المجتمع

الحلم الوردي … قصةُ لاجىء

penabir-%e2%80%ab1%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac penabir-%e2%80%ab1%e2%80%ac penabir-%e2%80%ab29732745%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac penabir-%e2%80%ab29732746%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%acكانت أحداثُ الأزمة السورية وأسلمتها كفيلةٌ بتشردِ وتهجيرِ الملايينِ من أبناءِ سوريا لدول الجوار وأوروبا، ومن بينِ هؤلاءِ النازحين من كانِ أكثرِ حظاً، فقد تجاوزَ البحرَ من تركيا إلى اليونان على متن البنم (القارب المطاطي الانتحاري) وصولاً إلى النقطةِ الثانيةِ في رحلتهِ إلى مستقبله الوردي كما يظنُ هوَ، ولكن هو لا يعلم أن حظه كان جيداً فقط مقابلَ من فقدَ حياتهُ قبلَ الوصولِ إلى نقطته.

فبعدَ أن يأخذَ منهُ سماسرةُ البشرِ ما بقيَ في جعبتهِ من المال مقابلَ إيصالهِ إلى اليونان تبدأُ حياةُ البؤسِ والشقاء، حياةُ القهرِ والذلِ والنكدِ وفَقَدِ الكرامةِ والإذلال والاضطهاد.

 الكثيرُ من القراءِ الأعزاء لهذا التقرير سيقولون أنهُ كلامٌ مبالغٌ فيه ! وسيقولُ البعض أنَّ لا أساسَ لهُ من الصحة، لكلٍّ منّا حريةُ إبداءِ الرأي فيما يقرأ، وهذه إحدى القصص الواقعية التي جرت أحداثها على أرض الواقع مع أحد الأصدقاء ولكم تفاصيلَ ما جرى معه.

في هنغاريا أكثر من ستة أشهر أو ما يقاربُ السنةَ تقريباً أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ على الحدود الهنغارية في الغابات الاستوائية بسببِ عدمِ سماحِ (الحكومة الهنغارية ) بدخولهم لأراضيها، ومن ناحيةٍ أخرى عدم تدخل الدول الأوروبية بشأن وضعِ اللاجئين وتدبير الاحتياجات اللازمة لهم، ووضعهم في أماكن لحمايتهم، مما أدى ذلكَ إلى ظهورِ عددٍ كبيرٍ من حالات الوفاة بسبب الأمراض والبرد القارص وقلة وسوء التغذية، وبالرغمِ من ذلك لم يتدخل أيُّ طرفٍ للحيلولةِ دونَ تكرارِ واستمرارِ تلكَ المعاناة.

ومن ناحيةِ طريقِ السفر فمن كان يحاولُ الدخولَ من دولة صربيا إلى دولة هنغاريا ( يسيرون يومين أو ثلاثة أيام في البرد) وفور دخولهم الأراضي الهنغارية لا يجدونَ أيةَ مأوى أو ملجىء، ولا من يعتني بمأكلهم ومشربهم، ويصرفونَ مما يحتفظون به مما تبقى من أموالهم (هذا في حال كان يملك المال) ولا يجدون مكاناً يأويهم للنوم والاستراحة، فيصنعونَ خياماً مما يتوفر في حقائبهم السفرية كسجادٍ خفيفٍ أو أكياس.

الحكومة الهنغارية التي كانت تعتني بأغلبية اللاجئين القدماء (الذين سلكوا نفس الطريق وعانوا نفس المعاناة) تُقَدِّمُ لهم المعلبات التي تُقَدَّمُ كوجباتٍ للكلابِ هناك، وهنا لعبت الملاحظةُ والمتابعةُ دورها، فقد كانوا يقومون بإزالة الورقة أو الشريط اللاصق عن العلبةِ للتأكدِ من عدمِ معرفةِ اللاجىء نوع الطعام الذي يُقدمُ لهم وصلاحيته من عدمه، كما أن أغلبيتهم وبنسبة 90% يعيشون في الغابات المتاخمة لأطراف المدينة، والباقي يأخذون الملاعب الرياضية كمأوى لهم، ومن يحاول الفرار من هنغاريا لا يسمحونَ لهم بالخروج، ويلجؤون إلى العنف الجسدي والضرب المبرح، يحاولون إجبارهم على البصمة للذّكر (هناك نوعان من البصمة- الجنائية ، وبصمة الخروج ) وباعتبارِ إن العديدَ من الدول الأوروبية منها (سويسرا، السويد، النمسا، ألمانيا) وغيرهم من الدول أخذوا كفايتهم من اللاجئين، لذلك تقوم بطردهم وتجبرهم على العودةِ إلى الأراضي الهنغارية، وفي هذه الحالة الحكومة الهنغارية تقوم بإجبارهم على البصمة، ولكن من نوعٍ آخر واسمها (ورقة طرد)، يتم بموجبها قبض الأموال من مفوضية اللاجئين العليا  تحت اسمائهم لحين يتم تسفيرهم.

 وعلى الصعيدِ الدوليِ وحقوقِ الإنسان يقوم بان غي مون بالتعبير عن قلقه دون أدنى مساعدة تذكر، الشعور بالقلق لا يكفي، هنا يقول أحد اللاجئين:” لا تشعروا بالقلق!! إنما اشعروا بمعاناة الشعب السوري وغيرهم من الشعوب الأخرى (سوريين – صربيين- صوماليين – بلغاريين – سودانيين – عراقيين …. الخ) كلهم أصبحوا في مأساة حقيقية ويرد على نفسه “لا حول ولا قوة لنا”.

 كلُّ هذا الذل وكلُّ هذهِ المعاناة وكل هذه الأساليب القذرة وبغرض تغطيتها تلجأ الحكومة البلغارية إلى عدم السماحِ للإعلام العالمي والعربي بالدخول إلى أماكن إقامتهم، والكشفِ واللقاءِ معهم بغية نقل حالهم ومعاناتهم بالتالي الكشفِ عن الانتهاكِ الصارخِ لحقوقِ الإنسان، وفضح الدول الأوربية وسياستها أتجاه اللاجئين من كل الجنسيات، سياستها التي ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية.

أفين يوسف

زر الذهاب إلى الأعلى