مقالات

العقد الاجتماعي

إن ((العقد الاجتماعي)) قد أوحاه هوى الوحدة، وهي وحدة الهيئة الاجتماعية وخضوع المصالح الخاصة للإرادة العامة, وسيادة مطلقة للإرادة العامة لا تنفصل وسيطرة الفضيلة في أمة من المواطنين, وليس العقد الاجتماعي عقداً بين أفراد، ولا عقداً بين الأفراد والعاهل (أو الحاكم صاحب السيادة), إن هذه الصورة الأخيرة للعقد غريبة بوجه خاص عن فكر روسو فهو يرفض كل صورة لعقد اجتماعي, سواء كان المقصود بهذا تبرير الحكم المطلق (كما عند غروسيوس أو بوفندورف) أو تأسيس الحرية, كل واحد يتحد بالجميع عن طريق الميثاق الاجتماعي ويجري العقد مع الجماعة, يضع كل واحد منا مع غيره شخصه وكل قوته تحت القيادة العليا للإرادة العامة ونستقل كهيئة كل عضو كجزء لا يتجزأ من الكل, فكل مشارك يتوحد مع الجميع ولا يتحد بأحد على وجه خاص, وهكذا يبقى حراً كما كان في السابق.

ومالك السيادة أو صاحب السيادة لا يرتبط بشيء ولكن حسب نظرية روسو لا يكون له مصلحة مخالفة للأفراد الذين يكونونه, فالسيد أو صاحب السيادة هو إذن تلك الإرادة العامة التي هي الإرادة الجماعية لا إرادة الأعضاء الذين يكونون هذه الجماعة, إذ يوجد اختلاف لا في الدرجة بل في الطبيعة بين الإرادة العامة وإرادة الأفراد الخاصة والإرادة العامة أفضل ملاذ ضد محاولات الأفراد الخاصة, ويضمن العقد الاجتماعي في آن واحد المساواة, لأن جميع المشتركين لهم حقوق متساوية في نطاق الجماعة, والحرية التي ترتبط بالمساواة ارتباطاً وثقياً, إن الفرد حر ان يعمل أي عقد, ولكن أن سيادة الشعب هي الضمانة للحقوق الفردية ولا يكون الفرد حراً إلا في (مدنية – الدولة) وبها, فالحرية هي الخضوع للقوانين

ولا يهدد صاحب السيادة الحرية, اذ لا يمكن لها أن تتحقق إلا بفضل صاحب السيادة. وإن صاحب السيادة هو اذن الارادة العامة التي تكون القانون تعبيراً عنها, إن صاحب السيادة هو السيد بحد ذاته ويتوخى صاحب السيادة المصلحة العامة وبالتعريف لا يمكن أن يريد إلا المصلحة العامة .

وهنا  يمكننا القول: باقتباس صيغة الوجوديين, ان الفرد يحكم على نفسه عن طريق العقد الاجتماعي بأن يكون حراً, فأن الإنسان إنما يحقق حريته بالخضوع إلى القوانين.

ان الشعب الحر يخضع, ولكنه لا يستعبد, وله رؤساء, لا أسياداً, ويخضع للقوانين, ولكنه لا يخضع إلا للقوانين, ذلك أنه بقوة القوانين لا يخضع الناس .

زر الذهاب إلى الأعلى