PYDالمرأةمانشيتمقالات

المرأة في أتون الثورة السورية… الإنجازات والتحديات (الفن نموذجاً للتنمية المجتمعية)

عفاف حسكي

تعد المرأة إحدى أهم مقومات الفكر والثقافة والفنون، ولا يقل دورها عن دور الرجل في إنتاج الفن والثقافة.

لا فن أو تنمية حقيقية فكرية أو ثقافية أو اجتماعية دون مساهمة كاملة من المرأة، وبالتالي لا يمكن الوصول لجوهر الفن في الحياة والمجتمع دون دور فاعل للنساء كرائدات أساسيات للتعبير والتغيير.

المرأة ليست نصف المجتمع وحسب، بل هي نواته أيضاً، وإذا استطعنا أن نطوِّر أو نغيِّرَ من سلوكيات المرأة يمكننا تغيير سلوكيات الأسرة ومنها المجتمع وذلك لتأثيرها المباشر على الأطفال وعلى الأسرة وبالتالي على المجتمع الذي تحيا فيه.

أما ممارسة المرأة للفن فذلك كفيل أن يطور ويوسع دورها المجتمعي فتصبح أكثر فاعلية لِمَا لها من دور وتأثير، ويمكن أن تعمل على تغيير نمط الثقافة الاستهلاكية وهذا ما حدث خلال سنوات الثورة السورية وخاصة في مناطق شمال وشرق سوريا التي شهدت نهوضاً اجتماعياً وثقافياً وفكرياً حيث أفرز نوع مميز من الثقافة والفكر عبر إنتاجية الفن، من رسم ونحت وغناء

وموسيقا ومسرح، وذلك برعاية مهرجانات وملتقيات تخصصية متاحة لجموع أفراد المجتمع، ولم تقتصر تلك العروض والنشاطات على مناطق محددة وإنما شملت كل مناطق الإدارة الذاتية، رافق ذلك نهوض فكري ثقافي ساهم بإيجاد قاعدة معرفية للفن، فلا فن دون ثقافة عميقة، ولو أردنا أن نعود للماضي القريب ونحاول معاً البحث عن المظاهر الثقافية في مناطقنا وخاصة فيما يتعلق بدور المرأة فيه أو فيما يتعلق بالفن الممارس من قبل المرأة السورية ككل؛ فلا نكاد نجد سوى فُرص قليلة ومساهمات بسيطة ضمن عمومية مجتمعية دون إبراز أي خصوصية للمرأة، وهنا نستطيع القول إن التفكير السائد كان مقيداً وموجهاً نحو إنتاج ثقافة سلطوية تخدم السلطة ولا تخدم المجتمع وربما كان عبارة عن فن تجاري يبحث عن الربح والثراء وهو ما يحدث دوماً في المجتمعات الاستهلاكية والتي تعد المرأة أو عملها في هذا المجال جزءاً من العملية الاستهلاكية.

قبل الثورة لم يكن هناك ذاك الزخم الفني في المدن البعيدة عن مركز العاصمة أو المدن الكبرى ولم تكن هناك فرص لأي امرأة أو شابة للمشاركة إلا عبر دهاليز المحسوبيات والواسطة والاستغلال من قبل العقلية السلطوية الذكورية، فلم يكن طريق الفن مفروشاً بالزهور بل كان معبداً بالاستغلال والسلطوية المقيتة. كانت المرأة تعاني من التمييز وعدم المساواة في جميع المجالات وفي الفن أيضاً، أما اليوم فالمرأة لديها متسع كبير من الفرص والدعم والحرية ما يجعلها تصنع الواقع والمستقبل الذي تحلم به وتُخطط له، ولذلك، فإن جزءاً كبيراً من حرية المرأة وإبداعاتها هو حصادها المعرفي الواسع وهو ما أهّلَها لتحديد أولوياتها والمساحة التي تود أن تُبدع فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى