الأخبارمانشيت

البيضاني: وجوب خلو الدستور السوري الجديد من التزييف والضغوطات الخارجية

حول اللجنة الدستورية المقرر تشكيلها لكتابة دستور سوري جديد, التقى موقع حزب الاتحاد الديمقراطي مع الدكتور (جواد البيضاني مدير المعهد العراقي للدراسات الكردية) حيث أن دولة العراق التي مرت بمرحلة شبيهة، (تشكيل لجنة دستورية لا تمثل العراقيين), ما مدى نجاحها؟

 الآن سوريا تمر بنفس تلك المرحلة، أي بمعنى “هناك من يصف اللجنة الدستورية المشكلة من قبل روسيا وتركيا وإيران بخصوص حل الأزمة السورية بأنها فاشلة كونها لا تمثل معظم السوريين, وأي حديث عن  لجنة دستورية والصراع ما زال في أوجه بين المتصارعين والناقدين؟؟ ألا تستوجب المرحلة بناء حوار بين كل الاطراف وجمعهم قبل البدء بأية عملية دستورية؟

تحدث البيضاني قائلاً:

الجمعية الوطنية التي تشكلت بعد احتلال بغداد في 2003 كانت تضم في معظمها وعلى الأغلب عراقيين, وكان بها عد من الأمريكيين مهمتهم تنظيم شؤون هذه الجمعية, وانبثق من هذه الجمعية لجنة دستورية لكتابة الدستور, والغرض من الجمعية الوطنية كان إعادة بناء هيكلية مؤسسات الدولة العراقية الجديدة, من خلال مؤسسة تشريعية هي البرلمان وكذلك مؤسسة تنفيذية ومؤسسة قضائية, وبالتالي تمخض عن ذلك تقسيم الجوانب الأخرى بما في ذلك الجوانب التشريعية, وبالرغم من ذلك بقيت الإشكاليات منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 رغم أن الذين كتبوا الدستور آنذاك كانوا عراقيين, وتم تغيير الدستور في سنة 1958 على شكل دستور مؤقت, والذي كتب هذا الدستور المؤقت أيضاً عراقيون, وتم تغييره أيضاً في 1964  وفي 1968 ثم في 2001, وكلها كانت مؤقتة, ورغم أن من كتبه عراقيون إلا أن المشكلة هي أنه كُتب على جنب واحد ووفق ما يريده الحاكم, ففي سنة 1921 كتب الدستور وفق ما كان يريده الملك فيصل الأول وحاشيته ولم يأخذ بالاعتبار البنية التركيبية للمجتمع العرقي, فهناك الكرد العراقيون والمسلمون, وهناك العرب العراقيون المسلمون السنّة, وهناك عرب عراقيون مسلمون شيعة, وكرد سنة وكرد شيعة, وهناك التركمان, وقوميات وأديان أخرى, فلم يؤخذ في الاعتبار هذا التنوع, ولم تشارك هذه القوميات والأديان في كتابة الدستور, لذلك كان دستوراً أحادياً, وفي سنة 1958 نصت المادة الثالثة في الدستور على إعطاء الحقوق للكرد على أنهم شركاء في الوطن, وبعد ذلك بفترة قصيرة تم تغيير هذا الدستور إلى دستور مؤقت أحادي, وفي 9 نيسان 2003 بعد احتلال العراق تم تشكيل الجمعية الوطنية, وكانت الغاية منها هي بناء الهيكل التنظيمي لمؤسسات الدولة العراقية وإعادة هيكلتها, والتي مهدت لانبثاق البرلمان العراقي, وشُكلت لجان تشريعية مهمتها إعداد الدستور العراقي, والحديث هنا شائك وطويل ومتعلق بثقافة اللجنة الدستورية وتأثرها بمنظومة الأدبيات وثقافة البلد الذي نشأ فيه شخصيات الجنة الدستورية، وقِس ذلك على كل المكونات بما فيه المكون الكردي وهنا أخص بالذكر بأن من يكتب الدستور يجب أن لا يقتبس من دساتير العالم ولا يطبق مفاهيمها على مكونات الداخل بل يجب النظر فيها والاستفادة منها فقط.

وبخصوص سوريا:

أنا أرى بأن الدستور في سوريا يجب أن يُكتب بأيدي سوريّة,  ويراعي التركيبة الأثنية والعرقية وكذلك الطائفية الموجودة في سوريا, ويجب أن يكون هناك أناس منتخبون يمثلون هذه الفئات تمثيلاً حقيقياً وعاشوا حياتهم في سوريا, ويعلمون تأثير أي مادة تُكتب على باقي الطوائف, فمثلاً لا يجوز كتابة نص يوافق الكرد ويؤثر على العرب في سوريا, أو كتابة نص سني سلفي يؤثر على باقي المذاهب, أو يوافق العرب ويؤثر على الكرد, لذا يجب أن يُكتب هذا الدستور بأيدي سوريّة, ويجب أن يكون أعضاء اللجنة الدستورية ممثلين حقيقيين للفئات التي يمثلونها والمنطقة الممثلة, فمثلاً الدرزي يكون ابن المنطقة الدرزية ويعيش فيها وكذلك الكردي, ولا نأتي بشخص من الحسكة مثلاً ليمثل كوباني, ويجب أن يكون الدستور مبنياً على أسس صحيحة خالي من التزييف والضغوطات الخارجية وفرض الأمر الواقع, لأن ذلك سينعكس فيما بعد على العلاقات بين مكونات المجتمع وخلق التناحر والصراع, وإذا كانت سوريا تريد أن تحيا حياةً تختلف عن الحياة السابقة فعليها أن تنظر بعين الاعتبار للتركيبة العرقية والوضع العام, وفي نفس الوقت تنظر إلى المحيط الإقليمي, وأن يراعى في كتابة الدستور كل العوامل الداخلية والخارجية التي لا تسيء إلى المجتمع السوري والتركيبة العرقية السورية ولا تضر بعلاقات سوريا مع باقي الدول, وأن يؤخذ بعين الاعتبار التأني والدقة ويطلع الجميع عليه, ويتم مراعاة الوضع الإقليمي والدولي وتكون أداة كتابة الستور أداة وطنية, لأن الأداة التي تكون من خارج الوطن لا تمثله, وستكتب دستوراً لا يتوافق مع تركيبة هذا الوطن, والمفكر (عبد الله أوجلان) يشير إلى ذلك في كتاباته ومؤلفاته وفيما يخص التجربة القومية أشار إلى أن التجربة القومية قامت في سوريا وقامت في العراق وتركيا وغيرها من الدول ولكنها لم تحقق النتائج الإيجابية لأن الشرق الأوسط هو عبارة عن مزيج من قوميات وعقائد و أديان مختلفة, وبالتالي لا يمكن أن يفرض رأي قومية على قومية أخرى أو طائفة على طائفة أخرى, وبالتالي لا بد أن يؤخذ بآراء الطوائف والقوميات في إعداد هذا الدستور.

زر الذهاب إلى الأعلى