مقالات

     الدواعش: وبلاغة الارتداد، والانشقاق العقائدي عن الإسلام

xales-mesurخالص مسور

لاشك أن التاريخ الإسلامي يحفل بالعديد من الانتكاسات الفقهية والمذهبية المثيرة، كما يحفل بالعديد من الانتصارات المبينة على أصحاب النفسيات العنجهية بالفعل. ومن تلك الانتكاسات نذكر الردة القبائلية في شبه الجزيرة العربية مثوى الإسلام ومستقره في عهد الخليفة الراشدي الأول أبو بكر الصديق، حينما ارتدت بعد وفاة الرسول مباشرة قبائل غطفان، وجهلاء طيء، وبني أسد، وهوازن، وبني سليم…الخ.

وهؤلاء ممن لم يمكن الله لإسلام في قلوبهم بعد، وجاءالإرتداد لمنع دفع الزكاة، وقال المرتدون، إن الزكاة كنا ندفعها لرسول الله(ًص)، والآن وبعد وفاة الرسول(ص) فقد مات صاحب الزكاة فلن ندفعها لأحد بعده، ولماذا ندفعها أصلاً؟ غير أن بو بكر الصديق قال في ذلك قولته المشهورة:(والله لو أن الزكاة المستحقة عليهم لا تساوي أكثر من حبل ليف لقاتلتهم عليه حتى يؤدوه): وبالفعل قاتلهم الصديق قتالاً لا هوادة فيه حتى ثابوا إلى رشدهم، وبدأ الإسلام ينتشر بين الملل والنحل.

لكن الردة الثانية والتاريخية والتي باتت تشكل المنعطف التاريخي الحاسم والأخطر ليس على الإسلام فقط، بل على الشعوب الإسلامية أيضاَ، ألا وهي الردة الداعشوية عن الإسلام بشكل أدهى وأمر، وقد اعتبرنا أعمال الدواعش الذبح جهادية ردة مؤلمة في المسيرة العقائدية  الإسلامية وذلك لعدة أسباب منها:

1 – لأن في تصرفات الدواعش ما ينبي عن ارتداد صريح وواضح عن الثوابت الإسلامية والتوجه نحو دين مشتق عن الإسلام وإنما قائم على الكفر البواح والتكفير المنداح، لأنهم يقتلون المسلم الركع السجود والملحد العدمي ولايميزون بينهما في الجزاء والقتل.

2 – الذبح في مواقف لا تستحقه، وبخلاف حكم الله وآياته ومستوجبات الكفر بهذه الآيات علناً، يقول الرسول(ص) في الحديث الشريف(لا يحل دم امريء إلا لثلاث، الثيب الزاني، والقاتل العمد العمد، والتارك لدينه المفارق لجماعته)، وبخلاف هؤلاء لا يستوجب الذبح أو سفك دم مسلم، ولماذا يقتلون المسلمين بهذه السفالة إذاً، وهم معصوموا الدماء من الله ورسوله؟ وقد يأتينا الجواب بأن سبب هذا الأمرهوالانشقاق عن الدين الاسلامي، وبدعة جديدة، وسنة سيئة، وخروج عن دين الله والإشهار بمذهب جديد هو مذهب “التدعيش” سببه فتاوى المصري(سيد قطب) منظر الجهاد الأصغر والتكفير، والذي يرى بأن المجتمع الإسلامي وغير الإسلامي كله فاسق وكافر، وحتى إذا كان هناك مصلون فإنهم لايعلمون ما يقولون، أويرددونها كالببغاء ولا يتدبرون، ولهذا أهدر سيد قطب دماء المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية، وعليه يجب إعادة الكفرة والمرتدين بالسيف إلى حظيرة الدولة الإسلامية.

3 – الجهاد عن طريق الانتحار، وهذه بدعة سيئة تخرج المؤمن بها والممارس لها عن الإسلام مهما كانت الأسباب والمبررات، وتحت حجج جواز قتل المسلم البريء إذا كان قتلهم يؤدي إلى الوصول إلى الكفار ونحن في حالة حرب معهم، أي يجوز قتل المسلمين للوصول إلى المتحصنين وراءهم كدروع بشرية، وهذا الأمر لا يقره الإسلام إلا في حالات استثنائية وعند الضرورة القصوى، أما تفجير النفس وسط جموع الأبرياء والانتحار ليتردى صاحبه من حالق، وحالة جواز قتل المسلمين والناس الأبرياء على الأفران وفي بيوتهم وأماكن عملهم، فهذا مما لا يقره الإسلام مطلقاً، بل ليس جزاء من يفعل ذلك إلا جهنم خالداً فيها، وبذلك يبرهن قتل الأبرياء مسلمين وغير مسلمين أنصع مادة للإرتداد الداعشوي العقائدي عن الإسلام، لتصبح هذه العقيدة شرعة للمنشقين عن الإسلام ومنهاجا. وكما قال إمام الحرمين الشريفين في خطبة عيد الفطر السعيد:(والله أن الدواعش لا علاقة لهم بالدين، إنهم يقتلون المسلمين الركع السجود) وهذا والله هو الارتداد بعينه.

زر الذهاب إلى الأعلى