مقالات

الواقعية السياسية الكردية

لابد من تناول السياسة الخارجية للأحزاب والتنظيمات السياسية الكردية ودراستها وتحليلها من زاوية الواقعية السياسية والتركيز على واقع الدبلوماسية الكردية الجديدة والراهنة بما تتضمنه من تجارب تاريخية ومحطات مفصلية لمحاولة فهم السياسة الخارجية بخصائصها وعناصرها ومشاكلها بشكل أفضل وأقرب إلى الواقع السياسي والمسار التاريخي.

الواقع الراهن يحيلنا إلى الكثير من التعقيدات والتوازنات والتحديات الداخلية والخارجية حيث تتشابك وتتداخل الكثير من الحسابات والرهانات والمصالح الإقليمية والدولية.

فالسياسة الخارجية للحركات الكردية شهدت وتشهد باستمرار انقسامات سياسية داخلية حادة وتعاني من أزمات ومشاكل مستعصية، وتتأثر بأحداث خارجية دراماتيكية بطريقة تكتسي أهمية خاصة بل مضاعفة، وإن كانت بعض الأوساط السياسية الكردية لا تُولي السياسة الخارجية العناية والمتابعة اللتين تستحقهما؛ ربما لأنها لا تؤمن بها أو لا تدرك جدواها السياسي والاستراتيجي في وقت يمكن للدبلوماسية الكردية أن تلعب دوراً بالغ الأهمية في إدارة العلاقات الخارجية بطريقة ذكية ودقيقة للغاية، وفي التمثيل في المحافل الدولية التي نحتاج إليها بشدة. الخوض في السياسة الخارجية للحركات والتنظيمات السياسية الكردية أمر يستحق النقاش والوقوف عليه مطولاً.

 فلا يمكن نكران وجود اختلاف سياسي بين الأطراف الكردية أما الملاحظة التي يمكن تسجيلها في هذا الإطار أن شكل واتجاه السياسة الخارجية للتنظيمات السياسية الكردية ارتبطت دوماً ربما بأجندات وخلفيات سياسية أكثر من ارتباطها بالرؤى والبرامج التي تجسد الثوابت والخيارات على مر النضال الكردي.

عندما نتكلم بحق سياسة الكرد الخارجية لا يسعنا سوى أن نشير بكل وضوح وصراحة إلى مسألة محدودية الإمكانات وأن نقر بأثرها السلبي على سير عمل ومستوى أداء الدبلوماسية الكردية فضعف الإمكانات من شأنه تقويض العمل الدبلوماسي وخفض سقف التطلعات والطموحات إلى جانب تشتت رؤى الأطراف الكردية بشأن هذا الموضوع وغيره.

 لقد أثبتت التجربة السياسية ومن دوافع الممارسة السياسية أن الوضع الكردي لا يتحمل الشطط أو المغامرة في اتخاذ المواقف الجامدة، وسلوك الخيارات المتطرفة على مستوى السياسة الخارجية انطلاقاً من ضرورة الالتزام بالوحدة الوطنية دون أن يعني ذلك بالتأكيد عدم القدرة على اتخاذ المواقف المبدئية وسلوك الخيارات الحاسمة بطريقة واضحة وصريحة استناداً إلى الثوابت الوطنية وانسجاماً معها لاسيما فيما يخص القضايا المصيرية والاستراتيجية وبما يؤمن المصلحة الوطنية الكردية العليا.

من كل ما تقدَّم؛ لا يسعنا سوى التأكيد على أن الدبلوماسية الكردية معنية بتحديد وإظهار عوامل القوة الكردية وعناصرها السياسية وغير السياسية والتي يمكن توظيفها في خدمة الأهداف الكردية المحددة والمرسومة, فالتركيبة السياسية الكردية لم تعد تحتمل الانحياز أو الدخول في سياسة الأقطاب والتموضع أو الاصطفاف في المحاور الدولية والإقليمية؛ هكذا يجب أن يتصرف الكرد ويجب أن يبقى سياستنا بمنأىً عن الاستقطاب والاصطفاف السياسي، ولا تفسدها أو تمسها المزاجية أو الكيدية السياسية في وقت نحن بأمس الحاجة إلى تمثيل دبلوماسي في المحافل الدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى