تقاريرمانشيت

التحديات المستقبلية في مواجه الطفولة الداعشية

انهيار تنظيم الدولة الإسلامية(داعش)عسكرياً لا يعني بالضرورة الانتصار في الحرب التي تبناها هذا التنظيم، وخصوصاً من الجانب الفكري والأيديولوجي، لأن أيديولوجيته مازالت مستمرة، هذا فيما لو استثنينا ظاهرة الخلايا النائمة و”الذئاب المنفردة” التي تقتحم هنا وهناك التي تُعتبر بحد ذاتها تحدياً كبيراً في مرحلة ما بعد داعش إضافة إلى الجانب الخطير في البنية الثقافية والذهنية المليئة بأفكار هذه التنظيمات في حواضنها الاجتماعية مما يستدعي تكاتفاً دولياً ومجتمعياً في التفكير العلمي الرصين في مقتضيات مرحلة ما بعد داعش من خلال استشراف الحالة “الجهادية” في مرحلة ما بعد الاندحار الميداني، والذي لم يرافقه لحد الساعة اندحار أيديولوجي في أذهان أتباعه، إذاً ما زال الخطر قائماً على الرغم من نجاح الخطوة العسكرية ويجب أن تصاحب ذلك حرباً فكرية وانتاج ثقافة مضادة لا سيما أن تنظيم داعش، على إثر تراجعه في العراق وسوريا، صار يسعى إلى التمدد إلى كل المناطق والدول الأخرى ليتسلل إليها عبر حدودها سواء أكان هذا التسلل ثقافة وفكراً أو بأجسادٍ قابلة للتفخيخ والانفجار.

الوقوف على ظاهرة الفكر العنيف المتطرف الذي زرعه التنظيم في عقول الأطفال يجب أن يكون في أولوية أخلاقيات الدول الغربية المتحالفة ضد الإرهاب، وذلك في تقديم الدعم للإدارة الذاتية وتخفيف العبء الثقيل عن كاهلها؛ ولعل من أبرز هذا الدعم هو فتح مؤسسات أو مخيمات خاصة تحت إشراف مختصين بالطفولة الحقيقية يعملون على إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال وأمهاتهم إنسانياً وإرجاعهم إلى الحياة البشرية بغية استئصال الأيديولوجيا الإرهابية، ونزع كل الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة لديهم  وإدماجهم بالشكل الصحيح في مجتمعاتهم لاستيلاد جيل جديد بفكر متنور معطاء ينفع المجتمعات ولا يسعى إلى تدميرها في قابل الأيام.

إلاّ أنه هنالك أسباب عدة ستجعل من هذا التأهيل في مهب الريح منها عودة النظام الواحد الأوحد ــ الحكم على الشعب بالقبضة الحديدية ــ اعتبار كل من يقول لا هو عدو يسعى إلى سحب كرسي العرش من تحت السلطان ــ الاستئثار بالموارد الطبيعية للدولة ــ طي الدولة في أيدي أشخاص يعدون على الأصابع ــ التفريق والتمييز الطبقي والطائفي والعرقي والمذهبي ــ والتهميش…. إلخ

بالاستناد إلى كل هذا وذاك ولمعالجة كل هذه الأمور التي توَلِّد الأحقاد والكراهية، ودفنها؛ يجب أن يكون هناك مشروع تسير عليه سوريا المستقبل يمنح الحقوق لكل أفراد الوطن السوري على حد سواء ولا يفرق بين أبنائه في العيش بكرامة والحفاظ على حقوق كل مكونات الشعب، وهذا ما يقول به مشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وهو الأنفع والناجع في القضاء على هذه الظاهرة(الفكر المتطرف) مستقبلاً؛ لأن العامل الاجتماعي يُعد بلا شك واحداً من أهم العوامل التي تدفع بالشباب إلى التطرف والتكفير واختلاق شريعة الغاب في التوحش.

تقرير: بدران الحسيني

زر الذهاب إلى الأعلى