مقالات

الحياة بدلالات مختلفة

وسائل تلقِّي وانتقال المعلومات باتت في متناول كل يد والأخبار أصبحت سهلة الوصول؛ بسبب تطور وسائل الإعلام وشبكات التواصل وغيرها، وهذا ما وضع الكثير من المجتمعات في دائرة التفاعل مع المجتمعات الأخرى من جهة ودفعت بهذه المجتمعات نحو تغيير أنماط تفكيرها من جهة أخرى، وبطبيعة الحال انعكست هذه التغيرات على جوانب الحياة المختلفة (السياسية والاجتماعية والثقافية)، وفي كل مجتمع من الطبيعي أن تظهر صراعات وتناقضات بين فئات اجتماعية وسياسية مختلفة، وهذا أيضاَ ينعكس على القيم والفكر الذي تتبناه الفئات الاجتماعية والسياسية.

يمكن القول أنه صراع فكري بالدرجة الأولى بمعنى آخر صراع بين قوى تقليدية وقوى أخرى تريد التحرر والتطور وتتطلع نحو مستقبل أكثر إشراقاَ.

فما نشهده اليوم في منطقتنا يشبه إلى حد بعيد ما ذكرناه آنفاَ، وأنا شخصياَ أعوِّل على ذلك كون الفترة الحالية التي نمر بها تمثل المراحل الأولى لجني ثمار تحول المجتمع من مجتمع بسيط إلى مجتمع أكثر إشراقاً يواكب التطور والحداثة مع أنه مجتمع أكثر تعقيداَ وتنوعاَ وأكثر انفتاحاَ وهنا تكمن الفروقات بين الفئات السياسية والاجتماعية وحتى الثقافية حيث يحاول البعض الحفاظ على القيم والمفاهيم السابقة ويرفض ما هو جديد، ساعين للعودة إلى الماضي عبر رفض أشكال التطور والحياة المعاصرة، وطبعاَ هناك أطراف متنفذة تدعمها وإن كانت لا تنتمي إليها لأنها مستفيدة من بقاء الأوضاع كما هي عليه لأنها توضع تحت خدمة مصالحها وبالتالي يسعون إلى إعاقة دمقرطة المجتمع.

بينما الآخرون يسيرون بموجب ما تطلبه طبيعة المرحلة والعصر الذي نعيشه ويتمددون نحو التغيير والأفضل عبر بناء مجتمع عصري أساسه الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وبناء المؤسسات الشعبية التي تكفل للمواطن الحريات العامة ويكون فيها الوطن للجميع من خلال الفكاك من بعض القيم التي لا تتلاءم مع طبيعة التطور العصري، وكذلك العمل على تحرير المرأة وانخراطها في المجتمع لتلعب الدور المنوط بها بشكل كامل, ويكون للشباب فيه أيضاً دوراً ريادياً.

هذه هي الأطر العامة للصراع السياسي والفكري والاجتماعي بين القوى والفئات السياسية والاجتماعية في مجتمعاتنا، ولكن المهم أن تطوراَ وتحولاَ ما قد حصل ويحصل في مجتمعاتنا.

ها هي السنوات تنطوي والإصرار على الاستمرارية في ذروته، إصرار على الاستمرار مع إصرار استيعاب الكل الوطني، وفرصةً حقيقية ليؤدي  الكل دوره في خدمة مجتمعه مهما كانت خلفيته الإيديولوجية أو السياسية أو الفصائلية؛ إنه مضمار جديد يبعث الأمل في النفوس.

إذاً نحن بحاجة ماسة اليوم إلى زرع ثقافة التوافق والانسجام لتجتمع الألسن ولتتناغم, ولنبدأ من القلوب لأنها إذا تطهرت وتزكت أثمرت ثمار التوافق والمحبة والوعي بالاتفاق على رأي موحد تحقيقاً لمفهوم المجتمع الديمقراطي.

ذاك المجتمع الذي نسعى لأن يكون نموذجاً فريداً للحالة الشعبوية الممزوجة بالنخبوية الفاعلة؛ شعبوية تفرد جناحيها لتصل لكل بقعة، ونخبويّة تستوعب كلّ مبدعٍ توّاق للحرية والعدالة الاجتماعية.

زر الذهاب إلى الأعلى