الأخبارالعالممانشيت

المونيتور تكشف الموقف الروسي من التصعيد في عين عيسى

حول التصعيد المستمر بين تركيا ومرتزقتها من جهة, وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى, ووسط الموقف الروسي السلبي إزاء هذا  التصعيد, حيث تُعتبر روسيا طرفاً في اتفاقية سوتشي لوقف إطلاق النار التي تلت الاحتلال التركي لسري كانيه وكري سبي, وكون هذا التصعيد هو خرق واضح  للاتفاق من قبل تركيا, والتفسيرات الظاهرة عن هذا الموقف من قبل موسكو, كتب (كيريل سيمينوف) المحلل السياسي والخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسية تقريراً على موقع (المونيتور) تناول فيه أهداف التصعيد في بلدة عين عيسى, وشرح الموقف الروسي إزاء ذلك, وهذا نص التقرير بالكامل:

 تتعامل موسكو بسياسة ضبط النفس بشكل ملحوظ إزاء التصعيد الحاصل حول عين عيسى، وكأنها متواطئة مع ما تفعله أنقرة، وذلك على الرغم من أن تركيا وفصائلها ليس لديها سبب للقيام بعمليات هجومية في المنطقة.

في مطلع كانون الأول أنشأت روسيا ثلاثة مراكز مراقبة تديرها الشرطة العسكرية الروسية بالقرب من بلدة عين عيسى في شمال شرق سوريا, ومنذ ذلك الحين تحاول موسكو دون جدوى إقناع قيادة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة بتسليم المدينة إلى الجيش الروسي أو قوات النظام السوري لتجنب هجوم محتمل عليها, وفي الوقت نفسه لا تفعل روسيا أي شيء إزاء هجمات تركيا والفصائل التابعة لها على محيط عين عيسى ومحاولة التقدم تجاه البلدة.

واستنكاراً للموقف الروسي قال (رياض خلف) رئيس المجلس العسكري لكري سبي (تل أبيض) التابع لقوات سوريا الديمقراطية لوكالة رووداو للأنباء:

 وقعت هجمات تركية قريبة جداً من القاعدة الروسية في عين عيسى ولم تعلق روسيا على هذا التصعيد بكلمة واحدة, الروس يحاولون الضغط علينا لإعطاء أراضي عين عيسى للحكومة السورية.

وقد اتهم مسؤولون كرد سوريون روسيا بالضغط عليهم لمنح الأراضي لدمشق.

واستناداً إلى بنود اتفاق سوتشي 2019 بين روسيا وتركيا، فإن تركيا والفصائل التابعة لها ليس لديهم سبب للقيام بالعمليات الهجومية في المنطقة, إذ تبعد مدينة عين عيسى ومواقع قوات سوريا الديمقراطية عن الحدود التركية مسافة تزيد عن 32 كيلومتراً, واتفاق سوتشي ينص على انسحاب التشكيلات العسكرية الكردية لمسافة لا تقل عن 30 كيلومتراً من الحدود التركية.

الموقف الروسي بعدم التدخل النشط أو توجيه التحذيرات لتركيا يرجع إلى عدد من العوامل:

يشعر الجيش الروسي في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية بشمال وشرق سوريا بعدم الأمان للغاية, إذ لا يسمح الوجود المحدود للشرطة العسكرية الروسية وقوات النظام بالقيام بعمليات عسكرية كاملة هناك، وروسيا غير قادرة على استخدام القوات الجوية في المنطقة الخاضعة لاتفاق مع الولايات المتحدة, إذ لا تزال الطائرات الأمريكية تسيطر على المجال الجوي فوق هذه المنطقة، ومن غير المرجح أن تسمح واشنطن للقوات الجوية الروسية بتنفيذ ضربات قصفية في المنطقة الخاضعة لنفوذها, وبالتالي تسعى موسكو إلى حلول وسط لتجنب التصعيد الذي قد يشهد عودة التدخل العسكري التركي كما حدث في عملية نبع السلام 2019.

ليس لدى تركيا وحلفائها من الفصائل أسباب جدية لشن هجوم على عين عيسى، لكن هناك أسبابٌ لاستئناف العمليات ضد المسلحين الكرد في باتجاه منبج وعين العرب (كوباني)، فلم يتمكن الجانب الروسي من تنفيذ المادتين 3 و 5 من مذكرة سوتشي المتعلقة بانسحاب قوات سوريا الديمقراطية من منطقتي منبج وتل رفعت، وكذلك من الشريط على طول الحدود السورية التركية شرقي سوريا, ففي هذه المناطق لا تزال وحدات حماية الشعب الكردية تعمل تحت رعاية ما يسمى بالمجالس العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية, ووجود قوات النظام المحدود ووحدات من الشرطة العسكرية الروسية في شمال وشرق سوريا لم يلزم القوات الكردية بالانسحاب.

وهكذا أصبح من الواضح بمرور الوقت أن اتفاقية سوتشي لعام 2019

باتت ضعيفة, وإذا كانت روسيا قد استغلت قبل هذه الاتفاقية  فشل تركيا

في الوفاء بالتزاماتها بشأن إدلب لاستئناف العمليات العسكرية, فبعد إبرام

اتفاقية سوتشي، أصبح لدى الجانب التركي الآن حجج لرفض المزاعم

الروسية, أي أن أنقرة تربط تنفيذ الجزء الخاص بها من اتفاقيات آذار

حول إدلب بتنفيذ روسيا للمادتين 3 و 5 من مذكرة سوتشي, وموسكو غير

قادرة على الامتثال لهذه الأحكام دون الدخول في مواجهة مباشرة مع

الولايات المتحدة, فقد تمت صياغة اتفاقية سوتشي عندما كان من

المفترض أن تسحب الولايات المتحدة جميع قواتها من سوريا, ولكن لم

تغادر القوات الأمريكية سوريا فقط، بل تقوم باستمرار بتسيير دوريات مع

وحدات قسد في تلك المناطق التي كان من المفترض أن تغادرها

التشكيلات الكردية، مثل منطقة المالكية(ديرك).

قد يكون السبيل للخروج من هذا المأزق هو اتخاذ قرار بمراجعة أحكام اتفاقية  سوتشي، مع مراعاة الحقائق الجديدة, لكن ذلك من شانه أن يؤدي إلى إصرار أنقرة على تعديل الاتفاقات الروسية التركية ذات الصلة بشأن إدلب، والتخلي عن الالتزامات السابقة والوفاء بها.

ووجدت روسيا نفسها في موقف ضعيف بعد نشر مجموعة كبيرة من القوات التركية في إدلب, وهذا من شأنه أن يعيق خطط دمشق وموسكو بإجراء عمليات عسكرية جديدة في المنطقة, أي أن تركيا اكتسبت القدرة على صد محاولات قوات الحكومة السورية للتقدم في إدلب، وهو ما أظهرته بوضوح في شباط وآذار، في حين أن الشرطة العسكرية الروسية وقوات النظام السوري المنتشرة في منطقة الفرات ليس لديها القدرة على مواجهة هجوم القوات التركية وفصائلها على التشكيلات الكردية.

 حتى الآن لا تتمثل العقبة الرئيسية أمام استئناف عملية نبع السلام ضد قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا بالجيش الروسي أو القوات الحكومية، ولكن هو عدم  المعرفة التركية بشأن الخط الذي سيتخذه الرئيس الأمريكي الجديد (جو بايدن) تجاه أنقرة, ولن يرغب الجانب التركي بالبدء في بناء علاقات مع الإدارة الأمريكية الجديدة من خلال إثارة أزمة تضطر الولايات المتحدة للانخراط فيها.

كما أن توقع أنقرة لظهور مشاكل لها من قبل مسؤولي البيت الأبيض الجدد يجعلها تواصل السعي إلى بناء شراكة استراتيجية مع موسكو, وتجنب ظهور حالات الصراع.

لذلك في المرحلة الحالية من التصعيد في عين عيسى، يمكن أن يقتصر القتال على الأرجح بعملية محلية، مما يمنح تركيا وفصائلها امتيازات في أية تسوية أو اتفاق حول عين عيسى، مع الاستمرار في الضغط على قوات سوريا الديمقراطية، وإبقاء الفرصة لموسكو من أجل إجبار التشكيلات الكردية على مغادرة المدينة التي ستخضع لسيطرة الشرطة العسكرية الروسية, وفي المقابل يمكن لروسيا أن تخفف الضغط على إدلب من خلال وقف الضربات الجوية.

في الوقت نفسه إذا قررت أنقرة شن عملية عسكرية محدودة ضد عين عيسى، فعلى الأرجح سيؤدي ذلك إلى زيادة في الغارات الجوية الروسية على إدلب, وقد أثبتت روسيا أنها قادرة على توجيه ضربات جوية دقيقة, وأحد الأمثلة على ذلك هو الهجوم على جماعة فيلق الشام بإدلب في أواخر شهر تشرين الأول، والذي قُتل فيه أكثر من 80 من مقاتلي الجماعة التابعة لتركيا, في الوقت نفسه ليس واضحاً بأنه يمكن أن يدفع مثل هذا الهجوم الجوي الجانب التركي إلى الموافقة على تقديم تنازلات للنظام في إدلب, ومن المرجح أن تواجه موسكو ودمشق صعوبات خطيرة في تنفيذ عملية برية في هذه المنطقة  لكن لا يمكن استبعاد محاولات إجراء عمليات عسكرية محدودة كتجربة من أجل تقييم استعداد القوات التركية للرد على مثل هذه الأعمال.

ستستمر مناقشة القضايا الخلافية بين موسكو وأنقرة في المشاورات الروسية التركية المشتركة على مستوى الوزارات، والتي لا تزال جارية، وسيتم العثور على طرق لحل المشكلات بطريقة أو بأخرى, وستستمر روسيا وتركيا أيضاً في تجنب أي موقف يضعف أحد الطرفين ويدفعه للتصعيد ضد الآخر, وقد ظهر ذلك بوضوح من خلال الأحداث التي وقعت في ناغورنو كاراباخ، حيث تمكنت روسيا نتيجة للأعمال العدائية بمشاركة تركيا من قيادة عملية السلام, من خلال نشر وحدة حفظ السلام التابعة لها في منطقة الصراع, وهكذا تمكنت موسكو من ترك الرؤساء الآخرين بمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (خارج اللعبة)، وذلك لتعويض الخسائر المحتملة لسمعتها من عدم التدخل في هذا الصراع من جانب حليفتها أرمينيا.

https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/12/russia-turkey-erdogan-syria-ain-issa-deadlock-sdf-kurds.html?fbclid=IwAR3Qta9lvQKvfbXmrdlwle5mizU5_LJs2Kxx0QzflBRBezNk-ax83OoKHV8#ixzz6hk9blfSl
زر الذهاب إلى الأعلى