الأخبارالعالممانشيت

بروفيسور أمريكي: يمكن لبايدن أن يؤثر إيجاباً على القضية الكردية

رأى البروفيسور (ديفيد رومانو) أستاذ سياسة الشرق الأوسط بجامعة ولاية ميسوري بأنه من غير المتوقع أن تلتزم الإدارة الجديدة للبيت الأبيض بالصمت إزاء انتهاكات تركيا لحقوق الكرد, واستهدافها للسوريين والعراقيين.

جاء ذلك في مقالةً كتبها رومانو لموقع  ARABNEWSوهذا نص المقالة:

وصف بايدن أردوغان علانية بأنه مستبد، مما يشير إلى أنه لن يكون مستعداً لاستيعاب نزوات الرئيس التركي.

وسيحتفل عدد كبير من الكرد في تركيا وأماكن أخرى برحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما يغادر منصبه في 20كانون الأول, وسيتذكر الكرد في العراق عندما وقفت إدارته في وجههم خلال استفتاء الاستقلال، مما سمح لإيران وبغداد والميليشيات الشيعية بالهجوم عليهم، وحاصرتهم تركيا.

خلال إدارة ترامب لم يكن لدى تركيا سبب كافٍ للخوف من الغضب الأمريكي بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان, حيث اعتقلت وسجنت الآلاف من نشطاء حزب الشعوب الديمقراطي وممثليهم المنتخبين, وكذلك سحب ترامب القوات الأمريكية من الحدود التركية في شمال شرق سوريا بشهر تشرين الأول 2019 ، وأعطى أردوغان الضوء الأخضر لغزو المدن والبلدات الكردية هناك والتطهير العرقي لمئات الآلاف منهم.

وجدت القوات الكردية في سوريا (التي أنهت للتو الحملة البرية الناجحة ضد داعش) نفسها تتعرض للخيانة من قبل إدارة أمريكية قاسية ولا يمكن التنبؤ بتصرفاتها, فقبل أيام قليلة من إعطاء ترامب الضوء الأخضر للعملية التركية بمكالمة هاتفية مع أردوغان، أقنع الأمريكيون الكرد السوريين بإزالة تحصيناتهم التي شيدوها بالقرب من الحدود التركية (لطمأنة تركيا).

لذلك يتطلع معظم الشعب الكردي إلى تولي الرئيس المنتخب جو بايدن زمام الأمور في واشنطن, وفي تركيا التي تضم حوالي نصف السكان الكرد في العالم، يأمل الكثيرون أن تضغط إدارة بايدن الجديدة على أنقرة لوقف حملاتها العسكرية ضد الشعب الكردي, والعودة إلى طاولة المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني (PKK), وعلى أقل تقدير يأملون ألا تظل الإدارة التي يقودها بايدن صامتةً بينما تدوس حكومة أردوغان على حقوق الإنسان في تركيا, وتشن ضربات عسكرية ضد الكرد في سوريا والعراق أيضاً.

خلال فترة إدارة أوباما شغل بايدن منصب نائب الرئيس, وتخلت حكومة أردوغان عن عملية السلام (التركية –الكردية) في عام 2015 عندما كانت إدارة أوباما لا تزال في السلطة, وفي ذلك الوقت استطاع حزب الشعوب الديمقراطي في صيف 2015 أن يُفقد حزب أردوغان أغلبيته في البرلمان من خلال الانتخابات, ولكنه وبسبب هذه النتيجة دعا إلى إعادة الانتخابات في نوفمبر.

وبين يونيو ونوفمبر تخلت حكومة أردوغان عن عملية السلام مع الكرد, واستأنفت الحرب ضد حزب العمال الكردستاني, وقام الجيش التركي بأكبر حصار على المدن الكردية في تركيا، مما أدى إلى حرمان الكرد  من حقوقهم.

وبعد تصويت نوفمبر 2015  شكل أردوغان حكومة جديدة مع حزب الحركة القومية اليمينية المتطرفة والمناهضة بشدة للكرد (MHP).

ازدادت عسكرة نهج أنقرة تجاه القضية الكردية بشكل أكبر في ظل شراكة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية, وفي عامي 2015 و 2016  تم تدمير مجموعة من المدن بالكامل ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق تركيا كجزء من حملة مكافحة التمرد, وفي بلدة “جزير” أحرق الجيش التركي المدنيين الكرد أحياء كانوا مختبئين في قبو.

 إن ما تلقته إدارة أوباما حقاً من أنقرة كان عبارة عن عدد قليل من الضربات الجوية التركية الرمزية ذات الأهمية القليلة ضد تنظيم داعش, وتصعيد الهجمات الشديدة ضد حلفاء أمريكا الكرد في سوريا.

وأفادت حكومة أردوغان بأن كل هجوم عبر الحدود وعمليات التوغل والغزوات المختلفة في سوريا هي عمليات ضد المنظمات الإرهابية في سوريا, مساوياً بين داعش والقوات الكردية, حتى أن تركيا وظفت مقاتلي داعش السابقين وغيرهم من الجماعات المتطرفة السورية بين الفصائل المرتزقة التابعة لها في هذه العمليات، مما أدى إلى تفاقم مشاكل سوريا مع الإسلاميين المتشددين.

انتهاكات تركيا لحقوق الإنسان ضد الكرد في كل من سوريا وتركيا, والضربات الجوية التركية في العراق التي كانت تقتل أحياناً أفراد الجيش العراقي والمدنيين في أماكن مثل شنكال، لم تلق حتى ولو أي توبيخ أمريكي لتركيا في عهد أوباما أو ترامب.

إذا كررت إدارة بايدن الجديدة الإجراءات المعيارية لإدارة أوباما فيما يتعلق بتركيا، فقد يتغير القليل.

على الرغم من أن إدارة بايدن لن تتخلَّ على الأرجح عن الحلفاء الكرد في سوريا أو العراق كما فعل ترامب، إلا أنها قد تستمر في التمسك بآمال كاذبة بالاعتماد على تركيا للمساعدة في احتواء الإسلاميين المتطرفين.

يعتقد الكثيرون في واشنطن أن تركيا لا تزال قادرة على مساعدة الولايات المتحدة في مواجهة روسيا وإيران, رغم الأدلة الواضحة على أن تركيا تعمل مع كلا البلدين لتنفيذ أجندة مناهضة لأمريكا في المنطقة.

قد يكون بايدن مختلفاً بشكل ملحوظ عما كان عليه عندما شغل منصب نائب الرئيس, فهو يعرف المنطقة جيداً، وقد وصف أردوغان بأنه مستبد في أكثر من مناسبة, وأظهر مراراً تعاطفه مع الكرد ومحنتهم في الماضي, وبصفته مسؤولاً عن إدارته بدلاً من العمل كمساعد لأوباما ، يمكن لبايدن أن يفتح آفاقاً جديدة فيما يتعلق بتركيا والكرد.

وإذا كان الأمر كذلك فقد يبدأ بالضغط على تركيا للالتزام بمعايير حقوق الإنسان, (صلاح الدين دميرتاش) الرئيس المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي والمرشح للرئاسة التركية لعام 2018 ، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين الآخرين  يقبعون في الحبس الاحتياطي بتركيا منذ سنوات, وفي كانون الأول 2020  قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن احتجاز دميرتاش له دوافع سياسية ويستند إلى تهم ملفقة وأنه يجب إطلاق سراحه.

على الرغم أن تركيا من الدول الموقعة على المحكمة الأوروبية، إلا أنها تجاهلت مراراً أحكامها, وقد تنضم الإدارة الأكثر توجهاً نحو حقوق الإنسان في واشنطن إلى أمثال إدارة فرنسا ودول أخرى في الضغط على أنقرة في مثل هذه الأمور.

قد تحاول إدارة بايدن وبتصميم إقناع أنقرة أو الضغط عليها للعودة إلى طاولة المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني, فالعودة إلى المفاوضات غير المباشرة خاصة إذا أشرف عليها الأمريكيون، يمكن أن تقطع شوطاً طويلاً نحو تحسين الأمور في كل من تركيا وسوريا.

قبل أكثر من خمس سنوات كان جنوب شرق تركيا هادئاً, وكان القادة الكرد السوريون يجتمعون ويتعاونون مع المسؤولين الأتراك.

إذا ظل أردوغان وشركاؤه في حزب الحركة القومية مصرِّين على الاستمرار في حروبهم الداخلية والخارجية، فيجب على بايدن البحث في مكان آخر عن شركاء لأمريكا, وقال بايدن العام الماضي معرباً عن قلقه بشأن سياسات أردوغان: ما أعتقد أننا يجب أن نفعله هو اتخاذ نهج مختلف للغاية تجاه أردوغان الآن، مما يوضح أننا سندعم المعارضة التركية…. يجب أن يدفع (أردوغان) الثمن.

وأضاف بايدن: يجب على واشنطن أن تشجع قادة المعارضة التركية ليكونوا قادرين على مواجهة أردوغان وهزيمته, ليس عن طريق الانقلاب ولكن بالعملية الانتخابية.

قد يقطع هذا النوع من اللغة من قبل إدارة بايدن الجديدة شوطاً طويلاً نحو تغيير حسابات السياسة الحالية في أنقرة.

زر الذهاب إلى الأعلى