مقالات

المقاومة هي حقيقة الحياة

بدران حمو

الحقيقة الكردية ممتدة عبر جذور التاريخ، وتلك الحقيقة قد طمستها بعض الفئات التي تأسست على أساس إمحاء وجود الشعوب من سجلات التاريخ وقامت بأشنع ظواهر القتل والتشريد، ولكن لم تستطع ذلك رغم محاولاتها العديدة.

كانت ثقافتهم تلك متمأسسة على إباحة سفك الدماء لكي يرتوي جشعها، وكان بالمقابل وعلى الدوام هذا الشعب كافح وناضل من أجل وجوده، لذلك أصبحت ثقافة المقاومة لديه  كالدم الذي يجري في عروقه، ولا يهنأ له العيش من دون المقاومة، وقد استمرت هذه الثقافة تتوارثها الأجيال، وكان القرن العشرين قرن اضطهاد ومؤامرات تحاك ضد هذا الشعب من قبلِ الدول الفاشية التي لا ترى حق العيش إلا سوى لِذاتها الموجود.

الطورانية التركية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي كعادتها قامت بممارسة القمع والظلم في الداخل التركي، وقد صبَّت جامَ فشلها على الحركات الشبابية التي ظهرت في تلك المرحلة والتي قامت أصلاً  للوقوف في وجه فاشية السلطة، وقد عانت هذه الفئة الشابة الأمرين في السجون التركية (آمد) حيث كان الرعيل الأول من أعضاء حزب العمال الكردستاني له النصيب الأكبر من القمع والظلم بشتى أنواعه وألوانه وأصنافه إذ لم تدخر الفاشية التركية أي صنف من التعذيب والإرهاب إلا ومارسته في سبيل تحطيم وكسر إرادة المقاومين في سجونها، وقد كان هدف الدولة التركية من هذه الأعمال الوحشية هو بث الرعب والخوف في نفوس مَنْ هُم في السجن وخارجه، وإرسال رسالة للشعب بأكمله بأن من سوف يخرج عن طاعتها سيلقَ المصير ذاته، ولكن رغم هول التعذيب الذي تعرض له المقاومون في سجن (آمد) إلا أنهم وإيماناً منهم بعدالة قضيتهم وشرعية مطالبهم اتخذوا قرار الصيام حتى الموت، وذلك في 14تموز 1982.

تلك المقاومة التي وقفت الفاشية التركية مذهولة أمام عظمة إرادة المقاومين.. الرفاق “مظلوم دوغان”، و “محمد خيري درمش” و “كمال بير” و”علي جيجك”  “فرهاد قورتاي” “عاكف يلماز” ورفاقهم ممن مثلوا المقاومة بأروع أشكالها وقاموا بتحديد الموت حباً بالحياة ليجعلوا من أجسادهم الطاهرة جسراً لعبور الأجيال القادمة التي لم ولن تنسَ تلك المقاومة الشجاعة والتي تعجز الأقلام عن تدوينها وإعطائها تلك المكانة التي تستحق، لأن تلك المقاومة أكبر من أن تحتويها الكُتب وأن تسطرها الأقلام فهي عظيمة عظمة جبالنا الخالدة خلود الآلهة.

لقد كانت مقاومتهم الشجاعة مثالاً للمقاومين الذين أتوا من بعدهم ليحملوا شعلة الحرية والنضال من جديد، وليثبتوا هذه المرة للعالم أجمع أن تضحيات الرفاق “خيري وعلي ويلماز وعاكف وكمال” لم تذهب في مهب الريح، فقد حمل الأبطال من بعدهم الراية فكراً وفلسفة وواقعاً، وهذا ما شاهده العالم أجمع في مقاومتهم.

إن هذه الروح التي أرعبت الفاشية التركية بل وجعلتها تعيش في هوسٍ وجنون طيلة وجودها وجهت للعالم رسالة ــ وعلى رأسها.. الرأسمالية، والهيمنة والامبريالية ــ هي أن شعباً يملك مثل هولاء الأبطال الذين توارثوا فلسفة المقاومة من أسلافهم سوف يسير على هذا النهج وببسالة وعزيمة الرعيل الأول في حزب العمال الكردستاني الذي أصبح صداه يصدع العدو وجبروته وحطم أساطير القوى الفاشية وانتشر في عموم أرجاء كردستان وتجاوز كل الحدود للعبور نحو العالم بأكمله حيث وقف العالم عاجزاً أمام إرهاب داعش وتفرعاته.

لقد قامت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بالتصدي لذلك الإرهاب الداعشي وسطرت أروع البطولات ليخلدها التاريخ ولِيَعلَمَ الجميع بأن شعباَ أنجب أبطالاً كالرفيق “محمد خيري درمش وكمال بير وعاكف يلماز وعلي جيجك فرهاد قورتاي”.لا يزال ينجب الآلاف منهم.

زر الذهاب إلى الأعلى