مقالات

السيادة؟ ادعاء أم فعل؟

دجوار حمو

السيادة السورية بين اتفاق أضنة والآلية الأمنية.

في خريف عام 1998 وإثر تهديدات تركيَّة باجتياح سوريا، إذا لم يتم إخراج السيد عبدالله أوجلان من سوريا، وعدم المطالبة بلواء اسكندرون مرة أخرى.

سوريا التي كانت دولة بكامل المواصفات، جيش، حكومة، برلمان، رئيس، وشعب ملتف خلف قيادته، تحت شعار لا للإمبريالية والصهيونية، والرجعية العربية، وبأنها مُناصِرة لحقوق الشعوب المظلومة.

فقد استنجد النظام السوري آنذاك بالرجعيين العرب والانبطاحيين المستسلمين من الرؤوساء والملوك العرب، حسب تعبيراته، لكي يحموا نظامه من الدولة التركية، فقام الرئيس المصري حسني مبارك بالتوسط لدى تركيا لمنع الاجتياح التركي، ولكن بشرط عقد اتفاقية مذلة للسوريين، من بنودها التي اُعلنت، التنازل عن لواء اسكندرون لتركيا وعدم المطالبة به بتاتا، تغيير المناهج الدراسية وعدم الإشارة للاحتلال العثماني بأنه احتلال، تغيير خارطة سوريا، دخول القوات التركية مسافة خمسة كيلومترات إلى داخل سوريا متى أرادت لملاحقة مواطني سوريا الكرد، واعتقالهم.

 والدخول لمسافات أكبر إن استدعت ضرورة أمن تركيا ذلك، من دون أن يكون للنظام حق الاعتراض.

فهل بقيت هناك سيادة سورية منذ ذلك التاريخ؟

 حتى عندما تدخلت تركيا في الأزمة السورية وأدخلت الإرهابيين إلى عقر دار النظام، لم يتجرأ النظام على إلغاء تلك الاتفاقية، لابل أن روسيا حليفة النظام دعت أكثر من مرة لتفعيل تلك الاتفاقية المشؤومة، وكذلك تنازل النظام والروس لتركيا عن إدلب والباب واعزاز وجرابلس، وعفرين لاحقا.

فقبل غزو عفرين سحبت روسيا نقاط المراقبة التابعة لها من عفرين، لإفساح المجال للغزو التركي، كما أن النظام لم يحرك ساكناً عندما غزت تركيا عفرين واحتلتها، بالرغم من دعوة الإدارة الذاتية في عفرين النظام السوري لحماية الأراضي السورية، حتى أنه أي ــ النظام ــ لم يقدم احتجاجاً للأمم المتحدة أو مجلس الأمن بخصوص ذلك، فأين هي السيادة؟

مع بداية الأزمة السورية سحب النظام جيشه من المناطق الكردية، ولف عَلَمَهُ، ولم يترك قطعة سلاح لكي يدافع الشعب في روجآفا عن نفسه ضد قطعان الإرهاب المنظم، فبادرت القوى السياسية الكردية، بتأسيس قوّة شبه رسمية من أبناء المنطقة، من كرد وعرب وسريان، للدفاع عن مناطقهم، وقد تطورت الأمور بعد ذلك لتأسيس إدارة ذاتية لإدارة المنطقة، حيث أن النظام أشلَّ عمل جميع مؤسساته الخدمية.

 لقد قاومت الإدارة في وجه تلك القوى الارهابية، منذ تأسيسها بداية العام 2014، وتعرضت للهجمات الإرهابية وكان أكبرها على الاطلاق هجوم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، داعش، خريف 2014، على كانتون كوباني، وكادت أن تسقط مدينة كوباني لولا استبسال أبناءها وأبناء المنطقة في الدفاع عنها، والمساعدة الأمريكية التي أتت في الوقت المناسب، وكذلك مجموعة البيشمركة، لتقلب كفة الصراع، ولتُهزم داعش ولأول مرة منذ نشأتها.

 وقبل أن تأتي المساعدة الخارجية كانت الإدارة الذاتية قد طلبت المساعدة من النظام ومن الروس ولكن دون جدوى. فمن تنازل عن السيادة السورية؟

الآن وبعد أن حررت قوات سوريا الديمقراطية شرقي الفرات ومنبج والطبقة، وقضت على إرهاب داعش في الباغوز بتاريخ 23 آذار 2019.

تجددت التهديدات التركية باجتياح منطقة شمال وشرق سوريا، ولكن الإدارة الذاتية كانت تطلب الحوار بدل الحرب؛ حيث أن ذلك منهجها الأساس، الحوار لأجل حل المشاكل، ودعت لذلك مرات ومرات ولاتزال تدعو النظام وغيره لحل الأزمة السورية بالحوار، ولكن لا جدوى إلى الآن من هذه المطالبات.

ولكن يبدو أن ذلك قد أثمر على الطرف التركي، أي الحوار، فكان من نتاج ذلك هو اتفاق على آلية أمنية لحماية الحدود بين الإدارة الذاتية وتركيا برعاية أمريكية، وذلك لتجنيب شعوب شمال وشرق سوريا شرور الحرب ودمارها.

فكان التفاهم حول آلية أمنية، يمنع دخول الجيش التركي إلى الأراضي السورية، وذلك بتسيير دوريات لقوات التحالف الدولي لمحاربة الارهاب على الحدود بدون تواجد القوات التركية، ومنع الطيران التركي من الدخول لأجواء شمال وشرق سوريا، وتبقى إدارة منطقة شمال وشرق سوريا بِيَدِ أبنائها، وكذلك الأمن العام، وكذلك حماية الحدود بقوات محلية.

فمن الذي تنازل عن سيادة سوريا؟

النظام السوري المستبد؟

أم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا؟

من سيحكم على هذه الثنائية؟

بين النظام، الذي يدعي الحفاظ على السيادة السورية ويفرط بها.

وبين الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، التي تقول بوحدة سوريا وحماية شعبها، ضمن سوريا لامركزية ديمقراطية تعددية، تضمن حقوق جميع القوميات والاديان بالتساوي.

من؟

زر الذهاب إلى الأعلى