مقالات

الحرب العالمية الثالثة تدخل مرحلة جديدة

كل الأحداث والتطورات تشير إلى أن الحرب العالمية الثالثة مستمرة وتتعمق وتتوسع بشكل واضح أكثر من السابق، حيث أنه في السابق كانت الدول تقوم بالحرب بالوكالة من خلال تقديم الدعم والمساندة للقوى المرتبطة بها، ولكن هذا الأمر وصل إلى نهايته ولم يعد يفي بالغرض بالنسبة للدول الموجودة في ساحة الصراع الأساسية أي الشرق الأوسط وخاصة سوريا، لذلك نرى هذه الدول  رجحت أن تخوض غمار الحرب بقوتها المباشرة.

فالنتائج التي تمخضت عنها الحرب ضد داعش وخاصة إنهاء سيطرته الجغرافية على الأرض، دفعت تركيا للتدخل المباشر وخاصة في سوريا وقد بدأ الأمر حتى قبل القضاء على داعش من خلال احتلال عفرين وقبلها جرابلس والباب وتهديد منبج بهدف منع القضاء على داعش أولاً، ولمنع وصول منبج مع عفرين وتطوير النظام الديمقراطي في عموم شمال وشرق سوريا، ومؤخراً قيامها بالهجوم على سري كانية وتل أبيض تظهر لنا الكثير مِن الحقائق.

فالقضايا العالقة في الشرق الأوسط بحاجة إلى حلول جذرية، ولكن لا النظام الرأسمالي ولا الأنظمة القومية الحاكمة قادرة على إيجاد حلول تتوافق مع تطلعات الشعوب، وفي خضم التناقضات والصراعات الدائرة بقدر ظهور فرص كبيرة أمام الشعوب لتحقيق طموحاتها إلا أنه أيضاً بسبب التدخلات الخارجية سواء الإقليمية أو العالمية نرى ظهور تنظيمات متطرفة أمثال داعش وجبهة النصرة وغيرها. ولكن رغم ظهور مثل هذه التنظيمات إلا أن إرادة الشعوب الحرة لا تستسلم وتستمر في النضال والصراع من أجل تحقيق مستقبل أفضل وفق طموحاتها.

من هذا المنطلق نرى أن الدول أصبحت تتدخل بشكل مباشر، وخاصة تركيا لأنها تريد تحقيق مشروعها العثماني ومن خلاله القضاء على آمال الشعوب في تحقيق نظام حر وديمقراطي، وانها تريد تحقيق نتائج سريعة من خلال تدخلها المباشر في الحرب وخاصة في سوريا وقد توسعت رقعة التدخل لتشمل ليبيا وبشكل علني، مما أدى لزيادة حدَّة التناقضات والصراعات في المنطقة.

وعلينا أن نعلم أن الجميع يخوضون الحرب والصراع في الشرق الأوسط من أجل مصالحهم، كل من روسيا وأمريكا تعملان من أجل مصالحهما، وتركيا ترى مصالحها في اللعب على التوازن ما بين القوتين وتستفيد من الخلافات الموجودة بينهما، ولكن مع تزايد التناقضات والصراعات في المنطقة أيضاً ستضيق مساحة الفائدة التركية من اللعب على هذه التوازنات. والفاشية الحاكمة في تركيا خلقت لها أعداء كثر في المنطقة من خلال سعيها لتحقيق أطماعها وكل ما تقوم به تؤثر بشكل مباشر على المنطقة العربية وأوروبا، وأيضاً ظهرت تناقضات كثيرة بينها وبين بلدان الناتو وخاصة موضوع شراء منظومة اس ٤٠٠ الروسية.

ومع تزايد حدة الصراع بين أمريكا وإسرائيل من جانب وإيران من جانب آخر، يظهر أن الأزمة في الشرق الأوسط ستتعمق أكثر وهذا يؤكد أن الحرب العالمية الثالثة دخلت مرحلة جديدة وتدور رحاها في المنطقة بشكل مباشر، وعلينا عدم توقع حلول سريعة في هذه الظروف ولكننا جزء مهم من الحل وهذا يعتمد على مدى قدرتنا على تمثيل إرادة شعبنا وتطبيق البديل الديمقراطي والدفاع عنه.

زر الذهاب إلى الأعلى