانهم معارضون تاريخيون للنظام، واخرون جددا انشقوا لأسباب مختلفة ليس منها ما ينتصر بعمق للديمقراطية والحداثة، ونموذج اخير تفجرت فيه قروسطية مجرمة وارهابية لم يمكن تخيل وجودها ابدا، اما ثالثها فقوى ادركت خلال صيرورة سياسية وايدويولوجية وفلسفية غنية وغزيرة أن تحقيق التغيير لا يأي فقط بتغيير اشخاص ولا حتي بتغيير نظام و سلطة وانما يحصل في تغيير السقف الفلسفي والوجهة المعرفية للسياسة،هذه القوي انتهجت خطا ثالثا، تحركت في ظرف بالغ التعقيد، في واقع ملتو ومتداخل واحترابي، فمارست السياسة كما يليق والتزمت الدفاع عن ذاتها ومشروعها في حالة الحرب، وقدمت نموذجا نظريا يسعى للتحقق العملي في واقع متفجر وصعب، يستحق ان يبذل له كل ما يمكن بذله، هذه القوى هي التي أسست الادارة الذاتية الديمقراطية في كانون الثاني من عام ٢٠١٤.

وكان طبيعيا وموضوعيا ان ينخرط حزب الحداثة والديمقراطية لسورية في صف هذه القوى، فهو يشترك معها في عناوينها الكبرى، في رهاناتها وكذلك في سقوفها الفلسفية، وسيستمر مدافعا عن تجربة الادارة الذاتية الديمقراطية كيفما اتيح له ذلك، يسير مع قواها المختلفة ، يتفاعل معها، ففي نجاحها نجاح لمشروعه وفي تحقق رهاناتها تحققا لرهاناته وتكريسا للوضع الذي وجد من اجل ارسائه.

لكل ذلك فإن حزب الحداثة والديمقراطية لسورية واذ يتوجه بالتهنئة لمكونات الادارة الذاتية السياسية والاثنية و الدينية بمناسبة الذكرى السادسة لتأسيس الادارة الذاتية الديمقراطية، يوكد أن احتفاءه بتلك الذكرى انما يكون بالتفاف اعضائه ومنتسبيه واصدقائه وحاضنته الاجتماعية حول مشروع الادارة الذاتية لدعمها ومساندتها والذود عنها، لنقدها وتصويب مسارها ان لاح خطأ ما وتسليط الضوء على كل من يتهدد هذا المشروع، والوقوف في وجهه كائنا من كان.

أخيرا، ولأنه لم يكن ممكنا لمشروع الادارة الذاتية ان يكون، لولا وجود شخصية المناضل الاممي عبدالله اوجلان على رأس مشروع الحداثة الديمقراطية والمجتمع الديمقراطي والامة الديمقراطية، منظرا ومفكرا وفيلسوفا ملهمها، فلا يمكن الا ان تكون اكثر التهنئة نبلا وعلوا هي التهنئة للمناضل الكبير اوجلان فكل عام وهو حر رغم انف السجن والعزلة والاستبداد.

◦ كل عام والادارة الذاتية الديمقراطية إلى تحقق وتكريس.

◦ حزب الحداثة و الديمقراطية لسورية

◦ ٢٠ كانون الثاني ٢٠٢٠

زر الذهاب إلى الأعلى