تقاريرمانشيت

الرقة من التحرير إلى التعمير كيفَ ردَّ السياسيون على تحرير الرقة؟ وهل سيتمكن الرقاوي من مسامحة نفسه؟

 

تحقيق :مصطفى عبدو

بعد دقائق من تحرير مدينة الرقة من رجس الإرهاب؛ توالت ردود أفعال السياسيين والعالم الذين أشادوا بهذا الانتصار التاريخي والمهم. وضجتْ صفحات التواصل الاجتماعي بالمباركات. صحيفة الاتحاد الديمقراطي رصدت في هذا الموضوع أبرز الردود على هذا الحدث الجلل:

علينا اليوم مواصلة العمل لإعادة الحياة إلى المدينة

عائشة حسو الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي :PYD

الرقة  اليوم محررة بشكل كامل من رجس الإرهاب بفضل قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة، بعدما احتلها التنظيم الإرهابيُّ الأكثرَ خطورةً في التاريخ لأعوام, لقد عملنا معا نحن مكونات روج آفا – شمال سوريا لتحريرها من الإرهاب، ودفعنا جوقة من الشهداء في سبيل ذلك. وعلينا اليوم مواصلة العمل لإعادة الحياة إلى المدينة، وإعمارها ليعود مواطنوها إليها بعد أربع سنواتٍ من التشرد والحرمان.

النظام الفيدرالي هو الحلُّ للمشكلات المركزية في الرقة

الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار:

الرقة بعد التحرير تحتاج إلى إعادة تأهيل، ونحن ننظر لأهل الرقة على أنهم يمتلكون الوعي الكافي للاستفادة من تجارب السنوات الماضية، وهم من أكثر من عانى من الاستبداد في العهود الماضية، ومن الإرهاب في ظل سيطرة داعش. الرقاويون لديهم نخبة مثقفة تعيش في المنافي يمكنها العودة والمساهمة في البناء الجديد من خلال روحهم المتحررة والتواقة للحرية والانعتاق والتمثل الحضاري الذي يقوم على التعايش ونبذ التعصب ورفض التشدد والتطرف. أملي كبير أن يعطي أهل الرقة صورة لسوريا الجديدة التي نحلم بها.

التنوعُ الاجتماعيُّ في الرقة نقطة إيجابية وفق المنظور الذي ننتهجه في الأمة الديمقراطية؛ الذي يعتمد التعايش بين المكونات المختلفة أساساً والتنافس سيكون على برامج تطور الواقع والحياة، وعلى قيم حقوق الإنسان والتقدم في العمران وليس على هويات أثنية أو دينية. والنظام الفيدرالي هو حل للمشكلات المركزية التي عانى منها شعبنا, وآن الأوان للناس أن يتحكموا بموارد أرضهم ويديروها بأنفسهم، ويطوروا علاقاتهم اليومية بما يعرفونه عن أنفسهم، وتلك غاية الفيدرالية: تنمية مستمرة وديمقراطية مباشرة.

لامس الأخوة في مجلس الرقة المدني القيمة العملية للفيدرالية، فلابد أن يكون ذلك مدعاة للبدءِ بتحقيق الفيدرالية.

الفيدرالية مشروع سياسي تنموي حضاري يحقق الاستقرار، ويمكنه بحكم المصلحة والقرب من الحدث في مواقعه؛ أن يضبط التطرف ويلاحقه، ويُسَرِّعُ الاصلاحات التي تعتمدُ على الديمقراطيين والممارسات المباشرة للديمقراطية، وهذا كلهُ عاملٌ يدعو قوى العالم لتأييده ودعمه. الواقع دائماً مُتغير ونحنُ اليوم من يضبط ايقاعه، ويمكننا برؤية واسعة ومستقبلية وبشيء من الضبط القانوني والانضباط القيمي؛ أن نصل إلى مُخرجاتٍ تُخرِجُنا من الأزمة، ويستطيع السوريون في لحظة الحقيقة تحقيق ذلك.

الرقة ستصبح مدينة الإنسانية

الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد

تحريرُ مدينةِ الرقة هو تحريرُ الإنسانية والمرأة، وبدايةُ تاريخٍ جديد، فقلعة الظلم التي انشأها داعش في الرقة انهارت بعزيمة أبطالنا في قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة.” مدينة الرقة ستصبح مدينة الإنسانية، لأن المدينة  في ظل سيطرة الإرهاب عليها كانت بمثابة قلعة لإنهاء الإنسانية، وها نحنُ ذا نُعيدُ إليها إنسانيتها.

إن المعلب البلدي الذي حوله مرتزقة داعش إلى ساحة لبيع وسبي النساء؛ ألقي فيه بيان تحرير كامل المدينة وعقد فيه احتفالية التحرير، وهكذا انتقمنا لكافة النساء الإيزيديات والنساء اللواتي تم بيعهن.

باسم مجلس سوريا الديمقراطية نبارك تحرير الرقة وأقول : “أشرقت شمس الحرية فوق الرقة من جديد”.

ستصبح الرقة عاصمة أخوة الشعوب في سوريا

الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذية للفيدرالية الديمقراطية فوزة يوسف

 من جانبها باركت  فوزة يوسف تحرير مدينة الرقة، وأهدت هذا الانتصار لكافة شعوب سوريا والعالم والإنسانية جمعاء. وشددت فوزة على أن مرتزقة داعش كان هدفهم بناء نظامهم “التكفيري” المعادي للإنسانية قاطبة، إلا أن أبناء وبنات شمال سوريا ناضلوا وضحوا في سبيل تحرير مدينة الرقة، وأن المقاتلين والمقاتلات في قوات سوريا الديمقراطية عاهدوا فصدقوا، وحرروا المدينة من داعش”. كما أن مجلس الرقة المدني والقوى العسكرية سيحولون مدينة الرقة إلى القاعدة الأساسية لسوريا ديمقراطية حرة، قاعدة لأخوة الشعوب، و ستصبح الرقة عاصمة أخوة الشعوب في سوريا.

تحرير الرقة اجهضت مخططات تركيا

صالح كدو سكرتير حزب اليسار الديمقراطي الكردي في سوريا

لقد شكَّلَ تحريرُ الرقة انتصاراً كبيراً ليس لقوات سوريا الديمقراطية وطليعتها وحدات حماية الشعب والمرآة فحسب، بل مَثَّلَ نصراً للشعب السوري عموماً وأبناء وبنات الرقة خصوصاً؛ لأن محافظتهم تحررت على أيدي قوات سوريا الديمقراطية التي احتضنت كافة مكونات الشعب السوري، ووجهت ضربة قاضية لتنظيم داعش الإرهابي في عاصمتهم المزعومة، وحررت مئات الآلاف من المدنيين من نيرِ القهرِ والاستبدادِ والموت، واجهضت مخططات تركيا وغيرها من القوى الطامعة في احتلال الأراضي السورية.

تحرير الرقة هو انتصارُ المبدأ الإنساني

عبد الكريم سكو سكرتير حزب البارتي الديمقراطي الكردستاني – سوريا

تحريرُ الرقة انتصارٌ لإرادةِ الشعوبِ وهزيمةٌ للإرهاب الداعشيّ؛ أي انتصارُ الحقِّ على الباطل، وإجهاض كل مخططات أردوغان، وبداية لمرحلة جديدة ربما تكون هي الأقرب إلى إيجاد حلٍّ سياسيٍّ لسوريا عموماً. وأرى بأنَّ تحريرَ مدينة الرقة سوف تُغيِّرُ الكثير من الموازين السياسية والاستراتيجية في العالم، وستؤسس لمرحلة سياسية جديدة. فأسطورة الإرهاب المتمثلة بداعش والتي أرهبت العالم وصلت إلى نهايتها في الرقة بفضل التلاحم الوطني لقوات سوريا الديمقراطية. مباركٌ لنا ولجميع شعوب المنطقة هذا الانتصار الكبير.

بدأ الانطلاق نحو فدرلة سوريا

سنحريب برصوم الرئيس المشترك للهيئة التنفيذية لفيدرالية شمال سوريا

نحنُ نعتبرُ أن نظام سوريا المستقبلي لا بد أن يكون نظاماً فيدرالياً، وهذا يعود إلى عدة أسس ومقومات نعتمد عليها، ونرغب بتكريس هذا النظام في عموم سوريا. وبقراءة الأحداث نرى أن الرقة لم ترضى بأن تكون لها نظام مركزي، ولا تتبع لنظام مركزي في الحكم. وسيكون لها قرارها الحر، من خلال إدارة مدنية للمدينة. وهذا الواقع يُكَرِّسُ لفيدرالية سوريا المستقبل”.

الانطلاقُ نحو سوريا الفيدرالية هو أمرٌ لا بدَّ منهُ بعدَ رؤيةِ ما حصل في سوريا، وفدرلة الرقة هي خطوة الانطلاق نحو تثبيت المشروع الفيدرالي في سوريا، لأن الفيدرالية هي مطلبُ الشعوبِ التواقةِ للحرية لإدارة نفسها، ونموذجٌ ديمقراطيٌّ وحضاريٌّ يعطي للإنسان كفرد ومجموعة حقوقه كاملة.

أنَّ النموذج الفيدرالي هو “مطلبٌ شعبيٌّ وليس فئوي أو حزبي، بل نراه ينطبق على كل الشعب السوري وكل منطقة تتحرر من داعش.

 كما أنَّ المجلسَ المدنيَّ للرقة ذو حكمةٍ وكفاءةٍ وخبرةٍ عالية، ويستطيعُ أن يخلقَ مستقبلاً لهذه المدينة التواقة للحرية ولحقوق شعوبها القاطنة فيها، وسيرسم هذه السياسة مع بقية المناطق السورية المُحررةِ لبناء سوريا المستقبل التعددية الديمقراطية الفيدرالية.

حانَ الوقتُ ليُسمَعَ صوتُ نساءِ الرقة

الناطقة الرسمية باسم مجلس المرأة السورية لينا بركات:

أنَّ المرأة في مدينة الرقة كانت الضحيةَ الأولى أثناء سيطرة مرتزقة داعش على المدينة، وأنَّ نساء مدينة الرقة تعرضنَّ لكافةِ أشكالِ العنفِ والتعذيبِ النفسيِّ والجسدي، وعانت الآَمَرَّين من ممارسات مرتزقة داعش. وأشارت الناطقة الرسمية لمجلس المرأة السورية إلى ضرورة أن تكون لنساء الرقة دورٌ في حلِّ الأزمة السورية، مؤكدةً ضرورة أن يُسْمَعَ صوتها من قبلِ الجميع.

لينا بركات بيّنت بأنَّ لديهنَّ مخططات مستقبلية من أجل نساء مدينة الرقة، مبدئياً سيعملن على تنظيم كافة نساء الرقة، وفتح دورات توعوية وتدريبية وفتح مشاريع اقتصادية، ودعم المرأة في الرقة لتتمكن من إعادة دورها في المجتمع.

عملية تنظيف مدينة الرقة ستستغرق فترة من الزمن

القيادي في قوات سوريا الديمقراطية شفكر هيمو:

بعد المؤتمر الصحفي لقوات سوريا الديمقراطية؛ والذي تم فيه الإعلان عن تحرير كامل مدينة الرقة من مرتزقة داعش، تعهدت القوات خلال هذا المؤتمر تسليم المدينة للمجلس المدني وقوات الأمن الداخلي، وعلى الفور باشرت الفِرَقُ الهندسية الخاصة بقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب بتنظيف المدينة من الألغام ومخلفات داعش. إلا أنَّ عملية تنظيف المدينة تواجه عدّة صعوبات، منها كثافة الألغام التي زرعها مرتزقة داعش، وقلة المعدات الهندسية الخاصة بتنظيف الطرق وإزالة الألغام.

ونَوَّهَ شفكر هيمو إلى أنه لا يمكن تحديد مدّة زمنية معينة للانتهاء من عملية تنظيف المدينة، نتيجة الصعوبات التي تواجههم.

ذكريات مؤلمة عاشها المدنيون مع مرتزقة داعش في الرقة

استخدمه مرتزقة داعش مع عائلته كدروع بشرية، وقتلوا ابنه المُعاق، وعاشوا في حصارٍ خانقٍ بمدينة الرقة لأكثر من أربعة أشهر، حتى أشرقت عليهم شمس الحرية وحررتهم قوات سوريا الديمقراطية ووصلوا إلى بر الأمان.

المواطن خالد أحمد محمد 54 عاماً من سكان مدينة تدمر، أب لـ5 أطفال ( 3 بنات، وولدان)، نزحَ منذُ عامين إلى مدينة الرقة هرباً من الاشتباكات بين مرتزقة داعش وقوات النظام في مدينته، وسَكَنَ في حي الرميلة شمال شرق مدينة الرقة.

مرَّ على خالد وعائلته عامان كأنهما عشرةُ أعوام، بحسبِ تعبيره، نتيجة ما عانوه من ظلم وممارسات مرتزقة داعش، حيث مارس مرتزقة داعش عليهم سياسة التجويع والحصار، وأجبروهم على البقاء في حيهم مدة أربعة أشهر ونصف بالتزامن مع إطلاق قوات سوريا الديمقراطية في حزيران من العام الجاري حملة غضب الفرات لتحرير مدينة الرقة. حاصر مرتزقة داعش حي الرميلة واستخدموا المدنيين كدروع بشرية، فكانت حالة عائلة خالد تزداد سوءاً مثلهم مثل الكثيرين من المدنيين الذين وقعوا في الحِصار، فلجأت العائلة إلى البحث في المنازل الخالية والمُهَجَّرة من السكان عن بقايا الطعام التي خلفتها العوائل بعد خروجها من المنطقة ليعيشوا عليها.

وخلال تقدمِ قوات سوريا الديمقراطية في تحرير أحياء مدينة الرقة ووصولها لمشارف حي الرميلة، المكان الذي تسكن فيه عائلة خالد، انسحب مرتزقة داعش وأخذوا خالد وعائلته معهم؛ لاستخدامهم كدروع بشرية، رفضت العائلة بداية الذهاب معهم، لكن المرتزقة أحرقوا منزلهم لإجبارهم على المغادرة والذهاب معهم متهمين كل من لا يقبل الذهاب معهم بـ” الكفر”.

وَضَعَ المرتزقة العائلة في حي البدو وسط المدينة، وهناك حصلت الفاجعة للعائلة إذ أقدم المرتزقة على قتل ابن خالد واسمه محمد، وكان يعاني من تخلف عقلي، حيث اتهمه داعش بأنه عميل لدى التحالف الدولي، ويتظاهر بالإعاقة لنقل المعلومات إليهم!.

وبسبب زيادة الضغوط ومعاناة الحياة على العائلة، وعدم تحمل والد المواطن خالد وهو رجل مسن، الحِصارَ وقلةَ الغِذاء والدواء توفي أيضاً بعد مقتل حفيده المُعاق.

كما أصيب ابن أخ خالد برصاصة قناص عند محاولته العبور إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية، وذلك قبل تحرير المدينة بـ20 يوماً.

المواطن خالد أحمد قال لوكالة أنباء هاوار بعد أن وصل إلى مخيم عين عيسى للنازحين، والدموع تنهمر من عينيه:” أنقذتنا قوات سوريا الديمقراطية وأوصلتنا لبر الأمان.

كلمة المحرر:

لقد كانت حملة “غضب الفرات” سهماً قاتلاً أصاب حكومة العدالة والتنمية التركية قبل أن يصيب أذنابهم الدواعش. سوف تتغير من خلاله الأوراق السياسية في المنطقة، مما يتيح الفرصة للحلول السياسية.

تشهد اليوم الرقة وضعاً جديداً يتسم بنوع من الدينامية، حيث يتم توسيع مجال النقاش وحرية التعبير، وينشط المجتمع المدني ويشارك في أداء المهام التي عجزت الحكومات عن القيام بها، ويتم طي صفحة الإرهاب الممنهج “سنوات داعش” وينفتحُ المواطنُ على النموذجِ الجديد، ويعودُ النازحُ إلى أرضِ الوطن.

يختار الشعب نظاماً ديمقراطياً يؤمن بسلامة المجتمع من العنف، ويطمئن المواطنين والمواطنات بعدمِ عودةِ الخلافات.

بتحرير مدينة الرقة يُفْتَحُ المجالُ لعودة المواطنين إلى المدينة لمباشرة مهامهم، ولترتيبِ الأوضاعِ الأمنية والاقتصادية والخدمية.

و إعادة إعمار المدينة التي تعرضت للدمار من همجية الإرهابيين، ووقف حركة النزوح عنها، واستقبال الأهالي الذين غادروها من قبل.

 يجب استثمار نجاح تحرير الرقة للتقدم لتحرير بقية المدن القابعة تحت سيطرة ونير الإرهاب؛ وعلى رأسها دير الزور والميادين.

ولنا اليوم أن نفخر بمقاتلينا في قوات سوريا الديمقراطية وفي وحدات حماية الشعب والمرأة، الذين ضربوا أروع الملاحم البطولية، وأداروا هذه الحملة باحترافية مميزة كُللِّت جميع خططها بالنجاح الذي أذهل الأعداء وأكسبنا من خلالها احترام وتقدير العالم.

بالمحصلة مدينة الرقة اليوم موضعَ اهتمامٍ كبيرٍ كونها اللبنة الأولى لترسيخ النظام الفيدرالي في شمال سوريا، وتعميمه على بقية المناطق السورية. كما أن انضمام الرقة إلى المشروع الفيدرالي يعطي زخماً للمشروع، ومن شأن ذلك أن توحد عموم جغرافية شمال سوريا في نظام فيدرالي اتحادي. وهذا ما نتلمسه من خلال قيام جميع المكونات المتعايشة بتشكيل فيدرالية عبر المجلس المدني لإدارة المدينة بعد التحرير.

زر الذهاب إلى الأعلى