مقالات

الدور التركي في ظل التحالف الثلاثي

دلبرين فارس

التحول السريع في سياسة تركيا الإقليمية والدولية في ظل تطورات المرحلة الراهنة التي تمر بها الشرق الأوسط عامة بمحورها السوري العراقي الغير منفصلين من الناحية الجيوسياسية  يعكس مدى عدم جدية النظام التركي في بناء علاقات استراتيجية مع الأطراف الدولية والاقليمية، والتي تعكس وتظهر للعيان مدى عدم مصداقية مثل هذا النظام الفاشل في التعامل مع الأزمات التي طالت المنحى السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي في المنطقة برمتها. رغم إن النظام التركي اتبع كل وسائله السلطوية في حلها لكن لم تجلب سوى المزيد من التأزم والتعقيد في قضايا المنطقة، وتخبط  أردوغان في الداخل والخارج التركي يثير الكثير من الأسئلة في مستقبل تركيا الدولة.

في إطار التحالف التركي الروسي الإيراني وما يسعى إليه أردوغان من هذا التحالف الثلاثي

 الأخير والذي يمكن عن طريقهم فقط أن تمرر تركيا أجنداتها السياسية والاقتصادية  الاستراتيجية في المنطقة.

خاصة وأن تركيا لم تأخذ أي ضمانات امريكية متعلقة بدورها في المنطقة، ولم تلبي هدفها الوحيد المتعلق بالابتعاد عن قوت سوريا الديمقراطية، ولعل هذا هو السبب الأساسي الذي أقلق أردوغان وغَيَّرَ مسار سياسته بأن يتحالف مع أعداء الأمس.

ولا يشك أحداً بأن قوات سوريا الديمقراطية ومنذ نشوئها تمكنت من إثبات جدارتها في أن تكون هي من تدير زمام المبادرة في التحولات الميدانية على الأرض، إلى جانب التحالف الدولي ضد داعش، ومن الجدير بالذكر أن الانطلاقة في مقارعة تنظيم داعش الإرهابي بدأ من كوباني على يدّ وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة؛ العامود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، كوباني التي كانت في مرمى النيران التركية التي كانت تنتظر رفرفة رايات السواد في كوباني.

ومنذ تلك اللحظة لوحظ التغير في مسار الخطة والسياسة التركية، وتبلورت في احتلال جرابلس والباب وإطار توافقات آستانا، والتي اشترطت فيها إيران وروسيا على أن يتخلى النظام في تركيا عن دعم الجسم السياسي للمجموعات المرتزقة الإرهابية المتمثلة بحركة الإخوان المسلمين التي استحوذت على القرار السياسي لما سميت بالمعارضة المعتدلة ضمن جسم الائتلاف “الإخواني السوري” في تركيا، وذلك لكي لا تبقى تركيا الدولة الاقليمية المتفرجة وهي التي قدمت اسهامات جلية في دعم الإرهاب بشكليه السلفي والتكفيري وبشقيه السياسي والعسكري.

وعملية شراء تركيا لأنظمة دفاعية روسية تأتي في إطار التصديق على هذا التحالف كبادرة حسن النية تجاه الصديق الروسي، كذلك   يأتي اتفاق تركيا مع إيران ضمن تعزيز الجهد العسكري بينهما في سوريا والعراق، وبالطبع ضمن الأشراف الروسي في هذا الإطار، علماً بأنهما تدعمان إلى اليوم أطرافاً متحاربة في البلدين، يضاف إلى ذلك أن ثمة تعاوناً ثلاثياً وثيقاً بات قائماً بين تركيا وروسيا وإيران حول جملة من المسائل الحيوية؛ بينها مشاريع اقتصادية في سوريا ما بعد الحرب والتنقيب المشترك عن النفط في بحر قزوين، ودعم قطر الحليف الرابع المتهم بدعم الإرهاب.

ولكن يبقى الدافع الأقوى لانفتاح أردوغان على روسيا وإيران كما يفسره غالبية المحللين هو    منع تشكيل أي كيان ديمقراطي بجوارها خاصة وأن هذا الكيان السياسي الجغرافي تقوده القوى السياسية الكردية والغير كردية ضمن تحالفٍ تشاركي ديمقراطي غير خاضع لسلطة النظام التركي.

 لذا نشهد في المرحلة الأخيرة انعطافات حادة في السياسة التركية تجاه الأزمة السورية وتجاه حلفائها في الناتو.

 أردوغان في النهاية يسعى للعب في الوقت البدل الضائع إلى إقامة حلف سريع يتبنى استراتيجية جديدة ضمن سربٍ غير سربها التقليدي.

 ودائماً الهدف التركي هو نفسه، الحد من التطورات السياسي والميدانية المتقادمة في الشمال السوري المتحرر من الإرهاب.

بطبيعة الحال فإن الاتفاق الثلاثي الإيراني الروسي بشأن منطقة إدلب وشمالي غربي حلب يأتي في هذا الإطار، والهدف أيضاً والتحشد التركي الأخير على الحدود مع منطقة عفرين وإعزاز يأتي في إطار التدخل المباشر ضمن الاتفاقية الثلاثية بعد فشل تركيا السياسي والعسكري في تحويل وترغيب  جبهة النصرة ” تحرير الشام” إلى صف مجموعاتها المرتزقة وعدم قدرتها في المواجهة مع النصرة، والتي كانت ضمن سلة الدعم القطري التركي حتى وقتٍ قريب.

 لذا فالتواجد التركي في منطقة إدلب وشمالي غربي حلب تأتي ضمن خطة ” منطقة حظر تابع للدولة التركية وبالتالي فرض الحصار على عفرين والشهباء لا أكثر.

ووجودها في هذا التحالف تأتي لعرقلة جهود التحالف في ضرب أخوات داعش.

النتيجة، هناك شكوك كثيرة حول مدى إمكانية اردوغان في تثبيت موضع قدمٍ سياسي واقتصادي من تقاربه الأخير مع روسيا وإيران؛ في ضوء العلاقات التاريخية بين الطرفين، والتنافس بين تركيا السنية الإخوانية وإيران الشيعية ومشاريع روسيا العابرة للقارات وللحدود.

زر الذهاب إلى الأعلى