مقالات

السياسة التركية التدريجية لابادة روج آفا

جوان سليفي

منذ نشأتنا ولوقتنا الراهن نسمع عن إبادة الكرد في أجزاء كردستان الأربعة، ولو أخرجنا أي كتاب يخص الكرد نرى فيه “الابادات” بمختلف أشكالها وأنواعها. 

فمنذ القِدم نشاهد الشعب الكُردي يُسّتبد ويُفنّى من قِبل الدول المعادية لفكر الحرية والديمقراطية، وأخص بالذكر “السياسة العثمانية” التي ابادت الكرد بشكل مباشر دون التفرقة بين الثوار “المقاتلين” والمدنيين، والرجال والنساء والأطفال، ومع حدوث تغييرات في المرحلة الراهنة قامت السلطة الفاشية التركية بتغيير سياستها من الابادة المباشرة إلى الابادة التدريجية، وكان ذلك نتيجة ما يحدث في “روج أڤاي كردستان” من نجاحات سياسية وعسكرية التي حققها الكُرد مع شركائهم في المنطقة، حيث أدركت تركيا مدى خطورة تلك النجاحات على سياساتها، فبدأ الخوف بأنه سوف يكون هناك بداية انتقال الحراك إلى الأجزاء الباقية من كردستان، فعملت جاهدة إلى استخدام سياسة الإفناء غير المباشرة “التدريجي” وهو نقل الخلافات إلى الساحة الكردية من أجل تقسيم وحدتهم، ونشر النزاع بين الشعب لإضعاف إرادتهم، ولم تكتفي بكل ما ذُكر بل قامت بإرسال مجاهدين من التنظيمات الإرهابية إلى شمال شرق سوريا “روج آفا” بهدف نشر الذعر والفكر الإرهابي بين أبناء الشعب، وتدريب الأطفال لتحوليهم إلى إرهابيين واجبار المدنيين على الهجرة من أراضيهم، إضافة إلى نشر أفعال لاأخلاقية بعيد كل البعد عن عادات المجتمع، كما استغلت الظروف المعيشية الصعبة في روج أفا لتنفيذ مخططاتها، حيث قامت بقطع المياه عن مليون مدني في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، استخدمت الابادة المباشرة باستخدام القوة العسكرية بذريعة الأمن القومي كما حدث في “عفرين وغيرها من المناطق المحتلة في سوريا”، من أجل التغيير العرقي وإبعاد الكُرد عن مناطقهم، واستغلت الخلافات الحزبية لتقسيم الفكر الكردي في الأجزاء الأربعة، لذا على الكُرد أن يُدركوا أن تركيا تستهدف الكرد بشكل عام وليس فقط كُرد روج آفا فحسب، والسبب في تمرد تركيا بأفعالها يعود إلى الصمت الدولي والكردي معاً، وأرى أن هذا الصمت يُمهد للسلطة الفاشية الدخول إلى صميم الشأن الكردي.

القضية الكردية في الوقت الراهن وعلى وجه الخصوص “روج آفا” بحاجة إلى الدعم العلّني من الساحة الشعبية الكردية في جميع أجزاءها كي يكون حاجزاً أمام السلطات الفاشية لأن المرحلة لا تتطلب دعماً سرياً كون ذلك لا يخدم القضية بل يضعف الآراء الدولية في مسيرة حلها، وبذلك تفقُد القاعدة الشعبية ثقة أصدقاء الكُرد، وعلينا بفصل الخلافات السياسية وابعادها عن الساحة الشعبية في جميع أجزاء كردستان ليبقى الشعب موحداً.

في نهاية المطاف يجب الانتقال من المرحلة السرية إلى العلنية، وكسر حاجز الصمت المُخيّم على الحراك الشعبي في كافة أجزاء كردستان، وإن ما يتعرض له الكرد في روج أڤاي كردستان عارٌ على صمت القومية الكردية ومن ينادي بها.

زر الذهاب إلى الأعلى