مقالات

بعيون كردية .. نصر الحريري في أربيل

دوست ميرخان

بعيداً عن ما أرتكبه ويرتكبه المحتل التركي والمجموعات المرتزقة الإرهابية في عفرين وسري كانيه وكري سبي من انتهاكات وجرائم حرب وعدوان جاءت زيارة وفد ما يسمى بـ”الائتلاف السوري” في إطار السياسة العامة للدولة التركية تجاه الكرد والتسلل عبر الخاصرة الرخوة إلى العمق الكردي، لكن اعتقد إن هذه الزيارة لن تحقق اهدافها في إمالة المقاومة الكردية عن مسارها الطبيعي والتاريخي.  

شكل زيارة نصر الحرير ومن رافقه إلى “أربيل” عاصمة “اقليم كردستان العراق” حالة من التذمر الشديد لدى عموم الكرد بمن فيهم  بعض مناصري المجلس “الانكسة” في الداخل، لما سيكون لهذه الزيارة من وقع على القضايا الداخلية للبيت الكردي الذي يعاني من خاصرة رخوة توظفها تركيا واعداء الكرد ضد أي مكسبٍ كردي ليس فقط  في سوريا وإنما في عموم جغرافية الكرد.

هذه الزيارة وإن كانت اعتيادية لجماعة الأخوان واخوانهم من “الكورد” اتباع نهج “الكورداياتي” إلا إنها لم تكن مرحبة بها من قبل الكرد الذين ينعتهم الحريري و أخوانه في الذهنية والمنهج بالانفصاليين والارهابيين، ووجهة بسخط أكبر عندما استقبل من قبل زعيم اقليم كردستان السيد مسعود البرزاني.

هناك جملة من الاستنتاجات البسيطة التي يمكن استخلاصها من هذه الزيارة التي تحمل مضامين مكشوفة في مقدمتها تأكيد  الحريري وقادات الارتزاق على تدشينهم  لعملية التتريك في عفرين ورأس العين وكري سبي وهذا التحرك ليس من تلقاء ذات ما يسمى بالائتلاف أنهم مجرد أدوات ارتزاق لا أكتر ينفذون الاوامر التركية الحال ذاته لشركائهم الكورد.

 وبحسب شلال كدو عضو الانكسة، زيارة وفد نصر الحريري الذي ضم كلٍ من ياسر الفرحان المعروف  بشوفينيته وقرابته من تنظيم داعش، و ربى حبوش ” مبهرجة الائتلاف ” وأخرون تكملة للتعدد والعدد، جاءت لتمتين العلاقة الراسخة بين الائتلاف الأخواني و” أشقائهم الكورد”. لذا كان التركيز على تطوير سبل محاربة الإدارة الذاتية واضعافها وإن أمكن القضاء عليها، وهذا ما اتضح بشكل مباشر في التصريحات النارية  للوفد واخوانه واشقائه حتى قبل وصولهم إلى “أربيل”.

 زيارة الوفد المفلس سياسياُ على الساحة السورية والدولية تأتي في إطار كسب نوعاً من الشرعية التي أفتقدها أخوانه من الكورد أيضاً على الصعيد الداخلي والخارجي، فمجمل سياسة الائتلاف وشريكه الأنكسة بات مبنياً على محاربة الكرد  حتى إن مسألة النظام السوري بات ضمن الثانويات يتناقشها أنس العبدة مع بيدرسون في كيفية الحصول على بعض المناصب ضمن التشكيلة الوزارية القادمة للنظام السوري، هذا إن لم يكونوا أنفسهم حوامل لعودة النظام ضمن توافق روسي- تركي – إيراني.

من المعروف إن الحريري ووفده وأخوانه وحتى أشقائه ليس بمقدورهم فرض أي أوامر على أصغر عنصر من عناصر الفصائل المرتزقة  كما ليس بمقدورهم أن “يباتوا”  ليلة واحدة داخل الاراضي السورية الخاضعة لسيطرة الاحتلال التركي،  و غير مرحبٍ  بهم حتى من قبل سكان تلك المناطق  وبالتالي مثل هذه الزيارات الاستعراضية في شكلها وتآمرية في مضمونها يكشف حجم التآمر الذي يتعرض له الشعب الكردي على مدى  السنين والعقود الماضية فتاريخ الكرد والمنطقة عموماً حافل بمثل هذه الحلقات، فكم من مرة تسلل عدو الكرد إلى داخل البيت الكردي عبر تلك الخاصرة التي تتبدل في الشكل هي أيضاً.

بالطبع رهان الشعب الكردي  لم يكن في يوم من الأيام على الشخصيات والتيارات الانتهازية وإنما كان على نفسه  وعلى  حركة المقاومة التي امتدت إلى يومنا هذا خاصة وإن الشعب الكردي في روج آفا وسوريا اتخذ قراره وخياره في المواجهة وحماية مكتسباته.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه على خلفية هذه الزيارة متعلق بمصير الحوار الكردي – الكردي الذي يرعاه الجانب الأمريكي ، فهل سينسف هذه الزيارة كل ما تحقق في هذا الاطار هذا إن كان هناك شيء قد تحقق أصلاً ؟

اعتقد إن الخيار متعلق بأعضاء المجلس الوطني الكوردي في الداخل، هل سيحسمون موقفهم وينفصلون عن الجسد الفاسد  وبالتالي سيكونوا اصحاب موقفٍ تاريخي أم أنهم مجرد أرقام وموظفون خائفون على رواتبهم التي يحصلون عليها دون بذل أي جهد؟. بالطبع الخيار صعب بالنسبة لمن اعتاد على العيش برفاهية وإن كانت مذلة.

زر الذهاب إلى الأعلى