مقالات

التكاتف الوطني

بدران حمو

بعد الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط  والتي أستمرت أكثر من أربعة قرون، حيث المجازر وتتريك المنطقة ومحو هوية كل الشعوب والأمم في المناطق التي تسيطر عليها وبعد تلك الاتفاقيات الدولية ومنها “سايكس بيكو ولوزان ” اللتان أسهمتا بتقسيم المنطقة إلى دول مقسمة بين بعضها وحولتا هذه الدول إلى سجون ومخيمات للشعوب والأمم بما فيها سوريا الحبيبة التي أصبحت ضحية تلك السياسات.

كانت سوريا الجزء الأهم من “الهلال الخصيب ميزوبوتاميا” حيث مهد الحضارات والأديان والحرية وحاضنة كل الثقافات، وعندما تدخلت قُوى الهيمنة في الشرق الأوسط، كان هناك تخبط بين كل السياسات في المنطقة وصلت إلى طريق مسدود من أجل الدوغمائيات، وهذا يدل على الدخول إلى المنطقة بموديل جديد باسم “الفوضى الخلّاقة” وباسم الديمقراطية اليوم في منطقة الفكرة الإسلامية والقيام بتقسيم سوريا باسم الإسلام المتطرف، وكان هدف تركيا نشر الدين الجديد في سوريا عن طريق الائتلاف السوري وتشكيل إمارة سنية في سوريا يؤدي إلى الشرق الأوسط الجديد عبر سوريا والدول العربية، وكان قد ارتكبت كارثة بحق تلك الثقافات والأطياف، ولكن ذهنية الأمة الديمقراطية وقفت بمرصاد الذهنية الإسلامية التكفيرية في سوريا، وخاصة في شمال شرق سوريا وأصبحت نموذجاً من أجل كل الشعوب لمحاربة تلك الذهنية المتطرفة بكل السبل التي يمتلكها تلك الشعوب وبتوافق وتراضي بين بعضهم البعض وانتصرت ثقافة الأمة الديمقراطية على مخططات تقسيم سوريا وعلى عاصمة (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، وأصبحت الحل الأنسب واقعياً بإرادة الشعوب من كل الأعراق والأديان.

لسوريا مميزات وميراث كبير، خاصة بين كل شعوب المنطقة ومن كافة الطوائف والأعراق والمذاهب، ومن خريطتها الجغرافية التاريخية أخذت مكانتها الاستراتيجية والغنية بكل شيء، وأصبحت قلب الشرق الأوسط بكل معنى الكلمة، وانطلاقاً من دورها وتأثيرها على المنطقة في السنوات والعقود الماضية أبقت على تاريخها الأصيل وحافظت على الحالة الاجتماعية والثقافية ولم تقبل بالتدخل في شؤونها الداخلية منذ بدايات استقلالها، حيث لا فرق بين جميع الأطراف وكانت الحياة التشاركية  سائدة ببن جميع المكونات والأطياف.

 وعندما دخل المستعمرون سوريا كان أبناء الشعب السوري كالنسيج الواحد في الحماية والدفاع عن الوطن والحفاظ على الطقوس الدينية والثقافية ويجمعهم غاية واحدة تحت سقف الوطن الواحد وفقط الوطن.

 منذ أيام “إسكندر وتيمورلنك وجنكيز خان والعثمانيين والفرنسين”

كان أبناء المجتمع السوري يدافعون عن الوطن، وكانوا جسداً  واحداً ضد الأنظمة الاستبدادية والأجندات الخارجية وفي التاريخ أمثلة كثيرة على ذلك وخصوصاً عند دخول فرنسا إلى سوريا كالقائد البطل “يوسف العظمة” الذي شكل ما يقارب ثلاثة آلاف  مقاتل سوري لأجل الدفاع عن أسوار دمشق “هنا كانت الوحدة والتماسك الوطني السوري وأثبتوا عشقهم للوطن، وكذلك  الشيخ “صالح العلي” وسلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو والكثير من أبطال سوريا قبل الاستقلال، هكذا كانت سوريا.

واليوم نحن بأمس الحاجة إلى الروح الوطنية السورية للوقوف أمام الاحتلال التركي ومرتزقته وأدواته التي ساهمت بتنفيذ اجندات الاحتلال التركي في المنطقة. نعم على أبناء الوطن السوري العمل يداً بيد لدحر هذا الإرهاب المنظم كما كانوا في تاريخهم في فترات العشرينات، واليوم يتطلب ذلك أيضاً.

إن قوات سوريا الديمقراطية وأبناء شمال وشرق سوريا في مواجهة العدو التركي والتنظيمات الإرهابية، وذلك يتطلب من الشعب السوري التكاتف مع أبناء الشمال لمحاربة هذا الإرهاب، وأن تكون مصلحة الوطن فوق الجميع، لأن العدو التركي لا يعرف شيئاً سوى القتل والخطف ونهب خيرات الوطن واستغلال أوضاع الشعب السوري نتيجة ويلات الحرب.

فهل يستطيع الشعب السوري تجاوز كل العواقب والسياسات الخارجية للدفاع الوطن؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى