تقاريرمانشيت

الوحدة الكردية بعيون المثقفين

في ظل الأحداث المتسارعة التي تمر بها سوريا بشكل عام، ومناطق شمال وشرق سوريا بشكل خاص، والآراء الكثيرة حول وحدة الصف الكردي من قِبل جميع فئات المجتمع، كون الوحدة الكردية باتت من أهم ما يقف عليه حل القضية الكردية، ومما لا شك فيه أن لكافة فئات المجتمع دور في توحيد آراء جميع الكرد بمختلف توجهاتهم السياسية لأن توحيد الرأي الكردي من الحاجات الملحة والواجب تحقيقها في الوقت الحاضر، ويمكننا القول بأن مستقبل القضية الكردية بات مرتبطاً بشكل أو بآخر بتوحيد الآراء، لنخرج بنتيجة مثالية تخدم كافة فئات مجتمعنا، وتحل كافة المسائل العالقة منذ زمن طويل.

لذا كان من الواجب أن نسلط الضوء في صحيفتنا على بعض آراء المثقفين حول الوحدة الكردية التي باتت مسألة حساسة في المرحلة الراهنة التي نتعرض فيها لكافة أشكال الانتهاكات ويتم تفعيل مؤامرات خبيثة من جهات عديدة لضرب إرادة شعبنا وتهميش قضيتنا، فقد بات ضرورياً أن تتم وحدة الصف الكردي بأسرع وقت ممكن، ويجب أن يكون لمثقفينا دور في ذلك وأن يكون لهم مبادرات فيما يخص مستقبل الشعب الكردي برمته، لذا ارتأت الصحيفة إجراء عدة لقاءات بهذا الصدد، ومنها لقاءنا مع الكاتب والإعلامي حسين أحمد، حيث تحدث لصحيفتنا قائلاً:

تجسيداً لأرواح شهداء الكرد مطلوب من الجميع إيجاد آليات ممكنة لتوحيد الصف الكردي، وأن يتم تناول قضية الأحزاب الكردية والحديث عن آليات لتوحيد خطابها السياسي من خلال تنوعها وتطلعاتها السياسية في الجزء الكردستاني الملحق بسوريا وتحديداً التداعيات التي خلقتها اتفاقية سايكس بيكو، واستمراراً لما مارستها الأنظمة الحاكمة في سوريا لابد من توضيح بأن القضية الكردية دخلت ضمن الخارطة السياسة السورية، لأن الكرد ساهموا بقوة في إخراج المستعمر الفرنسي وتحقيق استقلال سوريا، ولا يمكن تصور دولة سورية لجميع مواطنيها بدون حل القضية الكردية، والاعتراف الدستوري بحقوقه القومية المشروعة كشعب يعيش على أرضه التاريخية.

وتابع حديثه بالقول: مطلوب من الأحزاب الكردية وجميع الأطراف السياسية في سوريا أن تتجاوز محنتها وتوحد خطابها في هذه المرحلة الحساسة، وأن تبحث في خفايا وسراديب الحركة الكردية تاريخياً وإيجاد نقاط مشتركة لتوحيد خطابها السياسي، وذلك تماشياً مع المرحلة المقبلة.

وأضاف: على جميع الأطراف السياسية إدراك مواطن الخلل والإشكاليات التي تعترضها وإتلافها أمام هول ما تمارسها هذه الأنظمة الاستبدادية من عدم قبول الكرد بالحصول على حقوقهم القومية، وبكل تأكيد يحتاج ذلك إلى دراسة الأزمة بشكل دقيق، وكذلك يحتاج من الجميع التنازلات والابتعاد عن الأنا المتضخمة لأن الوضع الراهن للكرد يعتبر من أعقد القضايا لتعدد أوجهها وتزايد أعدادها أفقياً وعامودياً بسبب الواقع الكردي الاستثنائي وهيمنة أنظمة ذات سياسات استخباراتية وما تمارسه هذه الأنظمة من سياسات التفكيك والتشتيت والسعي لعدم توحيد الخطاب الكردي.

وبدورها قالت أفين يوسف الرئيسة المشتركة لاتحاد الإعلام الحر لصحيفتنا بهذا الصدد:

الوحدة الكردية أمر لابد منه في ظل الظروف الراهنة وأعتقد أن الوقت قد حان للوصول إلى اتفاق مشترك بين الأطراف الكردية بعيداً عن التعصب الحزبي وإن يتم تقديم بعض التنازلات في سبيل بناء بنية وطنية قومية موحدة.

وأكدت أفين يوسف على أن تقديم تنازلات ليس بالأمر الخاطئ وليس ضعفاً إن تم تقديمه من قبل أي طرف كردي، إن كان المجلس الوطني أو الأحزاب المقربة من الإدارة الذاتية الديمقراطية، كما يجب وضع آلية مشتركة تهدف لتوحيد الصف الكردي بما يصب في مصلحة الشعب الكردي بين حكومة إقليم كردستان ومسؤولي الإدارة الذاتية الديمقراطية، بالتالي عدونا واحد وقضيتنا واحدة.

وبدوره تحدث الكاتب والناقد خالص مسور لصحيفتنا، صحيفة الاتحاد الديمقراطي عن أهم ما يمكن فعله في سبيل توحيد الصف الكردي وما يتطلبه الواقع الحالي، هذا واستهل حديثه بالقول:

الوحدة الكردية باتت ضرورية، ويجب على كل كردي أن يدعو إلى تحقيقها، سواء كان سياسياً أو مثقفاُ أو..، حيث أصبحت الوحدة المنقذ الوحيد للشعب الكردي فبدونها لن نحقق ما نريده وما نصبو إليه، فالأحزاب الكردية في روج آفا مدعوة إلى التنسيق فيما بينها لإيجاد نوع من الوحدة أو التضامن الكردي لنستطيع مقاومة السوء والمؤامرات القادمة إلينا من كل حدب وصوب، وأن نكون واثقين بآمالنا التي إن لم نتحد فسوف تتبدد، وسنكون قد ارتكبنا خطيئة تاريخية كبيرة بحق شعبنا وبحق جميع أجزاء كردستان.

وتابع خالص مسور حديثه بالقول: على جميع الأحزاب الكردية وجميع الشخصيات المستقلة والشعب الكردي ككل، الالتفاف حول النضال الوطني الذي يخوضه شعبنا اليوم سواء في روج آفا أو في باقي المناطق، حيث باتت القضية الكردية تتكئ على الوحدة الكردية والتي بدونها سنبقى مشتتين لا يصعب على العدو النيل من إرادتنا، وسوف يجبرنا على التخلي عن أراضينا، ثوابتنا، تاريخنا، حقيقتنا، وعن تراثنا، لذا الوحدة هي السبيل الأساسي لحل القضية الكردية.

وأضاف: نحن الآن نتعرض لخطر الإبادة وللقتل الجماعي بكافة أشكاله، والإبادة ليست فقط كما معناها الحرفي، إنما هناك إبادة سياسية وتراثية وفلكلورية وتاريخية، فالآن التاريخ الكردي والشعب الكردي معرض لهذه الإبادة، لذا يجب علينا أن نتكاتف وعلى كل إنسان كردي شريف أن يعلم ذلك، وأن لا يتملص من الموقف الوحدوي لأن الشعب سوف يحاسب كل من يقف في وجه توحيد الرؤية الكردية عاجلاً أم آجلاً.

وأكد الكاتب خالص مسور إن هذه أول مرة تسنح لنا الفرصة بهذا الشكل، حيث قال: يجب أن لا نبدد أو نفرط في هذه الفرصة التي سُنحت لنا وأن نكون دائماً حريصين على استغلالها لصالح قضيتنا وشعبنا، لأننا شعب مضطهد منذ مئات السنين ولم يفعل أحد شيء لأجل هذا الشعب، لذا يجب أن لا ننتظر أحداً ليقف إلى جانبنا بل علينا ان نوحد صفوفنا وتوجهاتنا لرفع الظلم عن شعبنا الذي عانى منه طويلاً.

وأردف: لم تحرك جميع الدول أو الأمم المتحدة ساكناً تجاه ما يحصل لشعبنا، فقد بقي صامتاً أمام الإبادة التي حصلت وتحصل بحق شعبنا في عفرين وسري كانيه وكري سبي، حيث تذكرنا تلك الإبادة بالإبادة التي تعرض لها الشعب الارمني على يد الدولة العثمانية، لأن هدف الدولة التركية منذ القديم وحتى اليوم هو إبادة الشعوب واحتلال الأراضي ليفتحوا المجال أمام مرتزقتهم للقتل والسلب والنهب.

وقال الكاتب خالص مسور مؤكداً: على الكردي أن يعلم بأن السبب الرئيسي لتعرضه للإبادة وجميع تلك الممارسات والانتهاكات هو عدم اتحاده، وأن بقي الوضع هكذا ولم تتحد جميع الأطراف الكردية فسيفتح ذلك المجال أمام العدو لاحتلال المزيد من الأراضي وارتكاب الفظائع بحق شعبنا وأرضنا وتاريخنا العريق.

وتابع: أننا نرى اليوم ما يعانيه أفراد شعبنا في مخيمات النزوح فهم محرمون من أبسط سبل العيش وبعيدون عن حقوقهم الإنسانية في العيش بكرامة، فقد شُردوا وخرجوا من منازلهم وأراضيهم، وما زال شعبنا يتعرض لانتهاكات وجرائم ضد الإنسانية من قتل وسبي وتشريد و..، لذا علينا ان نقوي أنفسنا، فمن ناحية القوة والشجاعة والمقاومة نحن نمتلكها، بقي علينا أن نتحد، فالوحدة في الوقت الحالي وفي ظل ما نمر به أصبحت ضرورية أكثر من أي شيء آخر.

وأوضح: كما أننا مع الأسف نرى أن بعض الأطراف تقف إلى جانب العدو في احتلال أراضيه، ربما هذه المرة الأولى التي نسمع بها أن هناك من يجلب العدو لأراضيه ويقف إلى جانبه في احتلالها مهما كانت قوميتهم سواء أكانوا كرد أو من ضمن ما يسمون أنفسهم “بالجيش الحر”، حيث يجلبون الأتراك إلى أراضيهم في وقت كانوا يرفعون شعارات تنادي بالحفاظ على أرض الوطن، ويتهمون الكرد بالانفصاليين، ونراهم الآن هم ذاتهم من يقسمون أراضي سوريا ويقدمونها على طبق من ذهب للعدو التركي المحتل، فقد أدخلوا الأتراك إلى إدلب، جرابلس، إعزاز، الباب، عفرين، وأخيراً أدخلوهم إلى مدينتي سري كانيه وكري سبي، وهذه المناطق أراضي سورية، وادعاءاتهم تلك باتت واضحة للجميع.

كما دعا الكاتب والناقد خالص مسور جميع الأطراف والأحزاب الكردية أن تقف صفاً واحداً في وجه أهداف العدو في تفرقة الشعب الكردي واحتلال أراضيه، حيث قال:

على الشعب الكردي والأحزاب والشخصيات الكردية الاتحاد اليوم قبل الغد، وأن يوحدوا خطابهم السياسي لنتوحد سياسياً ونتضامن للوقوف في وجه العدو الذي يريد إبادتنا واحتلال أراضينا وإجلاءنا عنها، كون العدو لا يكتفي باحتلال الأراضي، بل يجلب المرتزقة وعائلاتهم من الخارج ويعيد توطينهم وإسكانهم في بيوتنا وأراضينا التي هُجرنا منها قسراً، فهذا منتهى الخسة واللؤم، فعدو بهذا الشكل وبهذا الكم الهائل من الحقد والكراهية تجاه شعب ما لا يتكرر في التاريخ سوى مرة واحدة من ناحية الانتهاكات والجرائم التي يقوم بها، إضافة إلى كل ما يقوم به، فيجلينا عن أراضينا رغبة منه في السيطرة على ثرواتنا وتراثنا وتاريخنا وحضارتنا العريقة، لذا على الإنسان الحزبي والسياسي أن يفعل كل ما بوسعه لمنع هذه الانتهاكات ودرء خطر أكبر، ويمنع المزيد من التهجير والقتل وجميع الأعمال الإجرامية التي تتم بحق أهالينا وشعبنا، وهذا ما لن يتم إلا بتوحيد الصف الكردي، الوحدة، التضامن الكردي، ويجب أن نقدم التنازلات في سبيل هذه الوحدة التي باتت السبيل الوحيد لإنقاذ شعبنا، ونترك خلافاتنا جانباً ونضع مكاسب الشعب برمته وجميع المكونات في أولوياتنا وفي الواجهة، كون الإنسان الثوري والمناضل دائماً يضحي في سبيل مصالح شعبه.

وفي ختام حديثه توجه الكاتب والناقد خالص مسور بالشكر إلى صحيفة الاتحاد الديمقراطي على طرح هذا الموضوع الهام في ظل ما تمر به المنطقة والذي ينعكس تلقائياً على شعبنا الكردي وقضيتنا.

 

إعداد: آلندا قامشلو

زر الذهاب إلى الأعلى