مانشيتمقالات

بعد 23 عاماً ومازالت مؤامرة 15 شباط مستمرة..

دجوارأحمد آغا

لدى الكتابة أو الحديث عن المؤامرة الكونية التي جرت بحق القائد والفيلسوف الكردي عبد الله أوجلان, ينتابني شعور غريب عجيب حول حقيقة الإنسان ضمن هذا الكون الذي نعيش فيه,ومفهوم الإنسانية بشكل عام. فبعد مرور ثلاثة وعشرين عاماً خلف القضبان والاعتقال الجائر, ندخل العام الرابع والعشرين لهذه المؤامرة المستمرة حتى هذه اللحظة, من خلال سياسة التجريد والعزلة المفروضة بحق القائد APO في معتقل إمرالي.

يتوجب علينا أن نفكر ونتساءل عن السر الذي يجعل القوى العالمية المتنفّذة تخشى إطلاق سراح القائد أوجلان, وليس هذا فقط, بل تُغمض عينها عن الإجراءات الغير قانونية والغير أخلاقية والبعيدة كل البعد عن جوهر الإنسانية الحقيقية, التي تقوم بها دولة الاحتلال التركي وأمام أنظار العالم أجمع دون أن يتحرك أحد ساكناً, لكن في الوقت نفسه, لدينا الجواب لتساءلنا, وقد أصبح واضحاً وجلياً لمعظم أبناء شعبنا الكردستاني ولشعوب العالم المحبة للسلام. هذا الأمر لم يأتي من فراغ, بل أتى بالدرجة الأولى من المقاومة التاريخية التي أبداها القائد أوجلان منذ اللحظة الأولى لخطفه واعتقاله وتسليمه للدولة التركية, التي انصدمت من ذلك ومن خلال التسريبات التي حدثت, قال ساستها “لماذا سلمونا هذه القنبلة الموقوتة” هذه هي الحقيقة التي حاول الساسة الأتراك إخفائها والظهور إلى العلن بأنهم قد حققوا انتصاراً عظيماً وقبضوا على العدو الأول والأخطر منذ تأسيس الجمهورية التركية, تناسوا عمداً أنهم لم يقبضوا على القائد أوجلان إنما تم تسليمه لهم من جانب القوى الرأسمالية العالمية المسيطرة وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل. حاولت دولة الاحتلال التركي أن تُظهر فرحها وسعادتها بهذا الأمر, ولكنها في حقيقة الأمر لم تكن تدري ماذا تفعل, إلا إن ذلك لا يعني بأنها لم تكن سعيدة بالفعل, هي كانت تعيش لحظات نشوة الانتصار.

يتحدث القائد أوجلان حول هذه المسألة بالقول:”لقد أُتي بي إلى إمرالي قوة النظام المهيمن, أي نظام الحداثة الرأسمالية الذي ترُدُه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي, والأهم من ذلك, أنه لم يؤت بي عن طريق القوى الشرعية أو بالسبل القانونية, بل بطريقة غير شرعية وخارجة على القانون”.

نعم هذه هي الحقيقة, لم تستطع تلك القوى المتنفذة على مستوى العالم أن تعتقل القائد أوجلان بطريقة شرعية وقانونية لأنه كان ومازال صاحب حق وصاحب قضية, يدافع عن قضية تحرير الشعوب من براثن السلطة والاحتكار والاستغلال, يدعوا إلى امتلاك الشعب لإرادته الحرة ولزمام الأمور وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء مجتمع ديمقراطي حُر يتخذ من حرية المرأة أساساً له, مجتمع يحافظ على الطبيعة ويتأقلم معها, مجتمع يعشق الحياة الحرة ويُقدّس العلاقة الرفاقية القائمة على الروح الإنسانية السامية والمتعالية عن المصالح الشخصية والمنفعة الآنية, بعيداً كل البعد عن هذه المفاهيم والممارسات التي زرعتها هذه القوى الرأسمالية المتنفذة والساعية للوصول إلى الربح الأعظمي وبأسرع وقت ومهما كان الثمن.

إن فكر وفلسفة القائد أوجلان تعمل من أجل إعادة إحياء القيم والمبادئ الإنسانية النبيلة, وذلك من خلال الأمة الديمقراطية والتي من خلالها يتم حل كافة القضايا العالقة ويقوم المجتمع والشعب بتنظيم نفسه وإدارة نفسه بنفسه من خلال تشكيل الإدارات الذاتية الديمقراطية وهو ما يحصل لدينا هنا في مناطق شمال وشرق سوريا حيث تعمل الشعوب من أجل تحقيق وتحرير ذاتها من سيطرة السلطة, لذا نرى تكالب الأعداء من جميع الاتجاهات علينا, فمن جهة تقوم طائرات ومسيرات دولة الاحتلال التركي بقصف المناطق الآهلة بالسكان المدنيين بشكل عشوائي ومستمر إلى جانب تشديد الحصار وقطع المياه وإطلاق التهديدات المستمرة باجتياح المنطقة, ومن جهة أخرى هناك الطابور الخامس الذي يطبل ويزمر بشكل مستمر لتشويه هذه الإدارة التي تحققت بفضل دماء الآلاف من الشهداء وبفضل نهج وفكر وفلسفة القائد أوجلان (الأمة الديمقراطية والعيش المشترك وأخوة الشعوب) .  

بهذه الإدارة الذاتية والالتفاف حولها وتقديم الدعم والمساندة لها خاصة وأنها تمر في ظروف عصيبة وتواجه قوى محلية وإقليمية ودولية, نستطيع أن نواجه المؤامرة الكونية بحق القائد أوجلان, فخروج مسيرات شعبية ضخمة في سائر مناطق شمال وشرق سوريا وبمشاركة واسعة من جميع أبناء المنطقة من كرد وعرب وسريان وآشور وجركس وتركمان, وتشابك يد المسيحي مع المسلم ويتوسطهم الايزيدي في هذه المسيرات, لهو أكبر دليل على كفاح ونضال شعوب المنطقة بلا هوادة في الحفاظ على المكتسبات المتحققة بفضل تضحيات شهداؤنا العظام. 

زر الذهاب إلى الأعلى