الأخبارمانشيت

الثقة تتنامى بين الكرد والعرب في الشمال السوري

تنامي الثقة بين الكرد والعرب أصبح واضحاً بانضمام العديد من العرب إلى مشروع الإدارة الجديدة في المناطق العربية المحررة من «داعش». ويعمل المدراء التنفيذيون في المجالس المدنية في الرقة والطبقة وعين عيسى ودير الزور لتغيير المجتمع القديم إلى مجتمع جديد أكثر انفتاحاً على الآخر.

بالمقابل، لا يزال خصوم الإدارة الجديدة في شمال سورية (تركيا، إيران، النظام) يلعبون على الطائفية، فهناك دعاية كبيرة لتقسيم الكرد والعرب من خلال تقديم الإدارة الذاتية على أنها مشروع للهيمنة الكردية على العرب، وأنه مشروع انفصالي، وتحاول إيران وتركيا تمويل شيوخ العشائر العربية لدفعهم ضد الكرد.

من روجافا إلى الرقة

في الإدارة الذاتية يتم توظيف وتجنيد الأجيال الجديدة فقط من قبل الإدارة المدنية ومؤسسات الشرطة (الهيئات المدنية، الأسايش، قوات الأمن الداخلي الرقة) بالإضافة إلى قوات سورية الديموقراطية؛ وهذا الجيل الجديد من المكون العربي ليس له اتصال مع مؤسسات النظام السوري. ويختلف عن الجيل القديم الذي يهتم دوماً بالارتباط مع دمشق التي تدفع له الأجور والمعاشات وتوزع المناصب الإدارية الرمزية الخ… يذكر هنا أن الأجور التي تقدمها الإدارة الذاتية هي ثلاثة أضعاف أجور دمشق للموظفين وتعتبر رواتب الإدارة الذاتية الأعلى في سورية (تبدأ من ٦٠ ألف ليرة سورية لتصل إلى ١١٥ ألف ليرة سورية بما يعادل مئتي دولار شهرياً) بالإضافة إلى رخص أسعار المواد الغذائية والمحروقات. حيث تعاني مناطق النظام من ارتفاع حاد في أسعار السلع والمحروقات، فيما تعتبر المناطق التي يتواجد فيها الكرد وقوات سورية الديمقراطية هي الأكثر أمناً نسبياً من المناطق التي يسيطر عليها النظام أو المعارضة.

يقول “حكمت حبيب” أحد أعيان قبيلة طي من مدينة القحطانية عضو في الهيئة الرئاسية لمجلس سورية الديمقراطية، إن موقف العرب تغير منذ بداية الحرب. «نحن مع هذا التحالف مع الكرد. نحن بحاجة إلى مشروع حتى نتمكن من العيش معاً والتغلب على التوترات لدينا»، تم استبعاد الكرد من الحياة السياسة خلال أربعين عاماً تحت حكم البعث؛ من الطبيعي أن يشاركوا في إنشاء مشروع جديد. لكن هذا يجب ألا يتم في منطق الانتقام، أو الاستحواذ على السلطة بشكل مطلق».

مول النظام وإيران عبر جمعية «بستان» (رامي مخلوف) الميليشيات القبلية («المقنعين») وميليشيات الدفاع الوطني و «جرت محاولات لتشييع رجال القبائل العربية من عام 2012». ولم تنجح تلك الاستراتيجية في جذب العشائر العربية إلى الحضن الإيراني.

وعلى سبيل المثال، محمد الفارس (زعيم القبيلة طي) الذي يعيش بين دمشق والقامشلي، في المنطقة الآمنة للنظام. لا يزال لديه بعض المؤيدين، لكنه معزول اليوم. كان كثيرون يراهنون على عودة النظام السوري. ولكن حتى الآن، انضم معظم أبناء العشائر العربية إلى قوات سورية الديمقراطية (قسد).

لقد اختلفت موازين القوى السابقة. أصبح النظام السوري ضعيفاً ويعتمد فقط على الدعم المادي الإيراني والميليشيات الشيعية غير المرغوبة في المناطق العشائرية السنية، وفشلت إيران بجذب العشائر العربية إليها، ناهيك عن تأثر تلك العشائر السنية في الجزيرة والرقة ودير الزور بما حدث لإخوانهم في العراق وما يحدث من توغل النظام في الحضن الإيراني.

مع تخوف العشائر من توغل الميليشيات الشيعية في غرب الفرات، بدأت بوادر نزوح أولية تظهر من الطرف الآخر الواقع تحت سيطرة النظام إلا أنها عملياً تحت سيطرة الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً. أحد النازحين في مخيم عين عيسى يصف الوضع بالسيئ جداً. لا أحد من النازحين يود العودة إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام وذلك بسبب فقدان الأمن بسبب الميليشيات الشيعية التي تسيطر على المناطق غرب الفرات حيث يتعرض المواطنون لسوء المعاملة وقلة الموارد وبدأت موجة نزوح داخلية في مدينة دير الزور من غرب المدينة إلى شرقها إلى مناطق سيطرة قوات «قسد» تحت حماية قوات التحالف.

في الرقة وعلى رغم عودة أكثر من مئة ألف من الأهالي إلى المدينة إلى أن الغالبية ما زالت خارجها.

ولا يخفي المجلس المدني الديمقراطي مخاوفه من تداعيات سقوط عفرين تحت الاحتلال التركي، بالإضافة إلى وضع مدينة منبج: «هل سيبقى التحالف معنا؟ هل سيتبادلون معنا كما في عفرين ومنبج؟».

العودة إلى النظام ليست خياراً لأنه «يعتمد على الميليشيات الشيعية». ويؤكد معظم زعماء القبائل العربية أن الخيار الأفضل هو البقاء تحت حماية قوات التحالف».

ويشير الشيخ محمد نور الذياب من عشيرة البريج قبيلة العفادلة، إلى أن جميع أبناء القبائل شاركوا في تحرير الرقة، أما الشيخ محمد البوحبال من عشيرة العفادلة قبيلة البوشعبان (الحمرات) وهو عضو في الهيئة الرئاسية لمجلس تشريع الرقة فيعترف بسوء التنظيم «نحن منظمون في شكل سيء على عكس الكرد». «نحن نستفيد من هذا النظام الديمقراطي الاتحادي». «الكرد فكروا في الأمر بشكل جيد». «نحن نريد فقط أن نكون ممثلين لمدينة الرقة». «الكرد لا يصرون على الكردية… لم يفرضوا علينا مشروعاً وطنياً. وينعكس هذا في اسم مشروعنا: اتحاد شمال سورية.» بالطبع ليس من السهل فهم هذا المشروع الجديد بعد 50 عاماً من الديكتاتورية حيث كان حزب البعث يقرر كل شيء. الآن الأمر متروك لنا لاتخاذ القرارات». «لا يزال يتعين علينا العمل للتغلب على انعدام الثقة لدى البعض تجاه الكرد والخوف من المشروع القومي الكردي».

وعلى رغم نشاط منظمات دولية غير حكومية في الرقة إلا أن العمل غير منظم ويشتكي المجلس من عدم نجاعة عمل تلك المنظمات على الأرض. ويتأسف فارس حوران المهيد من قبيلة عنزة وهو رئيس مكتب الصلح الاجتماعي في الرقة، من غياب المنظمات الإغاثية العربية وبخاصة الخليجية منها.

زر الذهاب إلى الأعلى