مقالات

بروح نوروز يتحقّق التحرير

آلدار خليل 

شهر آذار بما يحمله من مآسٍ؛ فإنه يحمل إضافة لذلك شواهد تاريخية لا يمكن أن تُنسى؛ منها ما أسست لحالة تنظيمية ثورية نادرة في سوريا (انتفاضة ٢٠٠٤) ومنها ما برهنت عن مقاومة تاريخية لا مثيل لها في التاريخ الحديث (الانتصار على داعش ٢٣ آذار) ومنها ما تمثل روحاً حقيقيةً للمقاومة والإرادة الديمقراطية والتشبث بالأرض والهوية ضد هجمات فاشية لدولة لا تريد أن يكون هناك ذرة تراب واحدة يعيش عليها شعبنا بحرية؛ دون شك نتحدث عن مقاومة عفرين ضد دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها لمدة ٥٨ يوماً دون هوادة مع دوامها بذات الروح والإرادة حسب متغيرات المرحلة منذ عام ٢٠١٨ وحتى اللحظة.

عفرين بصمودها ومقاومتها المستمرة؛ أكدت بأن التجربة الديمقراطية التي لطالما حاولت دولة الاحتلال التركي وغيرها القضاء عليها وإفشالها في المنطقة؛ لن تقف ولن تستسلم مهما تمت من ممارسات ومخططات. اليوم لو لم تكن مقاومة عفرين موجودة؛ لما كان هناك إعادة نظر لمخططات من يريد أن تنتهي تجربة الإدارة الذاتية في سوريا؛ وما الهجمات اللاحقة على سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض، إلا لإضعاف الروح التي دافعت عن هويتها ووجودها الثوري في كوباني وفي عفرين بملاحم بطولية منقطعة النظير؛ مع العلم بأن كل ما يتم تحقيقه ولو بخطوات معينة من قبل تركيا وغيرها من الأمور التي يسمونها بأنها تقدم وانتصارات؛ ما هي إلا بتهيئة أجواء دولية واتفاقات وتفاهمات مهما تقدمت وتطورت؛ فإنها لن تعطل ولا تؤثر على إرادة شعبنا المقاوم وهنا يكمن المعنى الحقيقي للانتصار ومن هو المنتصر.

نعيش في هذه الأيام مرور عامين على احتلال تركيا ومرتزقتها لعفرين؛ وكذلك نعيش أجواء مناسبة تاريخية لشعبنا ألا وهي أعياد النوروز المباركة؛ الدالة على القيم الثورية لشعبنا ونضاله من أجل الحرية. نوروز بروحها الثورية وامتدادها العميق؛ تشكل اليوم ميراثاً خالداً للمقاومة ولقدرة شعبنا في القضاء على محاولات إنهاء وجوده؛ دون شك هذه الروح مع الروح التي دحرت داعش وقاومت في عفرين تشكل سبيلاً غير معتاد ولا مثيل له في تاريخ المقاومات؛ مع كل التقدير لمقاومات الشعوب ضد الظلم والقمع. لكن؛ نحن هنا بصدد الحديث عما يتعلق بحقيقة استهداف الكرد ومعهم شعوب المنطقة الباحثين عن حقوقهم التاريخية المصادرة على أيدي الجلادين وأعداء الشعوب وحجم هذه الإرادة في مقارنة غير متساوية مطلقاً مع حجم الإعداد والهجوم ومحاولات النفي.

بوجود الروح الثورية لنوروز وكذلك الإرادة المقاومة في عفرين؛ لن يكون على الإطلاق تحقيق أية مطامع للقوى الراغبة في إنهاء هذه الحقائق والدلالات لدى شعبنا. لذا؛ استمرار احتلال عفرين وأية منطقة أخرى يعني دوام الفوضى واللا استقرار لما تمثلها عفرين من ضرورة من ناحية دورها وموقعها وحتى تاريخها ودور شعبها الهام بالشكل الحر والمنهج الذي أسسته في سوريا والمنطقة، إضافة لكون تحريرها هو خيار استراتيجي غير متأثر أبداً بما يتم ممارسته من ضغط وتهديد هنا أو هناك.

نتناول هنا ونتحدث عن ميراث مقاومة ومدرسة لا تعجز عن الانتصارات مطلقاً؛ نتحدث من كاوى الحداد إلى مقاومة السجون البطولية إلى كوباني إلى عفرين والباغوز دون أن نغفل عن سري كانيه، وكري سبي، نتحدث عن أبطال وبطلات جددوا عهد نوروز والمقاومة بنضالهم وتضحياتهم، نتحدث عن الآلاف من الشهداء بينهم طلائع كلّ منهم يمثل عراقة وتاريخ ومنهل للأجيال القادمة ومنهم آرين، بارين، كاركر، أفيستا وإيلان وكل رفاقهم.

نقلاً عن صحيفة روناهي

زر الذهاب إلى الأعلى