مقالات

الصراع العالمي والإقليمي في سوريا

يوماً بعد آخر تتشابك وتتعقد الأزمة في سوريا أكثر، بل يمكننا القول أنها أزمات متعددة ولها أبعاد عالمية وإقليمية أكثر منها أزمة سورية، لهذا قلنا منذ اليوم الأول أنها حرب عالمية ولكنها من طراز مختلف عن الحروب العالمية السابقة. حيث أنها على الأغلب تتكثف في المجال الاقتصادي والسياسي وتنتشر الصراعات العسكرية على رقعة واسعة من بلدان العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وكنا صائبين حين قلنا أنها تمركزت في سوريا.

وبنظرة بسيطة سنرى أن كافة القوى الإقليمية والعالمية موجودة ضمن الصراع في سوريا، وهذا يختلف عن وجود صراعات أخرى في بلدان أخرى في المنطقة، حيث أنها كلها تبقى جزئية مقابل الواقع الموجود في سوريا، وبطبيعة الحال الواقع الراهن يظهر التأزم والتعقيد أكثر من فرص الحل السياسي، وهذا مرتبط بالصراع بين القوى العالمية وتناقضاتها وأيضا بين الصراعات الموجودة بين القوى الإقليمية.

وأيضاً توجد خصوصية أخرى للوضع السوري بحيث تجعلها مركز الصراع الإقليمي والعالمي، وهو وجود قوات تابعة لكافة القوى على الأرض السورية بشكل مباشر وهذا يختلف مثلاً في اليمن أو ليبيا أو غيرها. وهنا تظهر لنا جدلية أن الحل في سوريا سيكون مفتاحاً للحل في عموم المنطقة وكذلك العالم وأيضاً يرتبط تأخر حل الأزمة السورية بالتعقيدات والتشابك فيما يخص قضايا مختلفة في العالم والمنطقة، مثل موضوع الغاز في البحر الأبيض المتوسط وموضوع أوكرانيا، وموضوع نووي ايران ومتعلقاتها وغيرها من المواضيع التي تهتم بها القوى العالمية.

وهناك حقيقة تفرض ذاتها منذ بداية الأزمة السورية وهي الصراع المذهبي في المنطقة بشكل عام ولكن خلال مراحل الصراع تبدلت الاصطفافات أيضاً وتداخلت صراعات أخرى حتى ضمن الجبهة الواحدة، فالآن الجبهة السنية لم تبقى موحدة وفي حال صراع بينها حيث أنه بعد وصول الصراع إلى اليمن وما قامت به تركيا من التلاعب على الحبل الايراني والسعودي معاً خلق شرخاً بينها والسعودية وهذا ما أدى إلى تطور أزمة أخرى بين الدول التي تعمل وفق فكر الاخوان المسلمين والبلدان الأخرى، ونحن لا يسعنا ذكر كافة الأحداث حالياً ولكن علينا القول أنه في المنطقة توجد ثلاث توجهات متناقضة وفي حال صراع بينها وهي ايران والسعودية وتركيا.

الطرف الأضعف الآن هي تركيا وذلك للتعقيد الذي تعيشه في علاقاتها مع أوروبا وأمريكا بسبب سياسات التقارب مع روسيا، وأيضاً بسبب علاقاتها الاقتصادية القوية مع ايران، لهذا تعتبر من أكثر المتضررين من الحصار الاقتصادي الجديد الذي فرضته أمريكا على ايران. وأيضاً لا تحصل على التأييد العربي مثل السابق بسبب قيادتها لطرف الاخوان المسلمين، ورغم محاولات اردوغان اللعب على العواطف الدينية للعرب فيما يخص مسألة القدس إلا أنها لن تنجح مثل السابق.

والانتخابات التي ستجري في تركيا تظهر أنها مفتوحة على احتمال فشل اردوغان وحزبه وحلفاءه بتحقيق أهدافهم مما يفتح المجال لأزمات كبيرة في تركيا سواء من الناحية السياسة أو الاقتصادية.

إذاً الحل في هذه القضايا الإقليمية والعالمية يحتاج إلى الحل في سوريا لأنه المفتاح، ومفتاح الحل في سوريا هو النهج الديمقراطي.

زر الذهاب إلى الأعلى