مقالات

الرصاصة التي غيرت الأهداف

نحتاج إلى زمن طويل لغَسلِ ما زُرِع  في النفوس؛ لأن الأمر مرتبط بإعادة إنتاج الهوية السورية وقراءة التاريخ؛ فابشروا أيها السوريون بالعدالة القادمة من المعارضة المتأتركة!!!

والخبر اليقين عند الصحفي والناشط عبد الله العُمَر والمُقيم في الشمال السوري، والذي يتنقل بين تركيا وعفرين ويعايش جبهة النصرة والجماعات الإرهابية الأخرى، حيث ورد في حديث له على أحد مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد فيه على أن جبهة النصرة المصنَّفة دولياً على قائمة الجماعات الإرهابية إنَّما هي حليف استراتيجي لتركيا، وتنظر تركيا إليها بأنها فصيل معارض وجزء أساسي من الثورة السورية المزعومة, وأن ما تحدثت به تركيا عن هذه الجماعة ليس إلا “ذرُّ الرَّماد في العيون” بحسب قوله وذهب أيضاً إلى القول بأن رفع الرايات وصور أردوغان  وأعلام  دينية راديكالية في المظاهرات التي خرجت في إدلب إنما تُعبِّر عن محبة الجماهير للدولة التركية ورئيسها اردوغان, وأشار أيضاً بأن قرار المعارضة كانت دوماً بيد السعودية والإمارات, بينما قرار (الثورة) اليوم بيد أردوغان، وكل ما يقوم به أردوغان ويفعله نحن موافقون عليه لأنه (الأب الروحي) للثورة السورية وللثوار وللمسلمين في كل أنحاء العالم.

من جهة أخرى يؤكد الصحفي الأردوغاني “السوري” لقائه بوالي منطقة هاتاي التركية ووالي عفرين “التركي” واللذان أكدا له بأن السلاح لن يتم تسليمه وسيظل بين أيدي المسلحين، وما سيتم تجميعه من السلاح هو المتواجد لدى المدنيين, وفي ختام حديثه كرر عبد الله العمر: “جبهة النصرة هي فصيل مجاهد وتفتخر تركيا بها وكذلك نحن”. هذا ما كان من أمر جهينة الداعشي.

وبالعودة إلى التطورات الأخيرة وما أفرزته من معطيات حاسمة تضعنا في مشهد سياسي وثقافي غير مماثل أو مشابه لِمَا كان عليه الوضع في السابق، ولعل أبرز هذه التطورات وأهمها هو موقف هؤلاء من مكونات المجتمع السوري الذين ينضوون تحت سقفه، والذين يرون بأن حياتهم وحيويتهم مرهونة بوجودهم خارج سياق المجتمع الواحد المتشارك.

في الشمال السوري استطاعت المكونات أن تصنع معجزات  التغيير، والتي بدورها تطلبت الكثير من الصبر والمكابدة لبلوغها المراحل المتقدمة نحو بناء مجتمع ديمقراطي أساسه العدل والمساواة، والتي انتظرَتها هذه المكونات والشعوب لعقود طويلة.

نعم لقد غيَّرت هذه المكونات الصورة النمطية؛ ففي لمح البصر استطاعت أن تُسفِّه كل المفاهيم التي تُبخِّرِ الوعي وتعطله وأبدلتها بمفاهيم أخرى ملؤها التشارك في التصور والرؤية والأهداف والمشاعر وحتى أسلوب التفكير.

إن ما حدث ويحدث الآن يضع المواطن السوري في وضعية صعبة تحتاج إلى كثير من التأمل والتقييم, وإعادة النظر في العديد من المفاهيم التي شاعت.

استناداً إلى كل ما تقدم؛ فإن عِمَاد استعادة الدَّفة إلى مسارها الصحيح هو التوجه نحو الديمقراطية، لأنها الوحيدة التي تملك قدرة التأثير على المكونات والشعوب على امتداد الساحة السورية

زر الذهاب إلى الأعلى