المجتمع

   المازوت …….وآلية توزيعه   

تمخَّض عن الأزمة السورية الكثير من النتائج الوخيمة والمأساوية التي أثّرت سلباً على المجتمع السوري, فتدمّرت البنى التحتية للمدن, وخرجت الكثير من المنشآت الصناعية والخدمية عن الخدمة, ناهيك عن تضرّر شبكات الكهرباء والماء, وفقدان المواد الأساسية الضرورية لاستمرار الحياة, والتي فرملت دوران العجلة اليومية في حياة المواطن.

 في الوقت الذي عانى فيها معظم المناطق السورية من ندرة المحروقات وغلاء أسعارها, كانت روج آفا من أكثر المناطق تضرّراً من فقدانها, فمن المعلوم للجميع عدم وجود مصافي نفط فيها, رغم أنها أكبر منطقة نفطية في سوريا, وبسبب انقطاع أوصال جغرافية السورية, وسيطرة المجموعات الإرهابية على نقاط الوصل بين المحافظات السورية, صار وصول مشتقات النفط من الداخل السوري إلى روج آفا صعباً للغاية, وإن وصلت فإن أسعارها كانت تبلغ حداً يفوق قدرة المواطن.

ولمواجهة هذه المشكلة, ونتيجة تضافر جهود شعوب روج آفا مع إدارتها الذاتية, استطعنا التغلّب تدريجياً على هذه المعضلة, في البداية تم إنشاء حرّاقات خاصة لتكرير النفط الخام, ثم أنشأت الإدارة الذاتية حرّاقات أكثر تطوراً, لتغطية احتياجات الشمال السوري, وبعد تنظيم المجتمع من خلال إنشاء مؤسسات وهيئات خدمية, تم افتتاح إدارة المحروقات, التي سعت إلى تطوير عملها, ونظّمت توزيع المحروقات على كافة شرائح وفعاليات المجتمع في مناطق الإدارة الذاتية, وبأسعار زهيدة.

ولأنّ مادة المازوت تشكّل عصب الحياة المدنية والصناعية والخدمية, قامت صحيفة الاتحاد الديمقراطي بتسليط الضوء على عمل إدارة المحروقات, وآلية توزيع مادّة المازوت على شرائح المجتمع و هيئاته, وفي هذا السياق التقت الصحيفة ببعض الأشخاص المعنيين بهذا الموضوع.

غايتنا خدمة كافة المواطنين

يوسف خشو الرئيس المشترك لهيئة إدارة المحروقات في مقاطعة قامشلو وضّح لنا بعض النقاط قائلاً: “تتألف إدارة المحروقات من عشرة أعضاء, وفي السنوات الماضية كنّا عبارة عن لجنة مراقبة وتفتيش على محطّات الوقود, ننظّم عملية توزيع المازوت فيها, ونشرف عليها, وكانت البلديات هي المسؤولة عن توزيع المادّة, ومنذ ما يقارب الشهرين شكّلت حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM هذه الإدارة, وصرنا تابعين لمؤسّسة سادكوب.

يتم جلب مادّة المازوت من خزّانات (قرية كرزيرو) إلى خزّانات مؤسّسة سادكوب, ونحن كإدارة نقوم بتوزيعها كل يومين على كافة فئات المجتمع.

وعن آلية توزيع المادّة أوضح خشو:

 أنشأنا سبعة مجالس في مدينة قامشلو للإشراف على توزيع مادّة المازوت, وقمنا بتقسيم المدينة إلى قسمين ( شرقي- غربي), تشرف لجنة على كلّ قسم, وينبثق من هذه اللجان مجالس, كلّ مجلس تتبع له ثلاث محطات وقود, ويتولّى هذا المجلس مهمّة توزيع المادّة على الكومينات.

وبالنسبة لمولّدات الكهرباء( الأمبيرات),  فأصحابها يستلمون مخصصاتهم من المازوت من محطّات وقود مخصّصة لهم, أمّا هيئات الإدارة الذاتية و دُورُ الدّين والمعامل والمقالع وشركات النقل والأفران والآليّات الكبيرة, فإنها تستلم مخصّصاتها من المادّة عن طريق وصل استلام من إدارة المحروقات, وتدفع فواتيرها بشكل شهري, وهناك حالات اسعافية  نقدّم لها المازوت عند الضرورة, كسيّارات الإسعاف والآليات العسكرية, كما وتمّ تخصيص 200 لتر مجاني لكل عائلة شهيد سنويّاً, وذلك عن طريق مؤسّسة عوائل الشّهداء, كما أن هناك مواطنون لديهم مولّدات كهربائية منزلية تعمل على المازوت, خصّصنا لهم كمية شهرية مقدارها 200 لتر, يستلمونها عن طريق وصل استلام من الإدارة.

ومؤسّسة سادكوب تقوم بشراء المشتقات النفطية من الحرّاقات الخاصة أيضاً.

أما بالنسبة لآليّات المواطنين الخاصّة التي تعمل بالمازوت, فنحن نزوّد كلّ محطة وقود ب 6000 لتر يومياً لهذا الغرض, والجدير بالذكر أنّنا سنغطي العشوائيات والمنازل التي تقع في مناطق النظام في المربّع الأمني, وسنزوّد سكّانه بمادّة مازوت التدفئة.

وحددنا الأسعار على الشكل التالي:

-الأفران      40 ليرة سورية

-المعامل والمقالع والمنشآت الصناعية       55 ليرة سورية

-القاطرات وآليات النقل الكبيرة            60 ليرة سورية

-الآليات الزراعية                  40 ليرة سورية

والجدير بالذكر أن إدارة مؤسّسة سادكوب خفّضت سعر البنزين الممتاز من 415 ليرة سورية إلى 360 ليرة سورية.

والمازوت متوفر أكثر من السنوات الماضية, غايتنا جعل عجلة الحياة تدور نحو الأمام, وخدمة كافّة المواطنين.

نبذل الجهد الكبير من أجل تحقيق العدالة في التوزيع

والتقت الصحيفة أيضاً مع محمد أمين علي العضو في إدارة المحروقات, والذي شرح  ماهيّة عملهم قائلاً:

“في السابق كان هناك فوضى وعدم تنظيم في توزيع المازوت, ولم تكن هناك رقابة على محطّات الوقود, والتوزيع لم يكن يغطّي كافّة شرائح المجتمع, ولكن بعد تأسيس هذه الإدارة, صار هناك تنظيم في توزيع المادّة, ونحن نبذل الجّهد الكبير من أجل تحقيق العدالة في التوزيع, حيث نقوم بالرقابة على محطّات الوقود ونشرف على آليّة التوزيع, وحقّقنا ما نسبته 75%من التنظيم ونطمح بالوصول إلى العلامة الكاملة, والمواطنون راضون عن عملنا, حيث خفّ الازدحام على محطّات الوقود.

وتابع محمد أمين: نظّمنا توزيع مادّة المازوت على الهيئات والمؤسّسات في الإدارة الذاتية, وهناك تنسيق بيننا كإدارة محروقات وبين هذه الهيئات والمؤسّسات, والمراجعون لا يلاقون أيّة تعقيدات من ناحيتنا, وهم متعاونون معنا.

وبخصوص شكاوي المواطنين على أصحاب المولدات الذين لا يشغّلونها بحجّة عدم توفر المازوت قال لنا محمد أمين:

“نتابع هذا الموضوع من خلال سؤال أصحاب محطّات الوقود عن استلام صاحب المولّدة التي لم يقم بتشغيلها مخصّصاته من مادّة المازوت, وإذا استلم مخصّصاته ولم يشغّل المولّدة نقوم بفرض غرامة عليه, ونحن نتواصل مع أصحاب المولّدات هاتفياً, للاطّلاع على الحالات التي لا يتم تشغيل المولّدة فيها, وكذلك نتواصل مع المواطنين”.

وعن كمية المازوت التي تمّ توزيعها هذا العام وضحّ محمد أمين: في هذا العام وزّعنا كميّة تصل إلى 5000000 لتر من المازوت على كافّة الشرائح, وهو رقم قياسي مقارنة مع السّنوات السابقة, والتوزيع الموسمي لم ينتهي بعد, ونتمنى النصر لشعبنا.

هناك عدالة في التوزيع

وأخذت الصحيفة رأي أحد المراجعين الذي قال:

“اسمي شواخ الأحمد, أتيت إلى إدارة المحروقات من أجل الحصول على مادة المازوت للجرّار الخاص بي, فأنا مزارع, ولغاية الآن الأمور والمعاملة تسير بشكل جيد, ولم ألاقي أيّة عراقيل تعيق استلامي للمادة, لا أجد أيّ تمييز أو تفضيل لمواطن على آخر, وكما استلمنا مازوت التدفئة, وأخذنا كفايتنا, نتمنى استلام المازوت للأغراض الزراعية, لكي يكون موسمنا الزراعي ممتازاً”.

ونوه شواخ إلى نقطة حيث قال: “منظمة اليونسكو وزعت مستلزمات زراعية على الفلاحين, ولم تعطي للجميع بل اعتمدت على نظام المحسوبيات والواسطات وأنا لم يعطوني أي شيء, ولكن مؤسسات الإدارة الذاتية لا تفرق بين أحد وتعطي كل شخص مستحقاته, وهي مشكورة على هذا”.

كلمة المحرر

على الرغم من معاناة الشعب السوري وتشرّده, وبعد أن تهجرّ نصف الشعب, وتهدّمت المنازل, وقتل الكثير, بقيت مناطقنا بمنأى عن الويلات.

عانينا من هذه الأزمة, وقدّمنا الشهداء, ولكن شهدائنا ضحّوا بدمائهم من أجل قضيّة عادلة, استطعنا بناء نظام ديمقراطي تعددي, عزلنا به مناطقنا عن الحرب الأهلية في مناطق سوريا الأخرى, وكل ذلك بفضل النهج السياسي الذي اعتمده حزب الاتحاد الديمقراطي في انتهاجه الخط الثالث, والعمل بفلسفة الأمة الديمقراطية, الذي وضعه قائد الشعب الكردي وفيلسوفه عبد الله أوجلان, والذي يستند على ترسيخ مبدأ الحرية والمساواة والعيش المشترك وأخوة الشعوب, فسلك الحزب خطاً منفرداً, لا يتقاطع أبداً مع سياسة طرفي الصراع في سوريا من نظام ومعارضة,  اللذان لا تهمّهما مصلحة الشعب, بل يخدمون مصالح الدول الخارجية, وآخر همهم هو المواطن.

 إن بقية مناطق سوريا تبحث عن وسيلة لإيقاف الحرب, وعودة المهجّرين, ونحن نناقش الآن آلية توزيع الموادّ الأساسية والكمالية على المواطنين, ودخلنا في مرحلة الانتخابات الفدرالية, الفرق هنا بين مشروع يقوم به الشعب بعينه لخدمة نفسه وبين مشروع يخدم اجندات الغير ويتبع ابجديته في السياسة.

عامر طحلو

زر الذهاب إلى الأعلى