الأخبارمانشيت

باحثة أمريكية: تركيا دولةً منغلقةً على نفسها ومتوجّهةً إلى روسيا

قالت الباحثة الأمريكيّة (صوفيا بانديا) خلال محاضرةٍ ألقتها بالقاهرة:

إن ما حدث بعد محاولة الإطاحة بنظام أردوغان لا يمكن الدّفاع عنه، فالكثير من الصّحفيّين محتجزون في السّجون التّركيّة, وقد تجاوز عدد الصّحفيّين المسجونين في العالم كله، كما أُغلقت نحو 3000 مؤسّسة تعليميّة من مدارس وجامعات ومستشفيات، مشيرة إلى أنّ (أورهان باموك) الكاتب والرّوائي التّركي الحاصل على جائزة نوبل في الأدب قال: إنّ ما تبقّى في تركيا بعد كلّ تلك الانتهاكات هو دولة الإرهاب.

كما أكّدت (بانديا) على أنّ العنف في تركيا يحدث بصورةٍ مستمرّةٍ, وله أشكالٌ عديدةٌ منها: العنف ضدّ الكرد، وعنف الجّبهة الكردستانيّة ضدّ الدّولة وداعش الّتي تدعمها تركيا بصورةٍ أو بأخرى.

 لافتةً إلى أنّ تركيا أصبحت طرفاً في الحرب الدّائرة في سوريا.

أردوغان والشّعبيّة الزّائفة

واعتبرت (صوفيا بانديا) أنّ الشّعبيّة الزّائفة الّتي يتمتّع بها أردوغان في تركيا، والّتي تأتي على العكس من نظرة الشّعوب الغربيّة له، سببها هو إظهار نفسه على أنّه يتبنّى الإسلام الوسطي لجذب الكثير من الأفراد حوله، وكذلك حديثه الدّائم داخل تركيا عن مسألة القوميّة والمجد العثماني والدّولة العثمانيّة، وهذا خطابٌ يثير إعجاب تياراتٍ كثيرةٍ داخل المجتمع التّركي.

مشيرةً إلى أنّه يتبنّى التطرّف في مواجهة القضيّة الكرديّة, ويستخدم العنف بصورةٍ ممنهجةٍ ومقبولةٍ شعبيّاً ضدّ الكرد.

أردوغان واستغلال الخطاب الدّيني

إضافةً إلى أنّ أردوغان يتبنّى خطاباً شعبويّاً والنّظام الشّعبوي بحسب الباحثة الأمريكيّة، دائماً يجب أن يقدّم القرابين لمخاطبيه.

 واعتبرت (بانديا) أنّ أردوغان يجعل من الكرد وأعضاء حركة فتح الله غولن قرابين لأفعال النّظام، وهو يستخدم الخطاب الدّيني للتّأثير على الأغلبيّة.

وقالت: إنّ كل المؤشّرات تقول إنّ هذا النّظام سيؤدّي إلى صعود العنف الجّماعي داخل المجتمع التّركي، وكذلك سيؤثّر على حقوق المرأة وسيرفع نسبة العنف ضدّها، وهو ما يحدث بصورةٍ كبيرةٍ داخل تركيا، بحسب دراسةٍ أُجريت في جامعة ستانفورد.

كما بيّنت أن ما يحدث داخل تركيا لأعضاء المعارضة من حركة غولن إنّما هو عمليّة تطهيرٍ شاملٍ، حتّى من المقرّبين لهم داخل المجتمع، كذلك هناك رفضٌ للأفراد الّذين يُشتبه أنّهم من الحركة أو المقرّبين منهم، وأدّى ذلك إلى أن يختبئوا, ولا يستطيعون العمل ومنهم من سافر عبر النهر الفاصل بين تركيا واليونان وماتوا غرقاً.

معاناة أفراد الخدمة والأقليات من الاضطهاد

وأشارت (بانديا) إلى أنّ النّظام التّركي صنّف حركة غولن كحركةٍ إرهابيّةٍ، لذا يعاني أفرادها من فقدان الهويّة والعمل والحالة الاجتماعيّة داخل المجتمع وبعضهم حتّى يفقدون الجّنسيّة، وهو أمرٌ صعبٌ للغاية على أيّ إنسان على حدّ تعبيرها.

 مشيرةً إلى وجود آخرين متأثّرين بممارسات النّظام اتّجاههم من بينهم الأقليات كالكرد واليهود والمسيحيين, وكلّ شخصٍ يعارض أو يتبنى وجهة نظرٍ مختلفةٍ عن رؤية النّظام.

وقالت الباحثة الأمريكية،: إنّ الأمر الّذي يسهّل لأردوغان جعل حركة غولن والأقليّات الأخرى كبش فداءٍ، هو ظهور نظريّة المؤامرة وانتشارها وحالة (البارانويا) أو الاشتباه الموجودة داخل المجتمع التّركي، وكشفت أنّه يتم تلقين هذه الحالة داخل المؤسّسات التّعليميّة بحسب تعليمات أردوغان.

معاناة النساء في ظلّ حكم أردوغان

أضافت (بانديا)أنّ هناك شعبويّةٌ ذكوريّةٌ ظهرت في تركيا عام 2013 عندما قال أردوغان بأنّ المرأة الّتي ليس لديها 3 أبناء ليست امرأةً كاملةً، وإذا لم تكن لديها أطفال فهي نصف امرأةٍ، وهناك حالةٌ من الضّغط على حريّة النّساء في المجتمع، وحدوث حالات عنفٍ ضدّ النّساء في الشّوارع, وتكميم أفواه الحركات النّسائيّة داخل المجتمع التّركي.

وقد أكّدت (بانديا) بأنّ أكثر ما يؤلم هو وجود 16 إلى 20 ألف امرأةٍ داخل السّجون التركيّة، وكثيرٌ منهنّ لسن مسجوناتٍ لانتمائهنّ إلى حركة غولن، بل لأنّ أزواجهن في الحركة ويتمّ القبض عليهنّ، وهناك من يتم القبض عليهنّ كرهائن حتى عودة أزواجهنّ, وهذه الحالة تخلق جوّاً من الخوف في المجتمع التّركي.

أردوغان دبَّر انقلاب يوليو 2016

ورأت الباحثة الأمريكية أنّ أردوغان هو نفسه من دبَّر عمليّة الإطاحة بنظامه في يوليو 2016، لأسبابٍ منها: حريّة تنقُّلِه وحريّة التّحدث بالهاتف إلى وسائل الإعلام، وقوائم الاعتقال الّتي ظهرت مباشرةً في اليوم التّالي، وتصريحه في اليوم التّالي الّذي قال فيه: إن الانقلاب هو نعمةٌ من الله، وبالتّالي رأت (بانديا) أنّه هو المستفيد الأكبر من محاولة الإطاحة به، ونشر حالةٍ من الخوف استطاع أن يقمع عن طريقها الجيش التّركي.

اعتقالات بالآلاف منذ يوليو 2016

وأضافت (بانديا) أنّ النّظام التّركي لم يتمكّن من إقناع المؤسّسات الألمانيّة والأمريكيّة بأن حركة غولن المعارضة هي الّتي دبّرت عمليّة الإطاحة به، وأكّدت على أنّ أردوغان أغلق 3000 مدرسةً ومؤسسةً تعليمية، وفصل 170 ألف شخصٍ ووضعهم في السّجون منهم قضاةٌ ووكلاء نيابةٍ ومعلّمين ورجال أعمال، و140 ألف شخصٍ تمّ القبض عليهم.

وبحسب الباحثة الأمريكية سيطر النّظام التّركي على 195 مؤسّسةٍ إعلاميّةٍ أُغلق بعضها واشتري البعض الآخر قائلةً:

نحن أمام مشهد رواية 1948 ل(جورج أورويل) الدّولة هي الّتي تسيطر على كلّ المؤسّسات الإعلاميّة.

اعتداءات جسديّة تؤكّدها منظّمات حقوق الإنسان الدّوليّة

وأكّدت (بانديا)على أنّ هناك حالاتٌ موثّقةٌ للاعتداء الجّسدي والاغتصاب داخل السّجون التّركيّة بحسب منظّمات حقوق الإنسان الدّوليّة المختلفة، قائلة: “قابلت شخصاً وقال إنه تعرض للضرب والتعذيب لمدة 8 أيامٍ داخل السّجون التّركية، وكانوا يطلبون منه أسماء أعضاء حركة غولن, وقرّر ألا يتحدّث عن أيّ شيءٍ ويتحمّل الضرب.

فضلاً عن ذلك هناك حالاتٌ كثيرةٌ من العنف الجّسدي ضدّ النساء, سواءٌ داخل السّجون أو خارجها, لأن نظام أردوغان منح شرعيةً لمثل هذه الأفعال، بالإضافة لقرابة 705 طفلٍ لم تتجاوز أعمارهم العاشرة يعيشون داخل السّجون مع أمهاتهم، وكذلك طبقاً لتقرير الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان فتمّ توثيق حالاتٍ عديدةٍ للنّساء يتمّ القبض عليهنّ مباشرةً قبل الوضع أو بعده مباشرةً, لخلق حالةٍ من الإرهاب داخل المجتمع بحسب الباحثة الأمريكيّة.

وفي نهاية المحاضرة أكّدت (بانديا) على أنّ تركيا أصبحت دولةً منغلقةً على نفسها متوجّهةً فقط إلى روسيا، ابتعدت كثيراً عن الدّيمقراطيّة فأصبحت اسماً بلا مسمّى.

زر الذهاب إلى الأعلى