ثقافة

الشاعرة الكرديّة شيرين شيخو موهبةٌ ومُعاناة

sherin-shexoيشهدُ التاريخ الكرديّ على ظهور الكثير من النّسوة اللواتي خضنَ حرباً ضروساً مع مجتمعهن وعاداته البالية، فكُنّ قوياتٍ في التعبير عن ذاتهن وتميزنَ في مواهبهنّ، كما أنّ الكثير منهن أصبحنَ ضحيّة لهذه العادات والتسلّط، ومنهن مَن لم تتلقّى الدعمَ الكافيَ فطُمستْ طاقاتها وذهبت هباءً منثوراً بحُكم الأوضاع الاقتصادية الرديئة لمجتمعنا الكردستاني الناتج عن السياسة التقشفية المفروضة من قبل الأنظمة الشمولية المتعاقبة.

نساءٌ كثيرات تحلّين بالموهبة، إلا أنّ الصامدةَ منهن هي التي وصلتْ إلى ما تصبو إليه في أحلامها وطاقاتها، وشيرين شيخو امرأة كردية تحبّذ الشّعرَ وترى نفسها فيه، مَن عرفَ شيرين شيخو شهد لها بأنها قاستِ الأمرّين، فعلى لسان رفيقة ننقل أنها منذ صغرها كانت مُتمرّدة على  العادات والتقاليد البالية في مجتمعها، شيخو أرادت دوماً أن تكون إنسانة ذاتَ فائدة في مجتمعها، لذا هلّموا معنا لقراءة الحوار الذي أجرته صحيفة الاتحاد مع ابنة كوباني الشاعرة الكردية شيرين شيخو: 

1- من هي شيرين شيخو وكيف بدأتْ بكتابة الشعر؟

ولدتُ في قريتي الصغيرة كوربينكار عام 1972، درستُ المرحلةَ الابتدائية ثم تابعت المرحلة الإعدادية في كوباني، ولم أكمل المرحلة الثانوية لظروف وأسباب اجتماعية، وفي عام 1994 تزوّجت من ابن عمي أحمد شيخو، ولنا من الأولاد صبيٌ وبنت، وفي عام 1999 حصلتُ على الشهادة الثانوية، ولم أتمكّن بعدها من دخول الكليات أو المعاهد لظروف خاصة، واكتفيتُ بعملي كمعلّمة للمرحلة الابتدائية بالوكالة في مدارس كوباني وقراها.

من صغري كنتُ أهوى مطالعة الكتب الأدبية من القصّة والرواية والشعر، وكلّما كنت أقرأ كتاباً أحلم أن أكون ذاتَ يومٍ كاتبة أو شاعرة من كثرة عشقي للفنون الأدبية وبالأخصّ الشعر الحديث، في بعض الأوقات كنت أكتب بعضَ الجُمل والعبارات حين ينتابني شعور ما، أو أتعرّض لموقف أو أشاهد حدثاً ما، كنت أرسلُ بعض الخواطر لبعض المجلات  وقاموا بنشر عدة مشاركاتٍ لي، أما الكتابة بشكل جدّي فقد بدأتْ في عام 1998، وكتبتُ بعض النصوص النثرية وجمعتُها في مجموعة وقمتُ بطباعتها ونشرها، اخترت الشعرَ دون الفنون الأدبية الأخرى، فأنا أجد نفسي في الشعر أكثر من بقية الفنون، أعشقُ الشعرَ، وأجد نفسي في الشعر لأنه جميل بالإضافة إلى كونه تعبير عن حالات شعورية ونفسية أكثر من الوصف والسرد كما في القصة، وكثيراً لم أكن احتفظ بتلك الخواطر التي كنت أكتبها بهدف التخفيف عن النفس وإفراغ الشحنات النفسية.

2- ما لها من أعمال ونتاجات شعرية؟

لديّ مجموعتان شعريتان، بالإضافة إلى كُتيب صغير، الأولى: “مرة أخرى القبيلة تستجوب القتيلة” وتقع في 40 صفحة من القطع المتوسط، الثانية: “لأنها أنثى” مجموعة نصوص نثرية طبعت عام 2004، أما الثالثة: “عقيدة الألم” مجموعة شعرية صدرت عام 2007.

3- من اين استمدت شيخو أفكار ديوانيها الشعريين؟

كتبتُ عن المرأة بشكل خاصّ وقد عنونتُ مجموعتي الأولى (لأنها أنثى)، وأكثر نصوص المجموعة عن المرأة ومعاناتها من الظلم والاضطهاد والعنف، وحرمانها من حقوقها المشروعة،  ففي مجتمعنا الشرقي عامة والكردي خاصة ما زالت المرأة تعاني شتى أشكال الاضطهاد من الذكر الذي يتربّع على عرش السلطة بكل كبرياء وغرور، ولا أنكرُ أنّ بعضَ الفئات قد تجاوزتْ هذه العقلية السلطوية ومنحتِ المرأةَ بعضَ حقوقها ولو ظاهرياً، ولكن تظلّ الأغلبيةُ تمارس هذه السلطةَ وأحياناً في الخفاء، وأمّا في يومنا هذا فقد أثبتتِ المرأةُ أنها مساويةٌ للرجل في كل شيء، وليست بأقلّ منه شأناً سواء من ناحية التعليم أو العمل خارج المنزل أو حمل مسؤولية الأسرة، وحتى في حمل السلاح والدخول في الحروب والمعارك الطاحنة جنباً إلى جنب مع الرجل، وخير مثال على ذلك المرأة الكردية التي أثبتت للعالم جدارتها بالاحترام وهي تقاتل ببسالة وتستشهد في كوباني وغيرها من المدن والمناطق، المرأة الكوبانية بشكل عام والمرأة الشاعرة بشكل خاص تعاني من الحرمان والظلم وسلب الحقوق، ليس بشكل مطلق إنما بنسبة كبيرة، ومازالت محرومةً من الكثير من حقوقها ومتطلباتها، وتفتقد لحرية الرأي والقرارات الشخصية وبحاجة لتقدير واحترام المجتمع لها، أما المرأة الشاعرة فهي الأكثر حاجة من غيرها لهذه الحرية، كونها شفافة من الناحية الحسيّة ومحتاجة للدعم المعنوي والتشجيع والإسناد من محيطها لتقدم ما لديها من مواهب وطاقات، وللأسف ما زالت المرأة الشاعرة تفتقد هذا الدعمَ والتشجيع في كوباني.

4- بمن تأثّرتْ شيرين شيخو في مضمار الشعر؟

قرأتُ للعديد من الشعراء الكُرد والعرب، وأهمّهم الشاعر جكر خوين وأحمد خاني وشيركو بيكس، والشعراء الحديثين، كما قرأت لنزار قباني وأحمد شوقي وجبران خليل جبران ويوسف سباعي وحنّا مينا… الخ، وأكثر ما يعجبني في الرواية أسلوب أحلام مستغانمي ويوسف سباعي، وفي الشعر لجكر خوين ونزار قباني وجبران خليل جبران تأثير كبير على معتقداتي ومفاهيمي، تعجبني أفكارهم كثيراً.

5- هل لبيئتها تأثير على مزاولتها للشعر؟

في الحقيقة لم أتلقَ الدّعمَ والترحيبَ المطلوب من محيطي إلا بنسبة ضئيلة جداً، بالعكس تماماً كثيراً ما تلقيت عدمَ الاحترام لرغبتي في نشر وطباعة كتاباتي وأحياناً الإعاقة والإحباط، مما جعلني أجهد بمفردي وأتجاوز تلك العقبات، ومثال على ذلك حين أردتُ طبعَ مجموعاتي لم أجد من يساندني لا معنوياً ولا مادياً، وبعد انتظار دام ست أشهر تم طباعة مجموعتي، وحينها أيضاً لم أتلق الدعم الكافي من محيطي لتوزيع الكتاب وإيصال كلماتي ونتاجاتي للناس، وبعد فترة وجيزة تم إبلاغي بالانفكاك الأمني من عملي كمعلمة وكيلة، وتم استجوابي مراراً من قبل الأمن السياسي والجوي السوري، وبعد ذلك حدث أن أصبت بإحباط وتعقيدات نفسية كانت نتيجتها توقّفي عن الكتابة لعدة سنوات، لكن الأحداثَ التي بدأت في سوريا والمآسي التي أوصلت بنا لهذه الحالة دفعتني للكتابة مُجدداً.

6- إلى أي مرتبة تودّ شيخو أن تصل في الشعر؟

تمنيتُ أن أصلَ في مجال الشعر إلى أعلى المستويات، لكن للأسف ظروفُ الحياة ومعاناتي في كثير من الجوانب ومنها المادية والمعيشية، وعدم توفر الأرضية الملائمة للتأمّل والخلوة والاستمرار في الكتابة حال بيني وبين أحلامي وأمنياتي الذاتية.

7- هل لشيخو هوايات أخرى غير الشعر؟

أهوى الموسيقا وممارسة الفن والعزف وبالأخص آلة البزق، وأيضاً الواقع ومتاعبه لا يترك لي مجالاً لممارسة هواياتي وتطويرها.

8- ماهي أهم مشاريعك للمستقبل في إطار العمل الفني والشعر؟

لدي ديوانان أحدهما باللغة العربية والآخر بالكردية قيد الإنجاز وسيُطبعان قريباً.

سيدار رمّو

 

زر الذهاب إلى الأعلى