المجتمعمانشيت

انتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته بحق النساء العفرينيات

الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال التركي ومرتزقته في عفرين تزداد يومياً بعد يوم أمام صمت الدول التي تتبنى حقوق الإنسان، والمنظمات الانسانية والتعتيم الاعلامي الكبير، لذا تستغل الحكومة التركية متمثلةً برئيسها أردوغان ومرتزقته هذه الظروف للقيام بحملات مداهمة واختطاف وقتل المواطنين بالإضافة إلى عمليات النهب والسطو وسرقة ممتلكاتهم والتدخل في حياتهم، فكان للمرأة النصيب الأوفر من هذه الأفعال القبيحة التي ترتقي إلى جرائم الحرب، فشكلت هؤلاء المرتزقة عصابات الخطف والاغتصاب والابتزاز وفقاً لما يقوله السكان المحليون والمصادر الموثوقة من مدينة عفرين.

لذا عمدت صحيفة الاتحاد الديمقراطي إلى رصد انتهاكات الفاشية التركية ومرتزقتها لحقوق المرأة في عفرين عبر تقرير قدمته زوزان إبراهيم الدكتورة في القانون المدني وأستاذة في جامعة الفرات وعضو منظمة نداء جنيف في المنتدى الدولي حول عفرين الذي اُقيم في مدينة عامودا، وجاء في التقرير:

لعبت المرأة دوراً مميزاً في مناطق شمال وشرق سوريا في ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية التي استندت إلى التنظيم التشاركي، والرئاسة المشتركة  وبناء المجالس والأكاديميات والجمعيات الخاصة بالمرأة، هذا بالإضافة إلى تشكيل قوة خاصة من النساء أطلق عليها اسم وحدات حماية المرأة “YPJ” مهمتها الدفاع عن نفسها وعن الخطر الذي يهدد وجودها ودورها ومكانتها العظيمة التي سميت ثورة روج آفا باسمها “ثورة المرأة” وكذلك صدور قانون خاص بها يحفظ لها حقوقها، ويعيد إليها كرامتها حيث مُنِع بموجب هذا القانون تعدد الزوجات، وزواج القاصرات ،ومُنحِت حقَّ  الحضانة والولاية على الأطفال، وكذلك منع الطلاق بإرادة الزوج المنفردة.

وعليه سنتطرق إلى انتهاكات الدولة التركية لحقوق المرأة أثناء الهجوم على عفرين.

أولاً انتهاكات الدولة التركية لحقوق المرأة خلال الهجوم على عفرين:

على اعتبار أن تركيا جزء من معاهدات جنيف الأربعة فهي ملزمة بتطبيق القانون الدولي الإنساني، أو بما يعرف بقانون النزاعات المسلحة، وهذا القانون يضع قواعد السلوك الذي يجب أن يُتَّبَع في النزاعات المسلحة، ولهذه القواعد طابع إنساني وتهدف إجمالاً إلى الحد من المعاناة الناجمة عن النزاع المسلح، ويبدأ قانون النزاعات المسلحة بفكرة أن هذه النزاعات لابد أن تقع، وهو لا يهتم بأسباب النزاع أو بالتبريرات المتعلقة به، أو إذا كان استخدام الأطراف للقوة مشروعاً أم لا.

بتعبير آخر، لا يكترث هذا القانون بمعرفة من هو على صواب ومن هو على خطأ  بكون أحد الطرفين الطرف الأضعف مادياً في النزاع المسلح، فإن هذا الواقع لا يعفيه من التزامه باحترام القانون الدولي الإنساني للتخفيف من ويلات الحرب سواء على المدنيين أو المقاتلين الذين أصبحوا عاجزين عن القتال وهي تدعو إلى حصر العمليّات بالأهداف العسكريّة دون سواها، وعدم توجيه هجمات ضدّ المدنيّين أو الأعيان المدنيّة، وعدم استخدام أسلحة محظورة، وجمع الجرحى والموتى، وتقديم الرعاية اللازمة لهم، بالإضافة إلى معاملة جميع الأشخاص معاملةً إنسانيّة، والامتناع عن أخذ الرهائن، أو استخدام الدروع البشريّة، وعدم ترحيل السكان المدنيّين، واحترام الممتلكات المدنيّة، والامتناع عن السلب أو السرقة، وحماية الأطفال وتقديم الرعاية لهم واحترام وحماية الطواقم الطبيّة والأعيان الطبيّة، بما في ذلك تلك التي تحمل شارة الصليب الأحمر/ الهلال الأحمر/ الكريستالة الحمراء، والسماح بعمليات الإغاثة الإنسانيّة المحايدة وتسهيل وصولها إلى المدنيّين الذين يحتاجون إليها, والامتناع عن الثأر وأعمال الانتقام التي تنتهك قانون النزاعات المسلّحة، أما النساء فلهن الحق في المعاملة الإنسانية، وفي المحافظة على حياتهن وعدم التعرض لهنَّ وممارسة التعذيب بحقهن أو المعاملة المُهينة أو العنف أو التحرش أو أخذهن كرهائن، وهناك حماية خاصة للنساء على الحالات التي يتعرضن فيها للحجز أو الاعتقال، وُيمنع إصدار أحكام وتنفيذ عقوبات بحقهن دون إجراء محاكمة عادلة سابقة تم تشكيلها وفق القانون بموجب المادة 27 الفقرة 2 من اتفاقية جنيف الرابعة، ومن أهم المبادئ في اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الملحقين هو عدم التمييز بين الرجل والمرأة أي المساواة بين الاثنين كما يجب حماية المرأة من كافة الجوانب حماية كاملة.

فمنذ بدء هجوم الدولة التركية ومرتزقتها على مدينة عفرين بتاريخ 20/1/2018 أصبحت المدينة خاوية من سكانها الأصليين، واستوطنتها مجموعات محتلة تابعة لدولة الاحتلال التركي، ويعيثون فيها خراباً إذ قاموا بسرقة ونهب ممتلكات الأهالي، وأحرقوا البساتين، ودمروا الطبيعة وانتهكوا الأعراض، وقاموا بتغيير أسماء المحال التجارية والشوارع، أما العنف بحق النساء فكان له النصيب الأكبر  فأصبحت أجسادهن امتداداً لأرض المعركة ومُورس عليهن العنف الجسدي والنفسي والمعنوي كوسيلة لإذلال الخصوم وتدمير مجتمعات بأكملها، وتغيير ديمغرافية المناطق،  وأرغموا النساء على ارتداء الحجاب والنقاب وبذلك حدُّوا من الحرية الشخصية.

إضافة إلى حالات الوفاة الناجمة عن القصف، والأسلحة، وإطلاق القذائف وهناك عوامل أخرى ارتبطت بالوفاة فالكثير من النساء فقدن حياتهن متأثرات بأعمال العنف والتهجير، مثل الافتقار إلى الخدمات الأساسية الضرورية والجوع والجفاف والأمراض ونقصان الأدوية والعقاقير والمؤن الرئيسية، وقد فرَّت الكثير من العائلات هرباً من مناطق الصراع دون اصطحاب أية أمتعة أو حاجات ضرورية، ولذلك فهي تفتقر إلى المستلزمات الرئيسية، مثلاً  فقدت السيدة خديجة خليل من أهالي قرية بافلور التابعة لناحية جنديرس، ذي 60 عاماً حياتها على طريق كيمار أثناء هروبهم ، فقد كانت تعاني من مرض السكري، بينما كانت برفقة زوجها وابنتها التي سارعت إلى البحث عن الماء في القرى القريبة، لكن ابنتها فوجئت بوفاة أمها عطشاً فقاموا بدفنها في الطريق بين الأراضي الزراعية، وكذلك فقدت المواطنة صباح زينل 62 عاماً من قرية تلف التابعة لناحية جنديرس حياتها بعد معاناتها مع مرض الفشل الكلوي في مدينة نبل الخاضعة لسيطرة النظام، نتيجة ضعف الرعاية الطبية اللازمة، وتزايدت حالات الوفيات بين كبار السن من أبناء عفرين وذلك نظراً لعدم سماح الدولة المحتلة و الفصائل المرتبطة بها بدخول المنظمات الإغاثية الإنسانية هناك .

الخطف والتعذيب :

تم خطف السيدات على نطاق واسع، وذلك منذ اندلاع الصراع في عفرين، بما فيها حالات الاختفاء القسري والخطف مقابل فدية أو بهدف الإتجار وحتى في حالة إطلاق سراح الضحية، فغالباً ما يترتب على الخطف عواقب وخيمة، فالمخاوف المرتبطة بشرف العائلة ستُحتّم وصف السيدات والفتيات المخطوفات مدى الحياة في أفضل الظروف بأقبح الأوصاف، وقد يتعرضن للقتل على أيدي أُسرهم، حيث أنه كثيراً ما سيُفترض بأن السيدة التي تم اختطافها قد تم أيضاً الاعتداء عليها جنسياً، بغض النظر عما إذا كان ذلك قد حدث بالفعل أو لم يحدث.

 وقد سُجِلت حالات الخطف بـ 36 حالة، ومن المُرجح أن تكون الأعداد أكبر من هذا بكثير، حيث تمتنع العديد من العائلات عن الإبلاغ عن اختطاف بناتهن .

العنف الجنسي و الاغتصاب:

لحساسية هذا الموضوع فقد تعذر الحصول على معلومات وإحصائيات دقيقة من الجهات المختصة، حيث تحول الأفكار والمعتقدات القديمة المتعلقة بالشرف دون إبلاغ الغالبية العظمى من الضحايا عن تلك الوقائع، وبالأخص  يمتنعن عن الإفصاح عنها لعائلاتهن.

 وبحسب الاحصائيات المتوفرة فقد بلغ عدد ضحايا الاعتداءات الجنسية بـ 46 حالة .

 ثانياً انتهاكات الدولة التركية بعد الاحتلال بحق المرأة:

بموجب لائحة لاهاي لعام ١٩٠٧ (المواد من ٤٢-٥٦) واتفاقية جنيف الرابعة ( المواد من ٢٧-٣٤)و من (٤٧-٧٨) إضافةً إلى بعض أحكام البروتوكول الإضافي الأول، والقانون الدولي الإنساني العرفي أصبحت عفرين منطقة محتلة من قبل القوات التركية ومرتزقتها في 18/3/2018، وبناء على ذلك يترتب على الدولة التركية المحتلة والفصائل المسلحة الموالية لها العديد من الالتزامات بموجب هذه الاتفاقيات ولا سيما أحكام الاتفاقية التي تُوجب على القوَّة المحتلة حماية الوضع الراهن وحقوق الإنسان، كما تُلزم الاتفاقية جميع الدول والأطراف المعنية بتنفيذ الاتفاقية في مواجهة الانتهاكات الخطيرة  في الأراضي التي احتلتها، مع ذلك نجد أن تركيا لم تحترم أياً من هذه القوانين بل مارست منذ اليوم الأول من احتلالها سواءً بشكل مباشر أو عبر مرتزقتها العديد من الجرائم والانتهاكات الخطيرة وبمختلف صورها وحدّتها وصولاً إلى أكثرها قسوةً وبشاعة، من سرقةٍ وسلبٍ ونهبٍ وقتلٍ وتعذيبٍ واعتداءاتٍ وتصفياتٍ جسدية وتهجير قسري للسكان وتغيير ديموغرافي ممنهج وغيرها من الجرائم التي تندرج في أغلبها تحت ما يعتبره القانون الدولي الإنساني جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وهذا ما أكدته تقارير صادرة عن منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، فمثلاً تعرضت طفلة تبلغ من العمر عامين في عفرين للقتل بعد اغتصابها وقتل والدتها من قبل ثلاثة شبان، وسط سخط من الأهالي من تردي الأوضاع الأمنية في المنطقة، حيث وجدت الطفلة وأمها مقتولتين بمنزل في قرية “كوركا” التابعة لناحية معبطلي بمدينة عفرين، وتم اغتصاب فتاة من قبل أحد عناصر المرتزقة في عفرين لسبب غريب جدا، وهو لباس الفتاة الفاضح، وقام مجموعة من مرتزقة الاحتلال بعملية اغتصاب ثلاثة فتيات قاصرات لا تتجاوز أعمارهن الـ 15 عاماً، كما وأفادت مصادر محلية من عفرين، بأن رئيس فرع ما يسمى “مكافحة المخدرات” في مدينة عفرين “محمود سلو” قام بعمليات اغتصاب طالت عدة نساء في المدينة، آخرها فتاة قاصرة وامرأة حاملة في شهرها الثالث، مما أدى إلى إجهاض جنينها، كما تم أيضاً استهداف النساء المِهَنيات في شتى أنحاء عفرين بسبب مشاركتهن في المجال العام،  سواء من خلال عملهن كفنانات أو طبيبات أو صحفيات أو ناشطات.

فخلال الفترة اللاحقة للاحتلال، أصبح من الخطر ممارسة السيدات لأدوارهنَّ خارج النطاق المنزلي، وهو الأمر الذي يختلف جذرياً عن وٍضع عفرين قبل الاحتلال، فمثلاً أطلقت الفصائل التابعة للاحتلال التركي الرصاص الحي على الفنانة التشكيلية بهارين بيرنو على حاجز ترندة في عفرين، حيث اخترقت الرصاصة صدرها، ونقلت على إثرها إلى المستشفى ولا توجد أخبار عن حالتها الصحية حتى الآن.

إذاً:

هناك دولة احتلال لا تتعاطى بالمطلق مع الجزء المحتل وسكانه بمنطق القانون، بل أطلقت يد العناصر المسلحة لتفعل ما تشاء، أولئك العناصر الذين يحملون أفكاراً وأمراضاً وعقائد متطرفة وتشدداً دينياً ومذهبياً وطائفياً وعرقيّاً وقومياً وغيره، ويَرَونَ في المكوّن الكردي الذي تنتمي إليه الغالبية العظمى من سكان عفرين، ويرون في الديانة الإيزيدية التي تؤمن بها إخوة لنا في عفرين؛ كَفَرة مُلحدين انفصاليين خَوَنة ودماؤهم مستباحة،

وكما نعلم فإن ذلك الواقع وبتلك الصورة المأساوية يعتبره القانون الدولي الإنساني جريمة ضد الإنسانية، وهذا ما ورد في صريح مواد الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها ١٣٣/٤٧ تاريخ ١٨/١٢/١٩٩٢ وهو ما أكدته أيضا المادة السابعة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ١٧/٧/١٩٩٨ أضف إلى ذلك المواد ذات الشأن بمعاملة النساء وفق ما تم ذكره سابقاً في اتفاقيات جنيف 1949 وبروتوكولاتها لعام 1977.

زر الذهاب إلى الأعلى