تقاريرمانشيت

الكونغرس الأمريكي يعاقب تركيا

إعداد: حسين فقه

باتت تركيا تتلاعب بكل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية حليفتها في الناتو في عملية ابتزاز سياسية وعسكرية واضحة لكلا الطرفين للحصول على ماتشاء، والخلافات السياسية في كثير من الملفات وعلى رأسها الملف السوري بين الولايات المتحدة وروسيا تجعل من اللص أردوغان ” سلطان زمانه ” ليستفيد بذلك من الطرفين .
يوماً تلو الآخر، يزداد التوتر بين واشنطن وتركيا على خلفية شراء الأخيرة منظومة إس 400 الدفاعية مع روسيا، وهو الأمر الذي ترفضه إدارة ترامب، وتصر على ضرورة الابتعاد عن موسكو لتفادي العقوبات، إلا أن الرئيس رجب طيب أردوغان قرر المواجهة وخوض المعركة.
أمس، صادق مجلس الشيوخ الأمريكي، على مشروع لميزانية الدفاع لسنة 2019، ينص على منع بيع مقاتلات الجيل الخامس “F-35″ لتركيا، وذلك ردا على عزم أنقرة شراء صواريخ ” S-400″ الروسية.
مشروع الميزانية، الذي تمت المصادقة عليه، تضمن “أن يقدم وزير الدفاع إلى لجان الكونجرس ذات الصلة خطة لاستثناء حكومة جمهورية تركيا من المشاركة فى برنامج F-35، بما فى ذلك الجوانب الصناعية والعسكرية”، حسب روسيا اليوم. بالإضافة إلى ذلك يوجد مشروع ثانٍ لميزانية الدفاع لا يزال المشرعون الأمريكيون ينظرون فيه، ومن المقرر أن يتم توحيد نص المشروعين وتقديم النسخة النهائية للتصويت عليها.
وربط مشروع الميزانية منع بيع مقاتلات ” F-35″ لتركيا وحظر منح تركيا حق تصنيعها، بعزم أنقرة شراء منظومة الدفاع الجوى الروسية ” S-400″. وفي ديسمبر 2017، وقعت تركيا وروسيا اتفاقية قرض فى إطار صفقة لشراء بطاريتين لمنظومة “S-400″، كما اتفق الجانبان على التعاون التكنولوجى فى تطوير إنتاج S-400” فى تركيا.
الخطوة التي أقدمت عليها أنقرة أثارت انتقادات من طرف ممثلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسى “الناتو”، واعتبرت واشنطن أن شراء منظومة صواريخ S-400 يمكن أن يؤثر سلبًا على تزويد تركيا بطائرات “F-35”.

الأراكوز التركي واللعب على الحبلين
تنحى الدولة التركية لاتباع سياسة ابتزاز حلفائها والانتعاش من خلال التنقاضات بين كل الأطراف ” الناتو، الولايات المتحدة، وروسيا ” واللعب على كل الحبال لفرض أجندتها في المنطقة، ورغم الفشل التركي الذريع في كثير من الملفات ولكنها أيضاً تنجح في بعضها.
من جانبها قالت تركيا: إن “تركيا تنظر في شراء مقاتلات روسية حديثة في حال رفضت واشنطن توريد طائرات F-35 لها” وفقًا لـ”الأناضول”. وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو أكد عدم وجود سبب يمنع تزويدنا بطائرات “F-35” الأمريكية، ولا نريد تخريب العلاقات مع حليفتنا الولايات المتحدة.

لماذا تضغط واشنطن على تركيا لمنع شراء منظومة «إس 400»؟
تصريحات أوغلو تمثل تهديدا مباشرا للإدارة الأمريكية، ويؤكد أن تركيا تسير منفردة نحو تحقيق أهدافها دون مراعاة لحلفائها. وتأكيدا على ذلك، أعاد أوغلو الحديث عن احتمالية لجوء أنقرة إلى بدائل، وشراء الطائرات من روسيا أو من أية دولة في حلف الناتو. كانت أنقرة قد رفضت طلب واشنطن إلغاء الاتفاق مع روسيا بشأن توريد أنظمة صواريخ الدفاع الجوي “إس ـ 400″، ولكنها أبدت استعدادها لمراعاة مخاوف الولايات المتحدة بشأن المخاطر المحتملة على طائرات الناتو، وذلك حسب صحيفة “حرييت”.
ما نحن بصدده حاليا أن الولايات المتحدة تعترض على هذه الصفقة لأسباب رئيسية، وهي أولا: أن ذلك يتناقض مع الخطط الأمريكية لعزل واحتواء روسيا، خاصة أن إدارة ترامب فرضت في يوليو 2017 عقوبات على الدول والشركات التي تبرم عقودًا لشراء أسلحة روسية.
ثانيا، المخاوف من أن يؤدي نشر منظومة S-400 في تركيا إلى تهديد طائرات حلف شمال الأطلسي، لا سيما الطائرات المقاتلة من طراز F-35.
ثالثًا، أنه لدى الولايات المتحدة مصلحة تجارية في تزويد حلفائها بمنظومة “باتريوت” الصاروخية، حسب وكالة سبوتنيك الروسية.

هل يستطيع الخليفة أردوغان أن يعدل بين الطرفين ؟
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاول إقناع نظيره التركي رجب طيب أردوغان بأن الولايات المتحدة مستعدة لتزويد تركيا بمنظومات “باتريوت” الصاروخية الدفاعية وذلك على النقيض من الإدارة الأمريكية السابقة التي أعاقت ذلك.
هذا ووقعت تركيا وروسيا في ديسمبر 2017، اتفاقية قرض لشراء منظومة S-400، حيث ستقوم أنقرة بشراء بطاريتين من هذه المنظومات، والتي سيتم العمل عليها من قبل الخبراء الأتراك، كما اتفق الطرفان على التعاون التكنولوجي في مجال تطوير إنتاجها في أنقرة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر ، انتقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو واشنطن لأن “خلق أزمات مصطنعة هو أسلوب الغرب” ، في إشارة إلى تحرك مجلس الشيوخ لمنع توريد طائرات F 35 على عزم أنقرة شراء أنظمة الدفاع الجوي الروسية S-400.
قال مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأوروبية والأوراسية ويس ميتشل يوم الثلاثاء إنه سيكون من الصعب إعادة العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا إذا اشترت الأخيرة أنظمة الدفاع الجوي الروسية S-400.
وقال ميتشل أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي “لقد أوضحنا أن شراء تركيا لمنظومة S-400 ستكون لها عواقب. وسنقدم عقوبات في إطار قانون مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات “CAATSA” .
وأشار المسؤول كذلك إلى أن الولايات المتحدة تمتلك القدرة على حجب نقل طائرات مقاتلة من طراز F-35 إلى تركيا بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي إذا قررت أنقرة شراء S-400.
وقال ميتشل أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي “نعتقد أن لدينا السلطات القانونية الحالية التي من شأنها أن تسمح لنا بوقف نقل الأموال في ظل ظروف معينة ، بما في ذلك مخاوف تتعلق بالأمن القومي”.
وأضاف ميتشل أن فرص التعاون الصناعي العسكري التركي مع الولايات المتحدة ستكون أيضا في خطر إذا تم شراء أنظمة الدفاع الجوي S-400 .
في أبريل ، قال المدير العام لشركة روسوبورون اكسبورت الروسية لتصدير الأسلحة إن روسيا بدأت في تصنيع أنظمة S-400 لتركيا.
وعلى ما يبدو على ضوء كل ما سبق أن الخيارات المطروحة أمام أردوغان ستضعه في مواجهة حليفتها القديمة الولايات المتحدة والناتو، أو حليفتها الجديدة روسيا، وحصوصاً اذا ما وضعنا بالاعتبار فوزه بالنتخابات الرئاسية وخسارته الأغلبية البرلمانية .

زر الذهاب إلى الأعلى