حواراتمانشيت

الصحافة الكردية علتها تفرقتنا وعلاجها وحدتنا

“إن هذا الصحفي قدير، ونحن كنا في غفلة عنه” بهذه الكلمات حدثني أحد الأساتذة يوماً، وهذا الصحفي الذي تم الحديث عنه يتخذ من (البحث في كل ما يخدم الإنسانية دون تعصب قومي وطائفي) شعاراً على صحفته في موقع التواصل الاجتماعي وكذلك في مهنته التي تعتبر عين المجتمع ولسانها، وعندما ألتقيته قدم لي شرحاً عن حقيقة دور الإعلام وتأثيره على المجتمع بأسلوبه الشيق الممتع.

عدة مرات تراءى أمام ناظريّ على شاشات التلفزة عاقداً حاجبيه مندمجاً خلال حديثه الذي بدا وكأنه يخرج من صميمه، واليوم تسنت لصحيفتنا اللقاء بهذا الصحفي القدير للحديث عن أهم المحاور في مضمار الصحافة الكردستانية، وأخرى في السياسة ووضع المنطقة، إنه الصحفي هوزان زبير.

وإليكم هذا الحوار الشيق نضعه بين أيديكم قرائنا الأعزاء:

– كيف لكم أن تعرّف لنا هوزان زبير؟

مواطن كردستاني وصحفي مارس المهنة في جنوب كردستان منذ نحو عشرة أعوام ومازال يتطلع إلى الإعلام الحر الذي يفيد المجتمع ويقوده إلى تحقيق تطلعاته.

– حتى تكون صحفياً كردستانياً ناجحاً ماذا يستدعي الأمر؟

ليس هناك شروط محددة للنجاح في المجال الإعلامي لكن القاسم المشترك الأكبر في النجاح الحقيقي هو تفضيل المصلحة الوطنية والمجتمعية وتطويرها على كل غاية شخصية ضيقة، ناهيك عن بقاء القلم حراً دون قيود، من الممكن أن تعلو نجوم البعض في المجال بشكل أو بآخر لكن ليس كل إعلامي مشهور ناجح، وليس كل إعلامي ناجح مشهور، نظراً لتطور التكنولوجيا ووسائل البروبوغاندا بالنهاية واجبنا هو أن نكون إعلاميين بالفعل، وهو أن نكون مرآة المجتمع (الرأي العام) ونقل الوقائع والحقائق، لا يمكن إنكار حقيقة تأثر الإعلام بفكر أو إيديولوجية معينة ولكن ليست لدرجة التطبيل لها وإخفاء الأخطاء الفادحة.

– قطعت الصحافة الكردية أشواطاً كبيرة لكنها لم تصل إلى مستوى يسمح لها بالتأثير على القرار العالمي باعتبارها السلطة الرابعة، فمتى يمكن أن يتحقق ذلك؟

تبقى الصحافة الكردية في العقد الأخير الجاري أفضل من العقد السابق وسابقه، فقد تمكنت من تسليط الضوء على القضايا الكردستانية، وايصالها إلى الرأي العام العالمي لكن دون المستوى المطلوب، والسبب هو حالة الشرخ والتفرقة القائمة بين الأطراف الكردستانية المتخاصمة نتيجة السموم التي يبثها أعداء الكرد بين تلك الأطراف، إذاً يمكن القول أن هناك علاقة متوازية بين الإعلام الكردي والحالة السياسية الكردية، بمعنى آخر وجود خلاف داخلي يعني خلاف بين وسائلها الإعلامية، بينما انتهاء الخلافات وتحقيق الوحدة الوطنية يعني الوصول إلى إعلام كردستاني وطني، والعكس صحيح حيث الوصول إلى إعلام كردستاني وطني يعني المساهمة في تحقيق الوحدة الوطنية حينها سيكون للإعلام دوره وتأثيره القوي على الصعيد العالمي وليس الدور السلبي القائم على محاربة الذات جراء الخلافات.

– أبرز معوقات الصحافة الكردية من وجهة نظركم، وكيف يمكن تشكيل صحافة كردية متماسكة وتساهم في تقرير المصير الكردي؟

اختلاف المبادئ الأساسية والتبعية للأجندات الخارجية هي أهم المعوقات، إذا اعتبرنا أن كل وسيلة إعلامية تتبع طرفاً أو تنظيماً أو حزباً كردستانياً بالتأكيد سيكون هناك حرباً إعلامية ما دام الخلاف موجود، لكن يمكن الاعتماد على نظرية النهر وروافده، لكل رافد منبع وشكل وانحناءات تميِّزه عن رافد آخر، لكن المصب في نهر كردستاني واحد. لذا يمكننا تأسيس إعلام كردي متماسك في حال التمكن من عقد مؤتمر وطني كردستاني.

– نعيش في زمن نحن أحوج فيه إلى تعميق قيم الانتماء إلى الأرض أكثر من الماء والهواء، فهل لعبت الصحافة الكردية دورها على أكمل وجه بهذا الصدد؟ 

نعم لعبت نسبياً وبشكل عام، لكن إذا خصصنا بالذكر فإن مؤسسات الإعلام الحر ساهمت ومازالت تساهم في تعميق هذا الانتماء.

وسائل إعلام كردية لعبت دورها بشكل إيجابي حتى لو بنسب متفاوتة في مقاومتي كوباني وعفرين نموذجاً، لكن يجب التنويه إلى أن بعض الوسائل الإعلامية تدعي إنها كردية لكنها بـ”النطق” فقط؛ وتقوم بخدمة أجندات تركية على سبيل المثال، وخاضت حرباً نفسية بشكل غير مباشر لصالح العدوان التركي، أساساً تلك الوسائل لا يمكن تصنيفها في خانة الصحافة الكردية، لذا قلت إن الصحافة (الكردية قولاً وفعلاً) لعبت دورها إيجابياً.

– في هذه المرحلة ماذا يقع على عاتق الكرد لا سيما وأن عفرين احتلت تركياً والتهديدات مستمرة على باشور كردستان، أما باكور كردستان حدث بلا حرج، وماذا بشأن المؤتمر الوطني الكردستاني؟

ورد الجواب في الشطر الثاني من السؤال كما ذكرت سابقاً؛ وهو عقد المؤتمر الكردستاني، وعبر هذا المؤتمر فقط يمكن مواجهة كل التهديدات، واستعادة كل شبر محتل من الأراضي الكردستانية، وبه سيكون للكرد وزناً في المحافل الدولية سيكون لهم كلمة موحدة تحسب لها حساب وحينها لا يمكن للعالم أن يتحلى بالصمت حيال أي عدوان يطال الكرد، كما حدث في عفرين أو كركوك، لِمَ نلوم ونعاتب المجتمع الدولي بينما نحن منقسمون فيما بيننا؟، إذاً الصحافة الكردية علتها تفرقتنا وعلاجها وحدتنا.

– بعد 58 يوماً من المقاومة أعلنت الـYPG والإدارة الذاتية الديمقراطية خطوتها إلى الوراء في عفرين والبدء بالمرحلة الثانية من المقاومة، حسب قراءتكم ما الدوافع لهذا الأمر؟

المقاومة مستمرة وهذا واضح من خلال العمليات الشبه يومية التي تنفذها وحدات حماية الشعب والمرأة، نعم دخلت في مرحلة أخرى ولكن بعد أن ارتكبت الدولة التركية مجازر ودمار في قرى جميع نواحي عفرين، واستهدفت كل الحياة على وجه أرض عفرين وسط صمت دولي، تغيير نمط المقاومة كان خياراً لا بد منه بعد أن تبين بأن اردوغان ومرتزقته عازمين على تدمير عفرين بشكل كامل فوق رؤوس أهلها، الخطوة التي جاءت بعد 58 يوماً من المقاومة الأسطورية جاءت لمصلحة المدنيين بالدرجة الأولى.

عودة النازحين إلى عفرين، برأيكم هل سيزيد من المجازر أم سيؤكد شرعنة المحتل، أو فشل المقاومة؟

قبل أن نفكر بنتيجة عودة مواطني عفرين إلى منازلهم وتداعياتها؛ المهم هو آلية العودة، إذ هل سيكون هناك ضمانات لإعادتهم دون تعريضهم للمزيد من الانتهاكات؟؛ عودة النازحين إلى منازلهم باتت لوحدها قضية يجب التوقف عليها وهذه القضية تعيدنا إلى ما قبل الهجوم والاحتلال، بتوضيح آخر؛ ضمانة العودة يعني لا وجود لمرتزق محتل مغتصب، يعني وطن غير معرض لهجوم، يعني حياة آمنة وحرة، إذاً؛ هل يمكن ترسيخ حياة حرة تحت ظلام الاحتلال؟ وهل يمكن أن تكون حياة المواطنين آمنة في الوقت الذي رأى العالم بأسره حجم الانتهاكات التي مارستها المرتزقة من نهب واعتداء واغتصاب، كل هذا وناهيك عن المخطط الذي يريد نظام اردوغان تنفيذه؛ ألا وهو مخطط التغيير الديموغرافي وتشريع المخطط عبّر بعض المستكردين الذين يدّعون إنهم تسلموا زمام الإدارة إلى جانب مواطنين من مناطق سورية أخرى تسكنهم الدولة التركية في المنطقة.

كيف تنظرون إلى الضربة الأمريكية الفرنسية البريطانية على سوريا، برأيكم هذه الضربة موجهة لمن؟

لا تبدو أن هذه الضربة جدية بما فيه الكفاية (على صعيد النتائج) التي وجدناها، وإلا لتمّ تنفيذها دون أن يتم تحذير النظام بذلك ـ فهل من المنطقي الجاد أن يقوم التحالف الثلاثي بتكرار تصريحاته وتهديداته ومنح المجال للنظام السوري لنقل عدته وعتاده من الأماكن المستهدفة قبل تنفيذ ضربتهم؟، كما أن الحفاظ الأمريكي على ماء وجهه أمام المجتمع الدولي هو سيناريو آخر محتمل، الأمر الآخر هو أن الضربة عبارة عن تصفية حسابات مبدئية فبعض المحللون يرونها رسالة موجهة إلى النظام الإيراني ووقف خطوط امتدادها إلى حزب الله والبحر، وآخرون يرونها رسالة إلى موسكو ومواجهةً لنفوذها الاستراتيجي في المنطقة. لكن بجميع الأحوال فما نُفذ هو جزء من حرب “باردة” عظمى و”ساخنة” بالوكالة، تنتهي مؤقتاً على الأقل لأعوام عبر نشوء نظام انتقالي تتوافق عليه جميع الأطراف المتصارعة على السلطة وليس بالضرورة أن تكون تركيا جزءاً من التوافق، لأنه إذا ما جرى اتفاق أمريكي روسي لن يكون لتركيا التي لعبت على الخطين، واستغلت نقاط ضعف الطرفين، وعقدت مصالح متضاربة معهما في سبيل مناهضة كيان شمال سوريا الديمقراطي مكاناً فيها.

ماذا عن تصريحات بوتين بحدوث فوضى عالمية في حال تم ضرب سوريا مجدداً، إلامَ يلمح بوتين؟

ربما استخدم بوتين تصعيداً ناعماً ويبدو إنه لم يقصد فوضى عالمية بل حرب عالمية، التي هي مندلعة بالفعل لكن ليس كمواجهة مباشرة بين القوى العالمية، ويبدو إنه يرد على التصعيد الأمريكي الخُلّبي بتصريح خُلّبي.

بوتين يريد القول: إن “مصالحه في سوريا خط أحمر”، وهو حتى الآن يراها محمية بوجود نظام الأسد، وإذا رآها محمية بنظام بديل فلن يكون لديه مانع للتخلي عن الأسد، فالمهم لدى موسكو هو الحفاظ على مواقعها الاستراتيجية في الشرق الأوسط وأحد الأنظمة المستهلكة لصناعاتها، ليست لروسيا مبادئ ولقد تبين ذلك بصفقاتها مع اردوغان الذي أسقط طائرتها، ودعم كل من هبّ ودبّ من الراديكاليين ضد النظام السوري ونفخ في نار أزمته.

– أخيراً؛ ماهي أفق الحل السوري؟

حل يرضي المكونات السورية وليس مصالح الدول هو الحل الأبدي، وغيرها عبارة عن حلول مؤقتة، ففي سوريا ثلاثة خطوط “اثنان منهما النظام المدعوم روسياً وإيرانياً من جهة ومن تدعي مناهضة النظام المدعومة تركياً وقطرياً، من جهة أخرى يتصارعان على السلطة، والثالث صاحب نموذج حل طُبِّق في شمال سوريا وقابل للتطبيق في كل سوريا في حال إن سَحَبت القوى المتداخلة أيديها من الأزمة”.

ومن المحاور كلمة:

تظل الصحافة أداة مهمة من أدوات المعرفة والثقافة لأي أمة أو شعب في العالم، حيث تعتبر المرآة التي تعكس الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية بشكل عام لتلك الأمة التي من خلالها نستطيع وبكل بساطة التعرف على ثقافة وموقع أمم وشعوب العالم.

الصحافة في مقدمتها ولأهميتها أخذت سمة السلطة الرابعة.

الصحافة الكردية التي نحتفل هذه الأيام بيومها وبالتحديد في 22 نيسان بهذه المناسبة نعطي الفرصة المناسبة للتعريف بهذه الصحافة التي تمثل شعبنا الكردي وقضيته العادلة ولغرض التعريف بها خصوصاً للشعوب المجاورة لنا ضمن البقعة الجغرافية التي تعيش فيها بشكل متداخل، الشعوب الأربعة (العرب والكرد والأتراك والفرس)، أردنا محاورة زميلنا الصحفي هوزان زبير.

زر الذهاب إلى الأعلى