تقاريرمانشيت

انهيار داعش وبقاء إرثه الأسود

داعش النشأة

كانت النشأة الفعلية لتنظيم داعش الإرهابي في نيسان عام 2013, وفي حزيران 2014 أعلنَ المتحدث باسم التنظيم (أبو محمد العدناني) عبر تسجيل صوتي عن قيام ما أسماهُ بالدولة الاسلامية في العراق والشام, ومبايعة (أبو بكر البغدادي) خليفة الدولة, وانضم اليها أغلب المقاتلين الأجانب في جبهة النصرة فرع القاعدة السوري, وطارد التنظيم جميع الكتائب والفصائل السورية المعارضة الأخرى وعلى رأسها جبهة النصرة, وسيطر على مناطق ممتدة من الحدود السورية العراقية وحتى الريف الشمالي لمدينة حلب, أي ما يعادل أكثر من نصف مساحة سوريا و80 %من موارد النفط والغاز في البلاد.

داعش والكرد في سوريا

في إطار سعي التنظيم للسيطرة على كامل المناطق الحدودية السورية شمالاً وشرقاً اصطدم  بالقوات الكردية (YPG-YPG) التي كانت تحمي مناطق الحسكة وقامشلو وكوباني وريف حلب الشمالي, وارتكب داعش المجازر بحق الكرد بعد أن تم تكفيرهم.

في 13 أيلول 2014 تمكن تنظيم داعش من الاستيلاء على 350 بلدة وقرية كردية تابعة لمقاطعة كوباني وزحف من أجل احتلال المدينة, وتُعتبر معركة كوباني نقطة تحول في الحرب ضدّ داعش, إذ أنه وفي كانون الثاني 2015 ألحقت وحدات حماية الشعب الكردية وبدعم جوي من دول التحالف هزائم كبيرة بالتنظيم الإرهابي في كوباني، وتمكنت من تحرير المدنية.

استمرار معارك دحر الإرهاب

بعد تحرير كوباني قرر التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب؛ وخصوصاً داعش؛ الاعتماد كلياً على القوات الكردية من أجل القضاء على التنظيم المتطرف, فقام التحالف بتطوير هذه القوات وتدريبها وتوسيع بنيتها بتشكيل ( قوات سوريا الديمقراطية) التي ضمت في صفوفها مقاتلينَ من كافة المكونات في الشمال السوري, وبحلول السادس من آب 2016 حررت قوات سوريا الديمقراطية مدينة منبج التي كانت أهم معاقل تنظيم داعش في محافظة حلب في شمال سوريا.

بتاريخ 5-11-2016 تم الإعلان عن انطلاق عملية غضب الفرات من أجل تحرير الرقة وريفها من داعش, والتي تكللت بتحرير مدينة الطبقة في العاشر من أيار 2017, وبعدها تمت محاصرة مدينة الرقة (العاصمة المزعومة لداعش في سوريا) وبعد حصار طويل ومعارك طاحنة أعلن التحالف الدولي في 20- 10 – 2017 عن تحرير الرقة من تنظيم داعش الإرهابي.

وفي العاشر من أيلول 2018 أطلقت قوات سوريا الديمقراطية عملية (عاصفة الجزيرة) لطرد تنظيم داعش من مناطق ريف البوكمال و دير الزور القريبة من الحدود السورية العراقية, وحررت بلدات (هجين – السوسة), ثم انحسرت سيطرة التنظيم على بلدة الباغوز والتي طالت مدة تحريرها بسبب اكتظاظها بالمدنيين, ولكن في النهاية تم تحريرها بتاريخ 23-3-2019, لينتهي داعش جغرافياً في كامل شمال وشرق الفرات بسوريا.

تركيا وداعش

علاقة تركيا بتنظيم داعش لا تقل أهمية عن علاقتها بتنظيم الإخوان المسلمين, ففشل أنقرة في إسقاط النظام السوري، وتطور الوضع الكردي وسقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر دفع بحكومة أردوغان إلى تبني ودعم التنظيمات الإرهابية في سوريا وعلى رأسها داعش, حيث أسست منشآت ومعسكرات تدريب لعناصر التنظيم على الأراضي التركية, الموقع الأول في مدينة (كرمان) قرب إسطنبول، والثاني في مدينة (أوزمانيا), والثالث في مدينة (شانلي أورفا) بجنوب غرب تركيا, وكانت صحيفة (واشنطن بوست) قد نشرت مقالاً تحدثت فيه عن دور تركيا في تهريب مقاتلي القاعدة إلى سوريا وتسهيل عبورهم إلى الشمال السوري ودعمهم  من أجل محاربة الكرد في سوريا، كما جاء في الصحيفة بأن الرئيس الأميركي السابق (باراك أوباما) قد حضّ أردوغان (عندما كان رئيساً لوزراء تركيا) عندما التقيا في البيت الأبيض، على عدم جلب المزيد من المقاتلين الأجانب وإيقاف تدفقهم إلى سوريا.

وكانت وسائل إعلام تركية قد نشرت وثيقةً تؤكد أن القنصل التركي في الموصل راسل وزارة الخارجية التركية قبل أيام من هجوم داعش على الموصل وجاء في الرسالة:

( الأوضاع في المدينة تتجه نحو الأسوأ, والأحاديث عن تقدم محتمل لتنظيم داعش باتت تثير قلقاً جدياً).

 وأوضحت الوثيقة أن رد وزارة الخارجية التركية لم يتأخر وكان نصّه: (داعش ليس خصماً لنا).

 وهذا الكلام أكّده نائب رئيس الوزراء التركي (بولند أرينج) بشكلٍ غير مباشر عندما قال: (وصلتنا معلومات بأن الدولة الإسلامية في العراق والشام على وشك مهاجمة قنصليتنا).

وقد كشف الكاتب التركي (رأفت بالي) عن معلوماتٍ حصل عليها من مصادر إيرانية غير رسمية تؤكد أن تركيا استضافت زعيم تنظيم داعش (أبو بكر البغدادي) عام 2008 أي قبل تأسيس التنظيم، وأن أحد رجال الأعمال الأتراك تبرع له بمبلغ 150 ألف دولار, ونقلت صحيفة (إدينلك ديلي) التركية أن البغدادي دخل إلى تركيا بصورةٍ قانونية بشخصية صحفي، ولكن السلطات التركية كانت تعلم بدخوله, وأشارت الصحيفة إلى أن عناصر داعش كانوا يتنقلون بسهولة بين المحافظات التركية الحدودية مع سوريا، وأن التنظيم كان يُجري الكثير من عملياته انطلاقاً من المحافظات التركية الحدودية مع سوريا، وبعلمٍ من قوات الأمن التركية من دون أن تحرك ساكناً, وأوضحت الصحيفة أيضاً أن مطارات (إسطنبول وغازي عنتاب وهاتاي) جميعها تُعتبر نقاط عبور للإرهابيين القادمين من الخارج، وأن الدولة التركية كان بإمكانها القبض على هؤلاء الإرهابيين إذا ما أرادت، من خلال الاطلاع على كاميرات الأمن بهذه المطارات.

مشكلة الأسرى

خرج عشرات آلاف النساء والأطفال والرجال منذ كانون الأول من بلدة الباغوز آخر معاقل داعش بعدما أبطأت قوات سوريا الديموقراطية وتيرة عملياتها العسكرية على البلدة، وقد قال القيادي في قوات سوريا الديمقراطية (عدنان عفرين) لوكالة فرانس برس:

 حين بدأنا المرحلة النهائية لحملة عاصفة الجزيرة، كنا نتوقع وجود مدنيين، لكن ليس بهذا العدد الكبير, أين كان كل هؤلاء؟

هل كانوا تحت الأرض ؟.

في مخيمات اللاجئين لا يفارق التطرف نساء داعش ولا يزال الولاء للتنظيم قوياً, فرغم الإنهاك والمرض والجوع ما زلن يصرخن بعبارات

(الله أكبر)، و(باقية وتتمدّد), (سننتقم وسيصل الدم إلى الركب), (خرجنا، لكن هناك فتوحات جديدة مقبلة).

وهذا الولاء القوي لتنظيم داعش حتى بعد هزيمته عسكرياً وجغرافياً يشير إلى أن خطر الفكر الإرهابي والأيديولوجيا ستستمر, وسيظل المتشدّدون الموالون لداعش( الخلايا النائمة) يمثلون تهديداً بشن هجماتٍ على غرار حرب العصابات.

تم نقل معظم نساء وأطفال داعش الخارجين من الباغوز إلى مخيم (الهول) المكتظ بالفعل بنازحين ولاجئين سوريين وعراقيين, وقد أشار مسؤولو المخيم إلى أنه ليس لديهم ما يكفي من الخيام أو الطعام أو الدواء لهذا العدد الهائل من الناس.

وبحسب لجنة الانقاذ الدولية ارتفع عدد سكان مخيم الهول إلى 65 ألفاً، مما تسبب بأزمةٍ صحية, حيث قالت مديرة التواصل لمنطقة الشرق الأوسط في اللجنة (ميستي بوسويل):

 إن وضع المخيم بلغ نقطة الانهيار.

وأيضاً قال (مازن شيخي) وهو مسؤولٌ في مخيم الهول:

الوضع في المخيم مأساوي جداً, فكل الخيام حتى الكبيرة منها امتلأت بالناس, مما أجبر البعض على النوم في العراء.

ومع ارتفاع أعداد الخارجين من جيب تنظيم داعش الإرهابي الأخير في سوريا, وخصوصاً أن بينهم عددٌ كبيرٌ من الأجانب ومن مختلف الجنسيات، ازداد العبء على الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا, لذلك وُجهت دعوات من الإدارة الذاتية تطالب دولهم بتحمل مسؤولياتها واستعادة مواطنيها.

حيث أوضح (عبد الكريم عمر) الرئيس المشترك لهيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الديمقراطية لوكالة (فرانس بريس) بأن عدد المقاتلين وأفراد عائلاتهم الذين تدفقوا إلى مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا  يزداد بشكلٍ هائل, مشيراً إلى أن الإدارة الذاتية لا تستطيع تحمل هذا العبء لوحدها، وقال موضحاً:

ليس لدينا البنية التحتية لاستيعاب هذا النزوح الهائل, فحتى معتقلاتنا لا تستوعب هذا العدد الضخم.

 فخلال المعارك التي خاضتها قوات سوريا الديمقراطية ضد التنظيم المتطرف، أسرت المئات من المقاتلين الأجانب من جنسيات عدّة أبرزها البريطانية والفرنسية والألمانية, وقد طالبت مراراً الدول المعنية باستعادة مواطنيها, ولكنها لم تلقَ جواباً صريحاً, وفيما بعد أصدرت قوات سوريا الديمقراطية بياناً دعت فيه إلى تشكيل محكمة دولية خاصة في شمال وشرق سوريا من أجل محاكمة عناصر داعش المعتقلين, وجاء في البيان: (ندعو المجتمع الدولي لإنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة إرهابيي داعش في شمال وشرق سوريا)

وأشار البيان إلى أن المتشددين يجب أن يخضعوا لمحاكمةٍ في مكان وقوع الفعل الجرمي, فالمحكمة الدولية ستسمح بأن تتم المحاكمة بشكل عادل ووفق القوانين الدولية، وبما يتوافق مع العهود والمواثيق المعنية بحقوق الإنسان.

حيث ارتكب عناصر تنظيم داعش الارهابي مجموعة من الجرائم الفظيعة كالإعدام الجماعي والاغتصاب والخطف التي نفذها عناصر التنظيم خلال أكثر من أربع سنوات منذ عام 2014.

الانتصار على داعش

أعلنت قوات سوريا الديموقراطية يوم السبت (23 آذار 2019) الانتصار على تنظيم داعش، وتحرير كامل شمال وشرق الفرات من الإرهاب, حيث قال مدير المركز الإعلامي في قوات سوريا الديموقراطية (مصطفى بالي) في تغريدة له على تويتر بالإنجليزية:

(تعلن قوات سوريا الديموقراطية القضاء التام على ما يسمى بالخلافة وخسارة التنظيم لأراضي سيطرته بنسبة مئة في المئة).

(الباغوز تحررت، والنصر العسكري ضد تنظيم داعش الإرهابي تحقق,

نهدي هذا النصر لكل عوائل الشهداء وجرحانا، أولئك الأبطال الذين لولا تضحياتهم لما تحقق هذا النصر, بعد سنوات من التضحيات الكبرى نبشر العالم بزوال دولة الخلافة المزعومة ونجدد العهد على مواصلة الحرب وملاحقة فلولهم حتى القضاء التام عليهم).

 وتم إعلان النصر في حقل العمر النفطي, وتم إزاحة الستار عن نصب تذكاري يخلّد تدمير ما يسمى بخلافة داعش الإرهابية, بحضور مجلس سوريا الديمقراطية, ومبعوث الولايات المتحدة للتحالف الدولي ضد داعش (وليام روباك) الذي قال خلال كلمته:

(قوات سوريا الديمقراطية قامت بتدمير داعش وتحرير المناطق، وهذا الانتصار أعطى استراتيجية كبيرة للتحالف الدولي وشركائه, وما كان باستطاعتنا القضاء على داعش لولا تحالفنا مع الشركاء في سوريا، والتضحيات التي قدمها الشعب السوري”.

وأضاف روباك: نحن نكرِّم تضحيات قوات سوريا الديمقراطية وقوات الأمن العراقية وشجاعتهم في تحقيق هذا الانتصار، ونعزي ذوي كافة الشهداء.

الردود الدولية على الانتصار

رحب الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) من خلال بيانٍ أصدره بانتهاء خلافة داعش، ووعد بأن تبقى الولايات المتحدة يقظةً حيال التنظيم المتطرف, حيث وقال:

سنبقى يقظين حتى هزيمة التنظيم أينما كان، وسنواصل العمل مع شركائنا وحلفائنا لسحق الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين تماماً.

كما أشاد الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) بقوات سوريا الديمقراطية وقال:

أشيد بشركائنا وجيوش التحالف الدولي الّذي تعدّ فرنسا جزءاً منه, لقد قاتلوا الإرهابيين بعزم من أجل أمننا, إننا لن ننسى ضحايا داعش, وأضاف:

 تمّت إزالة خطر كبير على بلدنا، ولكن التهديد لا يزال قائماً ويجب أن تستمرّ الحرب ضدّ الجماعات الإرهابية.

وزير الخارجية الألماني (هايكو ماس) هذا الانتصار الذي ساهمت فيه ألمانيا أيضاً، وكتب في تغريدة له على موقع تويتر:

 (تحررت الباغوز، لقد تم تحقيق خطوة مهمة، ولم يعد (تنظيم) الدولة الإسلامية يسيطر على أية منطقة, وكان هذا ممكناً فقط من خلال تعاون دولي غير مسبوق، ساهمت فيه ألمانيا).

وأشاد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ينس ستولتنبرغ) بإنهاء خلافة تنظيم داعش, واعتبره إنجازاً بارزاً, حيث قال على تويتر:

 تحرير الأراضي الأخيرة التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية إنجازٌ بارزٌ للتحالف الدولي, حلف الأطلسي سيظل ملتزماً بمعركتنا المشتركة ضد الإرهاب.

ووصفت رئيسة الوزراء البريطانية (تيريزا ماي) هزيمة داعش بأنها منعطف تاريخي, ودعت إلى مواصلة المعركة ضد الإرهابيين, وقالت في بيان:

 (تحرير آخر بقعة خاضعة لسيطرة داعش هو منعطف تاريخي, يجب ألا نغفل عن التهديد الذي يمثله داعش, ولا تزال الحكومة (البريطانية) مصممة على القضاء على أيديولوجيته المؤذية, وسنواصل القيام بما هو ضروري لحماية الشعب البريطاني وحلفائنا).

كما أرسل رئيس أركان الجيش البريطاني (نيك كارتر) رسالة إلى القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (مظلوم عبدي)، هنأ فيها قسد بالانتصار على تنظيم داعش الإرهابي، وأشار إلى أن العالم كله ممتن لتضحيات وشجاعة رجال ونساء قوات سوريا الديمقراطية، مؤكداً التزام بريطانيا في التحالف الدولي في محاربة خلايا التنظيم الإرهابي, وكتب (نيك كارتر) في الرسالة:

(عزيزي الجنرال مظلوم، أكتب لكم من شدة إعجابي بما أنجزتم من تحرير شمال وشرق سوريا من احتلال داعش الجغرافي هذا الأسبوع, والذي يأتي بعد عديد من السنوات من القتال، ونحن متأثرون بشجاعة وبسالة نساء ورجال قوات سوريا الديمقراطية الذين بذلوا تضحيات عظيمة للوصول إلى هذا الحدث التاريخي).

وأضافت كارتر في رسالته:

(أقدم خالص التعازي لعائلات الكثيرين الذين سقطوا في هذا المسعى الهام والنبيل، ونحن معجبون بإنسانية قواتكم والرعاية التي أظهرتها قواتكم خلال هذه المعركة الصعبة في محاولة لتجنب إصابات بين المدنيين واستقبال الذين فروا من الباغوز, أنا فخور بالدور الذي تلعبه القوات المسلحة البريطانية، مع شركائنا في التحالف الدوالي في دعم المعركة ضد داعش، وفي نفس الوقت أنا واضح أن هذا ليس نهاية القتال حتى من دون الأرض سوف تستمر داعش في تشكيل تهديد لسكان سوريا والعراق وكذلك المنطقة والعالم بأسره, سكان سوريا والعراق الذين عانوا كثيراً على يد داعش لا يستحقون أقل من تضامننا ودعمنا,

واختتمت الرسالة: تعرب المملكة المتحدة عن امتنانها وتشيد بقوات سوريا الديمقراطية على شجاعتها والتضحية في هذه اللحظات التاريخية في قتال صعب ضد داعش.

وبدوره شكر المبعوث السابق للولايات المتحدة الأمريكية لدى التحالف الدولي ضد داعش (بريت ماكغورك) قوات سوريا الديمقراطية لقضائها على مرتزقة داعش، وبارك النصر على العالم، وذلك خلال تغريدة على التويتر جاء فيها:

(من المهم اليوم أن نشكر قوات سوريا الديمقراطية لمتابعة هذه الحملة بفعالية، ونقدم تعازينا لأولئك الذين فقدوا وجرحوا في المعركة، وتميزوا بهذا الإنجاز التاريخي في الدفاع عن العالم المتحضر).

تحرير الجغرافيا لوحدها غير كافٍ للقضاء على داعش

(الهام أحمد) الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذية في مجلس سوريا الديمقراطية قالت عن الانتصار على تنظيم داعش:

(نحن كمجلس سوريا الديمقراطية نرى أن تحرير الجغرافيا لوحدها غير كافٍ للقضاء على داعش، إنما المرحلة التالية أيضاً مهمة جداً، إضافة إلى البحث في ملف الإرهابيين السجناء الذين تجاوز عددهم الـ 5 آلاف ومحاكمتهم عن طريق محكمة دولية على الأرض التي ارتكبوا بحق أهلها الجرائم، وعوائل الدواعش التي زادت عددها عن الـ 80 ألف فرد، أيضاً يعتبر من أهم الملفات المعقدة ومن الضروري أن يتم حلها، لذلك نرى أن استمرار الدعم الدولي عملية مهمة فكما تحملنا مسؤولية محاربتهم معاً من الضروري أيضاً أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في إتمام المهمة).

وأضافت أحمد:

(لنا أمل كبير بأن تحقق عملية التحرير هذه قفزة نوعية في التوجه للسلام المستدام, وأنها ستلعب دوراً عظيماً للتقدم بالملف السوري, مرة أخرى نذكر أن أية عملية سياسية بدون إشراك ممثلي الإدارة الذاتية فيها ستكون نتيجتها الفشل).

كلمة المحرر:

إن ما حققته قوات سوريا الديمقراطية في القضاء على أخطر تنظيم إرهابي في العالم يُعتبر نصراً للإنسانية جمعاء, ولكن المعركة على الإرهاب ما تزال قائمة, فالنصر العسكري والجغرافي غير كافٍ لاجتثاث فكر داعش, لأن أيديولوجيته الظلامية والإرهابية ما زالت قائمة, وقد تم زرعها في عقول جيلٍ كاملٍ من الأطفال( أشبال الخلافة), وكذلك الأسرى من النساء والرجال الذين بايعوا التنظيم عن قناعة نتيجة تقبلهم للفكر المتطرف, وكل هؤلاء ما زالوا متواجدين في المخيمات والمراكز الخاصة بشمال وشرق سوريا, ومن 40 جنسية مختلفة, ومعظم الدول ترفض استعادة مواطنيها المتشددين الأسرى لدى قوات سوريا الديمقراطية, بل أن بعض الدول جرّدت مواطنيها الدواعش من جنسيتها, لذلك يجب وضع الحلول الشافية لمشكلة الأسرى المتطرفين, فبالنسبة للدواعش المحليّين يمكن محاكمتهم محلياً أو إخضاعهم لدورات إعادة تأهيل وتنظيف أدمغتهم من الفكر الظلامي وخاصةً الأطفال, أما الأجانب فيجب أن تتحمل كل دولة مسؤوليتها إزاء مواطنيها سواء باستعادتهم أو محاكمتهم.

كما أن عدم الاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا مغازلةً لتركيا في ظل التهديدات والتربص من قبل تركيا سيجعل المنطقة في حالةٍ من عدم الاستقرار ومعرضةً للانفجار في أية لحظة, فإذا ما هاجمت تركيا المنطقة لن يتم السيطرة على هؤلاء الأسرى لدواعش الذين سيهربون من المخيمات والسجون, وبالتالي سيعيدون إحياء داعش من جديد, وهذا ما تسعى إليه تركيا, والدليل هو مطالبة حكومة أنقرة بتسليم الأسرى الدواعش إليها, في وقتٍ ترفض دولٌ عظمى كبريطانيا وألمانيا استعادة مواطنيها, وكذلك مطالبة الأسرى أنفسهم بنقلهم إلى تركيا.

على العالم والمجتمع الدولي أن يراعي إرادة شعوب ومكونات شمال وشرق سوريا ويدعمها في تقرير مصيرها, لأن هذه الإرادة الجبارة استطاعت أن تهزم تنظيم داعش الذي عجزت جيوش دول كبرى عن هزيمته, وبدون تنفيذ إرادة هذه الشعوب ستتعقد الأزمة السورية وتبتعد أكثر عن الحل.

إعداد: جوان محمد أمين  

زر الذهاب إلى الأعلى