الأخبارمانشيت

التّقارب السّوري – السّوري هل يوحي بسوريا المنشودة؟

مع تسارع وتيرة الأحداث في سوريا، وتساقط حصون معارضة الأمر الواقع واحدةً تلو الأخرى، وظهور الدلائل على توافق المجتمع الدّولي بديمومة نظام بشار الأسد على سدّة الحكم في سوريا، وبعد سيطرة الجّيش السّوري على درعا الّتي انطلقت منها شرارة الثّورة السّوريّة، ولأن مجلس سوريا الدّيمقراطيّة الّذي يمثّل كافّة الإدارات الذّاتيّة في شمال وشرق سوريا برهن على وطنيّة وملائمة مشروعه المطروح للوصول بسوريا إلى برّ الأمان، لم يجد النّظام السّوري سبيلاً إلّا فتح باب التّفاوض مع هذه المظلّة السّياسيّة الشاملة لحوالي 30% من الأرض السّوريّة والشّعب السوري.

في نهاية شهر تمّوز وبدعوةٍ من الحكومة السّوريّة توجّه وفدٌ من مجلس سوريا الدّيمقراطيّة إلى دمشق للجلوس مع ممثّلين عن النّظام السوري وذلك لتقريب وجهات النّظر وكسب الثّقة لفتح باب المفاوضات، مع التّمسك بالثّوابت الّتي أقرّتها شعوب شمال وشرق سوريا، ولاقت هذه الخطوة ترحيباً شعبيّاً، في حين حاول المعادون لمشروع الشّمال السّوري عبر تصريحاتهم تصوير هذه الخطوة على إنّها استسلام للنّظام، فما الّذي جرى؟

عضو مجلس الشّعب السّوري (عمر أوسي) صرّح ل (كوردستان 24) بأنّ الحكومة السّورية موافقةٌ على اللامركزيّة الإداريّة في سوريا.

وأشار إلى أنّ وفد شمال شرق سوريا التقى خلال زيارته مع الشّخصية الأمنيّة المعروفة اللواء (علي مملوك) رئيس الأمن الوطني.

ووصف أوسي اللقاء بالإيجابيّ مؤكّداً على وجود سلسلة لقاءاتٍ لحلّ كافّة القضايا عبر تشكيل لجانٍ من الحكومة ومجلس سوريا الدّيمقراطيّة.

وأضاف أوسي أن دمشق تنوي تفعيل المادة 107 من الدّستور السّوري، وهي شكلٌ من أشكال اللامركزية الإداريّة، وسيكون هناك اعترافٌ دستوريٌّ بالثّقافة والّلغة الكرديّة.

كما قال مندوب سوريا الدّائم لدى الأمم المتّحدة (بشار الجعفري) لكوردستان 24: الّلقاء كان وطنيّاً وإيجابيّاً، فالكرد السّوريّون لهم حقوق كافّة السّوريّين وعليهم نفس الواجبات.

أمّا (إلهام أحمد) رئيسة وفد شمال شرق سوريا للتفاوض الّذي زار دمشق فقد قالت:

 معظم المسائل الّتي طُرحت في الّلقاء الأول سيتمّ مناقشتها في مراحل مقبلة، وغالبيّتها تتعلّق بالحكم في مناطق الإدارة الذاتيّة، وحقوق القوميّات وخاصّة حقوق الشّعب الكردي في سوريا.

وأشار (سنحريب برصوم) الرّئيس المشترك لحزب الاتّحاد السّرياني (وهو أحد أحزاب مجلس سوريا الدّيمقراطيّة) في مداخلةٍ لموقع راديو (روزنة) إلى أنّ التّفاوض مع دمشق هو خيارٌ إيجابيٌ من حيث المبدأ، وقال: دائماً كنّا مع الحوار والحلّ السّياسي، وكنّا دائماً نطالب الأمم المتّحدة بالانضمام إلى مفاوضات جنيف، ولكن كان الفيتو التّركي دائماً بالمرصاد، وأعتقد أنّ التّفاوض مع دمشق وبرعايةٍ دوليّةٍ هو خطوةٌ إيجابيّةٌ نحو تحقيق السّلام في سوريا، وتجنب حروبٍ جديدةٍ ليست لمصلحة الشّعب السّوري.

وأكّد (برصوم) أنّ مجلس سوريا الدّيمقراطيّة يتضمّن أغلب أحزاب الشّمال السّوري، وتجمّعاتٍ وشخصيّاتٍ سوريّةٍ من مناطق أخرى، أي أنّه مجلسٌ يشكّل مظلّةً سياسيّةً لكلّ الأطراف المشاركة فيه، والآن وبعد مؤتمره أصبح مجلس سوريا الدّيمقراطيّة مظلّةً سياسيّةً وعسكريّةً وإداريّةً لجغرافيا محدّدة من الأرض السّوريّة، وهذا الشّيء يقوّي موقفه مع أيّ طرف يتفاوض معه.

وبدوره قال عضو الهيئة الرّئاسيّة لمجلس سوريا الدّيمقراطية (حكمت حبيب) في تصريحاتٍ صحفيّةٍ سابقةٍ بأنّ أحد أهداف مؤتمر مجلس سوريا الدّيمقراطيّة كان تشكيل منصّةٍ للتّفاوض مع دمشق تمثّل كافّة مناطق الإدارة الذّاتيّة ومناطق سيطرة قوّات سوريا الدّيمقراطية بما فيها الرقة وديرالزور ومنبج.

وصرّح رئيس حزب سوريا المستقبل (ابراهيم القفطان) والّذي كان ضمن الوفد الّذي زار دمشق في حديثٍ خاصٍّ لشبكة آسو الإخباريّة، بأنّ النّقاش تركّز على مشروع الإدارة الذّاتيّة المتّبع في مناطق روج آفا/ شمال سوريا، إضافةً لنقاش القانون 107 لعام 2012 للنّظام السّوري.

 قفطان ورداً على سؤال آخر حول سبب وجود طرفين فقط في المباحثات من دون وجود أطرافٍ سوريّةٍ أخرى أجاب:

 إن مسد يُعتبر قوّةً موجودةً على الأرض، ولديه قوّةٌ عسكريّةٌ حرّرت مساحاتٍ واسعةٍ في سوريا من داعش، بعكس المعارضات الأخرى الّتي ليس لديها وجود على الأرض.

واعتبر القفطان أنّ الّلقاء مع النظام لن يتوقّف على تحديد شكل الحكم في الشّمال السوري فقط، بل سيكون هناك اتّفاقٌ على شكل الحكم في سوريا ككلٍّ، فمثلًا: لو اتّفق الطّرفان على نظام الإدارات الذاتيّة فهذا سيشمل كلّ المناطق بسوريا، وهذا يشير إلى إمكانيّة أن يمتدّ هذا التّوافق مع أطرافٍ سوريّةٍ أخرى

كما أشار القفطان إلى وجود توافقٍ دوليٍّ بين الدّول الرّاعية للمسألة السّوريّة بضرورة توافق السّوريّين لحلّ مشاكلهم العالقة.

هذه التّصريحات تعطي مؤشّراتٍ على وجود ضوءٍ أخضر دولي لهذا التّفاوض، خصوصاً وأنّ سوريا تعتبر ميدان تنافسٌ للقوتين العظميّين أمريكا وروسيا، وبدون توافق فيما بينهما لن تحصل هكذا خطوات، وهذا ما يؤكّده تصريح (رياض درار) الرّئيس المشترك لمجلس سوريا الدّيمقراطيّة، حيث قال:

إنّ دعم التّحالف الدّولي مستمرٌّ لمجلس سوريا الدّيمقراطيّة وقوّات سوريا الدّيمقراطيّة.

 مؤكّدًا أنّ هناك رغبةٌ دوليّةٌ في الوصول لحلّ سياسيٍّ، وإنهاء الصّراع في سوريا.

أمّا عن هذه الخطوة الّتي اتّبعها النّظام في ظلّ تشبّثه بعدم الاعتراف بأي طرفٍ كشريكٍ له في سوريا، أوضح (شاهوز حسن) الرّئيس المشترك لحزب الاتّحاد الديمقراطي PYD في مقالةٍ له نُشرت على صحيفة الاتّحاد الديمقراطي، حيث قال فيها:

النّظام أُرغم على الحوار مع مجلس سويا الدّيمقراطية لكسب بعض الوقت أو لأسبابٍ أخرى، فالنّظام لم يُقدِم على إجراء أيّة تغييراتٍ على السّاحتين السّياسيّة والاجتماعيّة، ويماطل في تفعيل حوارٍ جدّي، ويعجز عن القبول بسوريا جديدة تُمثّل فيها المكوّنات السّوريّة بشكلٍ عادلٍ ومتوازنٍ.

وأكّد حسن على أنه لو توجّهت دمشق إلى حوارٍ فعليٍّ يضمن حقوقنا ومكتسباتنا كمكوّنات شمال سوريا، فسيكون ذلك محلّ ترحيبٍ لدينا.

في ظلّ هذه المتغيّرات على السّاحة السّوريّة تبرز أسئلةٌ مهمّةٌ:

ما مصير عفرين المحتلّة؟

ما مصير أذناب الاحتلال التّركي من فصائل درع الفرات وغصن الزّيتون؟

إلى أين تتّجه الأمور في إدلب؟

هل سيرضى الشّعب السّوري الّذي لم يرضخ للاحتلال العثماني والفرنسي تاريخيّاً بالاحتلال الأردوغاني للأراضي السّوريّة؟

إعداد: عامر طحلو

زر الذهاب إلى الأعلى