الأخبارمانشيت

المونيتور: تقييمات أردوغان تتجاهل أولويات دمشق والمكاسب الكردية على الأرض

أشار الكاتب التركي (فهيم تاشتكين) في مقالة له على موقع المونيتور الأمريكي إلى أن تركيا اتخذت خطوات تصعيدية على الخطوط الأمامية الشمالية الشرقية لسوريا مع الكرد على وجه الخصوص, وتحركت لتعزيز قواعدها في إدلب التي يسيطر عليها المتمردون الإسلاميون وسط تراجع النشاط الروسي في سوريا.

ولفت تاشتكين إلى أن أردوغان أرسل رسالة إلى بشار الأسد في محاولة لتطبيع العلاقات بين البلدين وفقاً لصحيفة (حرييت) التركية الموالية للحكومة, موضحاً بأن المسؤولين الأتراك يلومون روسيا وإيران على عرقلة فرص التصالح مع النظام السوري, وأنهم يرون فرصة لبداية جديدة مع دمشق بعد أن انشغلت روسيا مع أوكرانيا، على أمل حل قضية اللاجئين السوريين, والتصدي لقوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا.

وأشار تاشتكين إلى أن صحيفة (حرييت)  أوردت بأن الحكومة التركية تناقش بدء حوار مع إدارة الأسد على أساس ثلاث نقاط رئيسية, وهي (الحفاظ على التركيبة الموحدة لسوريا، وتأمين وحدة أراضيها، وضمان عودة آمنة للاجئين), وأن أنقرة أبلغت دمشق بأولوياتها قبل رحلة الأسد إلى أبو ظبي على أمل أن تساعدها مصالحتها الأخيرة مع الإمارات في فتح صفحة جديدة مع سوريا، وهو الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى عودة ما لا يقل عن نصف اللاجئين السوريين الموجودين حالياً في تركيا إلى سوريا بحسب الصحيفة.

لكن الكاتب التركي أوضح بأن هذا التقييم يتجاهل أولويات دمشق والمكاسب الكردية على الأرض منذ 2011, وبعض العوامل الأساسية التي تكمن وراء الأزمة السورية، وأنه يبدو ساذجاً في تحليل مواقف كل من روسيا وإيران,

وأضاف تاشتكين:

 تستند حسابات أنقرة إلى الافتراضات القائلة بأن حماية موسكو لدمشق ستضعف الآن، وأن إيران ستلين في سوريا بمجرد توصلها إلى اتفاق نووي مع الغرب، وأن دمشق التي سترى حليفيها الرئيسيين يتراجعان ستقبل عرض أنقرة, وتأمل أنقرة أن الاتفاق حول هدف تفكيك الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا يمكن أن يبشر ببداية جديدة مع دمشق.

ولكن الكاتب أوضح بأن مصادر في الخارجية السورية (نقلاً عن صحيفة الوطن السورية) قللت من شأن تقرير صحيفة (حرييت, ووصفته بأنه (دعاية فاضحة) تهدف إلى تلميع صورة أردوغان قبل انتخابات العام المقبل, وأكدت المصادر بأن دمشق لا تزال حازمة على دعوتها لأردوغان لاحترام القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية ومبدأ حسن الجوار, حيث قالت مصادر الخارجية السورية:

 (لا يمكن لدمشق أن تنظر في أي حوار مع نظام أردوغان ما لم تسحب أولاً القوات التركية الموجودة بشكل غير قانوني على الأراضي السورية, وتنهي دعمها للإرهابيين وتوقف الانتهاكات المتكررة ضد السوريين). منتقدة نية أنقرة الاستفادة من الحرب الأوكرانية كفرصة غير أخلاقية و انتهازية.

وأشار تاشتكين إلى أن الصحفي السوري المقيم في دمشق (سركيس كسارجيان) قد أوضح بأن الحكومة السورية ليس لديها حافز كبير في الوقت الحالي للسعي إلى المصالحة مع النظام التركي, وأن الوساطة الإماراتية قد تؤدي إلى التقارب مع تركيا بشرط أن ينتج عنها استثمارات إماراتية في سوريا,

وقال للمونيتور:

 لا يوجد شيء يمكن لدمشق أن تكسبه من مثل هذه الخطوة في الوقت الحاضر, وتدرك دمشق جيداً أن قضية اللاجئين السوريين مشكلة كبيرة لأردوغان, ووفقاً لبعض التقييمات قد يخسر أردوغان الانتخابات القادمة إذا فشل في حل هذه المشكلة.

ورجح (كسارجيان) أن دمشق لن تتراجع أبداً عن مطالبتها لتركيا بسحب قواتها من سوريا, وإيقاف الدعم عن الجيش الوطني السوري والجماعات المتمردة الأخرى التي تدعمها أنقرة, مؤكداً بأن دمشق لن تستخدم بطاقة التطبيع دون مبرر, وأن هذان الشرطان هما الأكثر أهمية, مشيراً إلى عدم وجود ما يشير إلى أن التطبيع مع تركيا كان على أجندة الأسد في زيارته للإمارات، والتي ركزت على التعاون الاقتصادي والعلاقات مع إيران وجهود سوريا للعودة إلى جامعة الدول العربية.

من جهة أخرى أشار تاشتكين إلى أن تركيا تخطط على ما يبدو لممارسة الضغط على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا, وأنه في الخريف الماضي اختبرت أنقرة ورقة المياه لشن هجوم جديد على شرق الفرات، لكن لم تعطها روسيا ولا الولايات المتحدة الضوء الأخضر لذلك, ولكن الآن وقد أصبح دور تركيا كعضو في الناتو مهماً لواشنطن في الأزمة الأوكرانية، فتتوقع أنقرة أن تغض إدارة بايدن الطرف عن درجة معينة من النشاط العسكري التركي، مدعومة برسالة الإدارة الأمريكية إلى الكونغرس التي تدعم طلب تركيا لشراء طائرات F- 16 وإطلاق آلية استراتيجية للحوار خلال زيارة وكيلة وزارة الخارجية (فيكتوريا نولاند) لأنقرة هذا الشهر,

وأضاف الكاتب:

مثل هذه التوقعات التركية تتعارض مع نية واشنطن زيادة تدخلها العسكري والسياسي والمالي في شمال وشرق سوريا في محاولة لجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لروسيا, فقد طلب بايدن بالفعل أموراً جديدة لدعم قوات سوريا الديمقراطية في ميزانية 2023, كما أدت حرب أوكرانيا إلى تنشيط المعارضة السورية, إذ يرى أعضاء الائتلاف الوطني السوري المقربون من قطر الحرب على أنها فرصة لإحياء الثورة, وهو موقف يتماشى مع هدف واشنطن المتمثل في إبقاء روسيا تحت الضغط, لكن تركيا مصممة على إبقاء قوى المعارضة ضمن حدود أجندتها الخاصة, حيث شجعت التقارب بين حلفائها في الجيش الوطني وهيئة تحرير الشام, ولكن قوى المعارضة تنزعج من هذه الاستراتيجية رغم أنها مترددة في التحدث علانية لأنها تعتمد على المساعدة التركية.

وتابع تاشتكين:

دمشق من جانبها  ليس لديها نية للسماح للمعارضة بالاستفادة من الأزمة الأوكرانية لتقوية موقفها, حيث كثف الجيش السوري عملياته في إدلب، وروسيا تذكّر بوجودها عبر شن غارات جوية على الجبهتين الشرقية والشمالية الغربية من حين لآخر.

واختتم تاشتكين تحليله بالقول:

 تعتمد حسابات أنقرة بشأن المصالحة مع دمشق على ظروف مثل عدم قدرة روسيا على دعم وحماية سوريا، وفقدان إيران نفوذها على دمشق ، وبيع الولايات المتحدة للكرد السوريين، وهو ما لا يعدو كونه مجرد تمنيات, فبالنسبة لدمشق انسحاب تركيا من سوريا هو عتبة حاسمة للحوار, ويبدو أن احتمال خسارة أردوغان لانتخابات عام 2023 قد أخذ في الاعتبار أيضاً في التقييمات السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى