مقالات

البلطجة التركية ومحاولة حَقن السُم في النسيج الكُردي.

بدران الحُسيني

لم يعد إجراء جَرْدة حساب حول الأهداف والنوايا التركية المعلنة منها والمخفية في منطقة الشرق الأوسط عموماً وفي سوريا خصوصاً وضد الكرد تحديداً؛ بحاجة إلى تخمينات وخلاصات واستنتاجات أكثر مما تشي بها الوقائع والمعادلات والمعطيات الحسِّية والميدانية على الأرض؛ فقد باتت هذه المعطيات قائمةً وملموسةً إلى حدِّ التخمة على الواقع السياسي والعسكري في المسألة السورية عموماً وعلى الواقع الكردي خصوصاً.

فحسابات الدولة التركية وما تقوم بها من عربدة وبلطجة ضد الكرد ليست وليدة اللحظة بل هي نتاج فائض من الرغبة العثمانية الجامحة ــ القديمة الجديدة ــ التي تريد الإطاحة بأي مشروع كردي، والقضاء على بصيص آمالهم في العيش، ومطاردتهم أينما وُجِدوا، ومِن هذا المنطلق بالغت في عربدتها إلى حد الجزم واليقين بأنها شكلت رأس الحربة في العداء للكرد ضاربة عرض الحائط كل اعتبارات حقوق الانسان والقوانين الدولية للتأسيس لقواعد وترتيبات تتماشى مع الذهنية العثمانية التي يعلنها ويرددها أردوغان جهاراً نهاراً على منصاته الداخلية وبين مؤيديه.

ولعل آخر فصول البلطجة التركية تكمن في عرض عضلاتها حينما قامت طائراتها بشن هجمات دونكيشوتية قذرة على الكرد اليزيدية في شنكال والمدن المحيطة بها وقتل المدنيين الأبرياء.

هنا يتبادر إلى أذهان كل كردي مُتابعٍ ــ  للمسألة الكردية والوضع الكردي ــ السؤال البديهي المُحق حول الخفايا والنوايا التي دفعت تركيا إلى شنِّ هذه الهجمات على شنكال في هذا التوقيت بالذات، وما التداعيات التي كان من الممكن أن تنتج عن هذا القصف على مستوى الشعب الكردي بمجموعه.

وبحسب القرائن المتداولة في معطيات الواقع الكردي في سوريا وخصوصاً بعد التقارب الذي حصل في وجهات النظر بين الأحزاب الكردية بكل مسمياتها؛ فإن الفعل التركي لم يكن بريئاً وعن عبث، ولا يمكن أن يكون ذلك، سيما حين يكون هذا الفعل في توقيتٍ مدروسٍ ومخططٌ له ومحددٍ بغايات خبيثة تهدف إلى حقن النسيج الكردي بجرعات قاتلة من سموم التفكك والتشظي، وتفخيخ المسارات التي يمكن أن تؤدي إلى تحصيل الحد الأدنى من الحقوق الطبيعية للكُرد.

زر الذهاب إلى الأعلى