تقاريرمانشيت

النظام التركي وجرائمه … أمام محكمة الجنايات الدولية..!

دوست ميرخان

جاء في نص ميثاق  محكمة الجنايات الدولية والتي تأسست بصفة قانونية في 1 تموز 2002 بموجب ميثاق روما والذي صادق عليه أكثر من 108 دولة “إن الجرائم التي ترتكب بحق الانسانية وتهدد السلم والأمن العالمي لا يجوز أن تمرّ من دون عقاب”.

أما اختصاصات المحكمة فهي متابعة الأفراد المتهمين بـ:

جرائم الإبادة الجماعية، وتعني حسب تعريف ميثاق روما، القتل أو التسبب بأذى شديد بغرض إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية إهلاكا كليا أو جزئيا.

كذلك الجرائم ضد الإنسانية، وهي (أيُّ فعل أرتكب بشكل منظم وممنهج ضد مجموعة من السكان المدنيين، مثل القتل العمد والإبادة والاغتصاب  والنقل والتهجير القسري والتفرقة العنصرية والاسترقاق).

أما جرائم الحرب، فهي كل الخروقات المرتكبة بحق اتفاقية جنيف لسنة 1949، وانتهاك قوانين الحرب في نزاع مسلح دولي أو داخلي.

ويمكن للمحكمة أن تنظر بقضايا أشخاص متهمين بارتكاب هذه الجرائم مباشرة، أو آخرين لديهم مسؤولية غير مباشرة فيها، كالمسؤولية عن الإعداد أو التخطيط، أو مسؤولية التغطية عنها، أو مسؤولية التشجيع عليها.

ويمكن للدول المصادقة على المحكمة أو مجلس الأمن الدولي أن تحيل على المدعي العام قضايا تتعلق بالجرائم التي تختص المحكمة بالنظر فيها، كما يمكن له أن يبادر بفتح تحقيق في أي قضية يرى أنها تستحق ذلك.

ويفرض قانون المحكمة على هذه الدول أن تتعاون معها في التحقيقات والمتابعات التي تباشرها، بأن تسلم المتهمين إن كانوا من مواطنيها، أو تعتقلهم وتسلمهم إن دخلوا أراضيها، وبأن توفر كل الوثائق المتوفرة لديها في أي قضية تفتح المحكمة التحقيق فيها.

 هل يمكن للمحكمة أن تصدر مذكرة توقيف بحق قيادة النظام التركي وفي مقدمتهم رجب طيب أردوغان بناء على جملة من الاتهامات المتعلقة بالهجوم على شعب خارج إطار دولته وخرق سيادة دولة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي أرتكبها جيشه والمجموعات الإرهابية المرتزقة مستخدماً كافة صنوف الأسلحة. لكن هناك عدة تساؤلات هامة فيما يتعلق بهذه القضية الحساسة:

  • هل يمكن لادعاء المحكمة أن يتقدم باتهامات ضد رئيس دولة؟ أليس لرؤساء ورؤساء الوزارات وغيرهم من قادة الدول والحكومات حصانة من الملاحقة القضائية؟

نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية ينطبق على الجميع بغض النظر عن مناصبهم الرسمية. وأية حصانة يتمتع بها الشخص في بلده بناء على منصبه الرسمي لا تمنع المحكمة الجنائية الدولية من نسب الاتهامات إليه. والمادة 27 من نظام روما ورد فيها بشكل صريح أن “رؤساء الدول ليسوا مُحصنين من الملاحقة القضائية”.

  • ما هي المتطلبات التي يجب للمُدّعي أن يستوفيها للحصول على مذكرة توقيف؟

الدائرة التمهيدية لمحكمة الجانيات الدولية  تُصدر مذكرة التوقيف إذا وجدت أن مجموع الأدلة التي قدمها المدعي تُعد “أساساً منطقاً للاعتقاد” بأن الشخص المذكور قد ارتكب جرائم تدخل ضمن الاختصاص القضائي للمحكمة. والمشتبه الذي يتم توقيفه أو يسلم نفسه للمحكمة يحظى بفرصة الاعتراض على الاتهامات والطعن في الأدلة في جلسة “لتأكيد الاتهامات”. وفي هذه المرحلة، على الدائرة التمهيدية أن تقرر ما إذا كان هنالك ما يكفي من أدلة “كأساس قوي للاعتقاد” بأن الشخص قد ارتكب كل من الجرائم المنسوبة إليه من أجل التقدم إلى المرحلة التالية من المحاكمة.

  • في حال عدم تأكيد المحكمة للاتهامات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، فهل هذا يعني أنها حكمت بعدم وقوع عمليات إبادة جماعية؟

 تنظر الدائرة التمهيدية في الأدلة الواردة إليها من المدعي بأنها أساس للـ “الاعتقاد بناء على أسباب منطقية” بأن المتهم ارتكب جريمة الإبادة الجماعية بموجب نظام روما، ولا تذكر تحديداً وقوع إبادة جماعية من عدمها.

وهنا ينبغي على المدعي أن يُظهر وقوع بعض الأفعال (بالأساس القتل، أو التسبب في إلحاق أضرار بدنية أو ذهنية بعناصر مجموعة ما، عمداً والتسبب في تدمير جماعة ما كلياً أو جزئياً، أو فرض إجراءات بقصد معين هو “التدمير كلياً أو جزئياً لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية” على أساس هويتهم. وفيما توجد أدلة قوية على وقوع أعمال وحشية في كلٍ من عفرين ورأس العين “بقصد إجرامي”.

يواجه قيادة النظام التركي اتهامات بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وهي اتهامات دولية جسيمة للغاية، وتشمل القتل الجماعي والتدمير، وغيرها من الأعمال الإجرامية والجرائم ضد الإنسانية  القتل والتصفية والتعذيب والنقل قسراً لمجموعة سكانية وارتكاب هذه الجرائم ضمن هجمة ممنهجة  وموسعة ضد المدنيين في شمال شرق سوريا. وجرائم الحرب التي تشمل توجيه الهجمات عمداً إلى السكان المدنيين والقيام بالنهب. وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية كانت الأساس لمقاضاة الأفراد في جرائم ألمانيا النازية في محكمة نورمبرغ والتطهير العرقي في البلقان في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة.

  • في حال إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتهم بدعم الإرهاب والعمليات الإرهابية أيضاً، فمن بإمكانه إجراء التوقيف؟

ليست لمحكمة الجنائية الدولية قوة عسكرية وأمنية خاصة بها، فهي تعتمد على السلطات الوطنية في التعاون من أجل إجراء عمليات التوقيف بالنيابة عنها. ويمكن للمحكمة أن تطلب من أية دولة قد يوجد بها المتهم أن تقوم بتوقيفه وتسليمه. والدول الأطراف في نظام روما مُلزمة عامة بالالتزام. إلا أن ثمة أسئلة حول الالتزام بالامتثال والخشية إزاء الخلافات حول الالتزامات القانونية، إذ يمكن للدولة أن تشاور المحكمة للتوصل لحل إزاء هذه القضية.

 وهنا يمكن لمجلس الأمن أن يتدخل ويحيل المجرم إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية.

  • ماذا لو ثبت التهم على أردوغان وخرج من تركيا إلى قطر على سبيل المثال فهل قطر مُلزمة بتوقيفه؟

يُلزم نظام روما بشكل عام جميع الدول الأطراف بأن تلتزم ب بالقرار الصادر عن المحكمة. وإذا طُلب إلى دولة أن تقوم بالاعتقال وكانت قلقة إزاء تعارض الالتزامات الخاصة بالقانون الدولي، فالمنبر المناسب لإثارة هذا الموضوع هو المحكمة الجنائية الدولية.

لكن الأطراف من غير الدول الاعضاء ليسوا مُلزمون بإجراء التوقيف بناء على طلب المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما. ألا إن مجلس الأمن بمقدوره أن يطلب من تلك الدول التعاون الكامل مع المحكمة وتسليم المتهم خاصة وإن قامت هي نفسها بإحالة القضية إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية. وهنا يمكن لأردوغان اللجوء إلى قطر (شريكة النظام التركي في دعم الإرهاب واحتلال شمال سوريا).على اعتبارها ليست دولة طرف في نظام روما. وليست ملزمة بتنفيذ أمر الاعتقال حتى وإن تلقت طلباً من مجلس الأمن والمحكمة الدولية.

من هنا فأن محكمة الجنايات الدولية مسؤولة عن تقديم المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأعمال الإبادة الجماعية للعدالة تتحرك بشكل مستقل وبعيداً عن المؤثرات السياسية من أجل الوفاء بولايتها.

ما الذي توصلت إليه المنظمات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الإنسان ورصد الانتهاكات ذات الصلة بها حول دور أردوغان في الجرائم المرتكبة في كل من عفرين ورأس العين وتل أبيض (شمال سوريا)؟

وثقت العديد من المنظمات الدولية والمحلية وبتقارير وثبوتيات وادلة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها الجيش التركي في عملياتها  العسكرية خلال احتلالها لمدن شمال سوريا برفقة العديد من المجموعات الإرهابية المرتزقة، وتندرج هذه الانتهاكات والجرائم وبحسب تلك المنظمات ضمن جرائم الابادة وجرائم الحرب، حيث نفذت هذه العمليات بأمرٍ من القيادة التركية ومن رأس الهرم الحاكم ومنهم أردوغان  وخلوصي أكار وجاوش أوغلو، والتي تعمدت وبشكل منهجي استهداف الشعب الكردي بشكلٍ خاص وعموم السكان في مدن الإدارة الذاتية الديمقراطية  واعتبرت هذه المنظمات التي سنأتي على ذكرها بأن الأفعال التي قام بها الجيش التركي ورديفها الإرهابي المرتزق انتهاك للقانون الدولي.

وأردوغان بصفته القائد الأعلى للجيش التركي والراعي الرسمي للمجموعات الإرهابية التي وحَّدها أردوغان تحت مسمى الجيش الوطني لإبقائها بعيداً عن لوائح الارهاب، لعب دوراً محورياً في توجيه الحملة العسكرية التي سماها هو نفسه ” غصن الزيتون” في عفرين شمال غرب سوريا و حملة ” نبع السلام” في رأس العين وتل أبيض شمال شرق سوريا والتي لازالت مستمرة بالرغم من تحذيرات الامم المتحدة.

الجدير بالذكر إن  قيادة النظام التركي لم تخفِ نواياها العدوانية او جرائمها المرتكبة بحق أبناء الشمال السوري. بل كان المجتمع الدولي مطلعاً على كل الخطوات العدائية  التي اتخذها أروغان وبتصاريح مباشرة وعلنية حول مجمل العمليات العسكرية بارتكاب الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها القوات التركية والمجموعات المرتزقة.

  • البيان الختامي للمؤتمر الدولي حول شمال وشرق سوريا الذي انعقد في البرلمان الأوروبي بتاريخ 13-14 كانون الأول 2019 شارك فيه كلٍ من (التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات (AIDL) ) واعضاء في البرلمان الأوروبي وممثلين عن المنظمات والهيئات الدولية إضافة إلى العديد من رجال القانون وباحثين وأكاديميين في المجال القانوني الدولي. وورد في نص البيان الختامي للمؤتمر:

“تواصل الحكومة التركية استخدام اللاجئين السوريين كابتزاز ضد المجتمعات الأوروبية والدولية لصرف الانتباه عن جرائم الحرب وارتكاب أعمال الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتغيير الديموغرافي ضد السكان الأكراد والمسيحيين والسريانيين والعرب في شمال وشرق سوريا “.

“إن أعمال العدوان الصارخة هذه تشكل انتهاكات للقانون الدولي وتهدد السلم والأمن الدوليين”.

  • تقرير منظمة هيومن رايس ووتش 27/ 11/ 2019

  في تقريرٍ لها قالت المنظمة الدولية هيومن رايتس ووش  إن القوات العسكرية التركية، وتحالف الجماعات المسلحة السورية المدعومة من تركيا، قد أبدت ازدراء مشيناً لحياة المدنيين؛ حيث ارتكبت انتهاكات جسيمة وجرائم حرب، بما في ذلك القتل العمد، والهجمات غير القانونية التي قتلت وجرحت مدنيين؛ وذلك خلال الهجوم على شمال شرق سوريا.

 وبدورها أشارت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: إلى أن “الإعدامات، ونهب الممتلكات، ومنع عودة النازحين إلى ديارهم هي أدلة دامغة على أن “المناطق الآمنة” المقترحة من تركيا لن تكون آمنة. خلافا للرواية التركية بأن عمليتها ستنشئ منطقة آمنة، فإن الجماعات التي تستخدمها لإدارة المنطقة ترتكب انتهاكات ضد المدنيين وتُميز على أُسس عرقية”.

وفي تقريرٍ آخر للمنظمة الدولية قال المدير التنفيذي لـ هيومن رايتس ووتش “كيينث روث”: “تورطت تركيا وحلفاؤها سابقا في عمليات قتل غير قانونية واعتقالات تعسفية وأعمال تهجير غير مشروعة.

  • تقرير منظمة العفو الدولية (امنستي) 18/ تشرين الأول 2019

قال كومي نايدو، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية في تقرير للمنظمة الدولية : “لقد أدى الهجوم العسكري التركي على شمال شرق سوريا إلى تدمير حياة المدنيين السوريين الذين أجبروا مرة أخرى على الفرار من ديارهم، والعيش في خوف دائم من القصف العشوائي وعمليات الاختطاف، وأعمال القتل الميداني،  فالجيش التركي والمجموعات المسلحة شنوا هجمات مميتة غير مشروعة في المناطق السكنية قتلت وجرحت مدنيين.

“وتركيا مسؤولة عما تقوم به الجماعات المسلحة السورية التي تدعمها وتسلحها وتوجهها. ومنحت تركيا هذه الجماعات المسلحة حرية ارتكاب انتهاكات جسيمة في عفرين، وفي أماكن أخرى. وندعو تركيا مرة أخرى إلى وضع حد للانتهاكات، ومحاسبة مرتكبيها وتوفير الحماية للمدنيين الذين يعيشون تحت سيطرتها. ولا يمكن لتركيا التملص من المسؤولية عن طريق إسناد ارتكاب جرائم حرب إلى الجماعات المسلحة. “

  • عضو لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في سوريا كارلا ديل بونتي

  في مقابلة لها نشرتها صحيفة “شفايتز أم فوخنإنده”  بتاريخ  26/ أكتوبر 2019 قالت المحققة الأممية السابقة كارلا ديل بونتي إن أردوغان “يجب أن يخضع للتحقيق، ويواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب في ما يتعلق بالعملية العسكرية التي نفذتها بلاده في سوريا”، “يجب إجراء تحقيق معه، ويجب توجيه اتهامات إليه بارتكاب جرائم حرب. لا يجب السماح له بالإفلات من المحاسبة”.

( شغلت كارلا ديل بونتي  في السابق منصب المدعي العام في سويسرا، وشاركت في تمثيل الادعاء في قضايا جرائم حرب في رواندا ويوغوسلافيا السابقة).

  • تقارير منظمة حقوق الإنسان في شمال وشرق سوريا( محلية ميدانية)

طالبت منظمة حقوق الانسان في اقليم الجزيرة شمال وشرق سوريا من خلال عشرات التقارير التي اصدرتها المنظمة منذ تأسيسها إلى  الوقت الراهن المنظمات الانسانية والحقوقية الدولية بالتحرك والتدخل لوقف العدان التركي على شمال سوريا ،وضرورة تقديم الجُناة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتؤكد المنظمة في كافة تقاريرها الموثقة على أن الجيش التركي تجاوز كل القوانين الدولية خلال هجماته على شمال شرق سوريا  وإن الجرائم التي ترتكب ترتقي إلى جرائم إبادة جماعية

  • تقارير الهلال الأحمر الكردي( منظمة محلية ميدانية):

وثقت الهلال الأحمر الكردي كل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها الجيش التركي والمجموعات المسلحة منذ شن الدولة التركية أولى هجماتها على شمال سوريا وحتى الوقت الراهن وتشير الوثائق والثبوتيات بالأرقام والصور إلى ارتكاب الجيش التركي مجازر وانتهاكات بحقوق الانسان ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. ( توجد مئات التقارير الصادرة عن منظمة الهلال الكردي الاغاثية على الموقع الالكتروني للمنظمة).

  بالإضافة إلى مما ذكر تبرز لنا الحقيقة  التالية وهي إن  العديد من المنظمات الدولية والأممية والاقليمية والدولية، إضافة للعديد من الندوات التي أقيمت بهذا الخصوص سواء في شمال وشرق سوريا أو في خارج سوريا أدانت الدولة التركية إدانة واضحة وصريحة وبالثبوتيات والأدلة الدامغة بارتكابها جرائم حرب وممارسة الإرهاب ضد شعب شمال سوريا عموماً وضد الكرد خصوصاً، كما وطالبت بمحاسبة دولية، وهنا سأذكر لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا والتي تقودها الامم المتحدة، والتي اعدت تقريراً للدورة الثانية والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مكون من 21 صفحة كنتيجة للاجتماعات ومشاهد وصور فوتوغرافية وتحليلات عديدة حول النطاق الواسع للانتهاكات  التي ترتكب في عفرين منذ أن احتلها الجيش التركي والمجموعات الإرهابية المرتزقة”.

  • ما أهمية الملاحقة القضائية في الجرائم الجسيمة التي ارتكبتها الدولة التركية والتي تعتبر خرقاً للقانون الدولي؟

إن تحقيق العدالة في الجرائم الكبرى ومنها أعمال الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب – هو أمر يدخل ضمن ولاية القانون الدولي. لكن العدالة هامة أيضاً لإنصاف الضحايا وللتكريس لاحترام سيادة القانون؛ مما يسهم في بناء السلام، لا سيما في المجتمعات التي دمرتها الصراع وفى السلطة التي تبيد الشعوب في سبيل الحفاظ على كيانها السلطوي الاستبدادي.

 من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية إذا وقعت الجريمة على إقليم دولة طرف في نظام روما.

إذا كان الشخص المتهم بالجرائم مواطن لدولة طرف في نظام روما.

إذا لم تكن الدولة طرف في نظام روما لكنها تقبل بالاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية بشأن الجريمة المعنية، بإعلانها ذلك وبإحالة القضية إلى سجل المحكمة الجنائية الدولية.

إذا أحال مجلس الأمن الوضع المعني إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية.

ولأن تركيا  ليست دولة طرف في نظام روما لكنها قبلت باختصاصات المحكمة، وهنا يمكن لمجلس الأمن ان يلعب الدور المنوط به. لكن وكما يلاحظ من عمل المحكمة الدولية ومجلس الأمن والأمم المتحدة فأن وضع العدل الدولي وحقوق الإنسان يتسم بالمعايير المزدوجة ، فالجناة في الخروقات الجسيمة للقانون الدولي ينبغي أن يُحمَّلوا المسؤولية بغض النظر عن وزنهم السياسي والاقتصادي. إلا أن تطبيق العدل الدولي لا يتم بالتساوي. فالدول، وهي في العادة تتحرك عبر مجلس الأمن، كانت تقرر متى تُشكل محاكم جنايات دولية وما يدخل ضمن اختصاص هذه المحاكم. والاعتبارات السياسية كانت من العوامل المؤثرة في هذا الشأن، ومن ثم فإن المؤسسات التي تم تشكيلها لم تقم بتغطية كافة الجرائم الجسيمة التي ارتكبت. وعلى الرغم من هذه الانتقائية، فإن المحاكم التي تم تشكيلها كما اتفق أسهمت في إرساء مفهوم المحاسبة على الأقل فيما يتعلق بالنزاعات التي تدخل ضمن اختصاصها. ومن الأهمية بمكان مد نطاق هذه المحاسبة إلى أسوأ الجرائم أينما تقع. والمحكمة الجنائية الدولية، التي تم تشكيلها بموجب اتفاقية جماعية وليس قرار من مجلس الأمن، تُحقق هذا الأمر إلى حد ما، لكن ثمة قيود ومحسوبية والتباس في عمل المنظمات الدولية.

 كلمة للختام

في الوقت الذي تتركز جميع قضايا المحكمة الجنائية الدولية على أفريقيا في محاولة لفرض العدالة يبقى الشرق الأوسط ساحة مناسبة لمجرمي الحروب الذين يتعاظمون لدرجة يتجاوزون فيه كل المواثيق والعهود الدولية ولدرجة تبقى المنظمات عاجزة عن تحمل مسؤولياتها. ليبقى السؤال هل ستوجه المحكمة الدولية ومجلس الأمن يوماً أصابع الاتهام نحو مجرمي الحروب في الشرق الأوسط وهل سيكون أردوغان في مقدمتهم…؟

زر الذهاب إلى الأعلى