مقالات

الثّورةُ اللحظيّة عند المرأة

image-%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%acإنّ المرأةَ الشرق أوسطيّة تعيشُ في حالةٍ من انعدام الهويّة الذاتيّة، فهي في حياتها المُعاشة كلَّ يومٍ وبكلّ موقف وبكلّ مجال تحتاجُ إلى شرعيّة لتحرّكاتها وتحقيق إرادتها والوصول إلى ما تبتغي إليه.

فلم تكُن القوانينُ المتواجدةُ في الشرق الأوسط كافيةً لتجعلَ من المرأةِ إنسانةً لها هويّتها وإرادتها الحُرّة ومصداقيّتها وكينونتها، فنجدُ العديدَ من هذه القوانين لا تخلو من زاويةٍ أو بندٍ أو مادّةٍ تنصُّ على قوانينَ تُشرعنُ السُّلطة للرجُل بشكلٍ مُباشرٍ أو غير مُباشرٍ، ونرى بمُقتضى هذه القوانين،  المرأةَ مُقيّدةً بأحكامٍ ودساتيرَ تحولُ دونَ التعبيرِ عن كينونتها، فكلّ القوانين المُتواجدة في الشرق الأوسط تمتدُّ بجذورها إلى الشريعة الإسلاميّة أو الأعراف والعادات الاجتماعيّة التي اكتنفَها التشويهُ، رغمَ أنّ القوانينَ الإسلاميّة في وقتٍ من الأوقات كانتْ تخدمُ الحياةَ الاجتماعيّة ولا سيّما قضيّة المرأة، لكن مع مرور الوقت والزمن لم تعُد كافيةً لتلبيةِ مُتطلّبات واحتياجات التطوّر الحاصل في المُجتمع، فكما أنّ القوانينَ والأنظمةَ الدوليّة كلّ مئةِ عامٍ بحاجةٍ إلى التغيير والتجديد بما يتلاءمُ مع تطوّر عجلة العِلم والحياة، فكذلكَ إنّ القوانينَ الحاكمة على المرأة الشرق أوسطيّة لم تعُد كافيةً لديمومة حياتها وفقَ روح العصر.

وبما أنّ القوانينَ والأديانَ غيرُ قادرةٍ على تلبية بناء إرادة المرأة الحُرّة، فنجدُ أنّ القوانينَ المُتعلّقةَ بالمرأة التي ظهرتْ في روج آفا في الشّمال السوريّ استطاعتْ إلى حدٍّ كبيرٍ تطبيق مبدأ المُساواة بين الرجُل والمرأة في الحقوق السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة… إلى آخره.

ولرُبّما هي سابقةٌ نوعيّةٌ في هذا المُجتمع الذي هو جزءٌ من ذاكَ النسيجِ المُجتمعي الشرق أوسطي، لذلكَ نجدُ هذه القوانينَ تُلاقي صُعوبةً كبيرةً في آليّة تطبيقها على أرض الواقعِ. وأنا أرى أنّ المسؤوليّةَ الكُبرى تقعُ على عاتقِ المرأة بمُختلفِ جنسيّاتها من الكُرديّة إلى العربيّة والسريانية والآشورية…إلخ.

ذلكَ أنّ المرأةَ رغمَ قطعها أشواطاً مُتقدّمةً في هذا المجال، ولكن هذا التطوّر غيرُ كافٍ، ولا يُمثّلُ جميعَ شرائح المُجتمعِ، والمرأةُ بحاجةٍ إلى ثورةٍ لحظيّة دائمة بكلّ تفاصيل حياتها، والمُهمّة الأولى المُلقاة على عاتقها هو أنّها يجبُ أن تُبدعَ في تطوير نفسِها من الناحية العلميّة والفكريّة والاقتصاديّة والفلسفيّة والسياسيّة وفي جميع مجالات الحياة، حتى تمتلكَ سلاحَ العلم والمعرفة والفكر والاقتصاد الحُرّ في مواجهة الأخطبوط الذي يُحيطُ بها من كلّ الجوانب.

إنّ تقدُّمَ المرأةَ الفكريّ تحديداً هو طريقُ حُريّتها ووجودها، وأيّ تحرُّكٍ آخرَ خارجَ هذا الإطار هو دمارٌ للمرأة، لأنّها ستكونُ رهنَ إرادة الآخرين لا رهن إرادتها، وباسمِ الجَمالِ ستكونُ مُعرّضةً للتشويهِ، وباسم الحريّة ستكونُ عبدةً، وتحتَ كلّ هذه المُسميّات الجميلة ستكونُ مُعرّضةً للاستغلالِ والعبَث والاستهتار والعُبوديّة.

فعليكِ أيتها المرأةُ الفاضلةُ بالعلم والتطوّر في كلّ لحظةٍ من حياتكِ، حتى تستطيعي التنعُّمَ بحياةٍ رغيدةٍ تؤمّن التطوّر والاستقرار في الغائلة التي هي الحجر الأساس في تطوّر المجتمع.

نوروز جزير

زر الذهاب إلى الأعلى