PYDمقالات

الإرهاب المنظم للدولة التركية بين الاهمال الدولي و الابتزاز المصلحي

 ياسر خلف

– لطالما كانت المصالح الدولية وتوافقها او تنافرها كانت السبب الرئيسي لمعاناة الشعوب التواقة الى التحرر من نير الاستبداد والاحتلال والعبودية.

غض الطرف عن الإرهاب المنظم للدول المحتلة والغاصبة للحقوق والأرض تجعلها تمارس ابشع أنواع الإبادة لتصل الى حد ” الجينوسايد ”  فكما هو معلوم أن من افظع أنواع الإرهاب هو الإرهاب المنظم الذي مارستها و تمارسها الدول لقمع وابادة شعوبها وهذا الإرهاب تتم تحت نوع من الغطاء القانوني واحكامها وخاصة في ظل قوانين الطوارئ والاحكام العرفية والقوانين الاستثنائية المتعلقة بما تسمى بأمن الدولة وكل ذلك يتم وسط عدم مبالاة  وصمت دولي وخاصة من قبل دوائر الأمم المتحدة والتي تجعل الشعوب المستضعفة تحت رحمة الإبادة الجماعية وخاصة اذا كانت الدول التي تمارس هذا الإرهاب داخلة في تحالفات الأقطاب المتناحرة على الساحة الدولية وما يحز في النفس هي صمت القبور للأمم المتحدة  وعدم نطقها وايقافها لهذا الاجرام والوحشية المتصاعدة بحق الانسانية والبشرية  وذلك  لأسباب مختلفة  أما بضغط من أطراف فاعلة في الامم المتحدة كي تغض الطرف عن ذلك الحاكم او النظام كما في حالت الطاغية اردوغان ونظامه وما شابهه من دكتاتوريات  أو القيام بتعطيل قرارات الامم المتحدة التي تحاول اتخاذها بحق ذلك النظام أو الحاكم كما فعلت  وتفعل كثيرا كل من روسيا وامريكا كونها ترتبط معه بمصالح اقتصادية وصفقات تجارية واسعة أو حارس امين لها على مصالحها في منطقة ما حيث ينطبق عليهم قول الشاعر المتنبي يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ “ فحين تكون الاستحقاقات المشروعة للشعوب تقاس بما تتوافق مع المصالح والتكتلات والتحالفات فحين اذ تنتفي كل الادعاءات والقوانين التي سنتها هيئات الأمم المتحدة ومؤسساتها في حق الشعوب في تقرير مصيرها  فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد استخدمت الدولة التركية في اقل من ثلاثة اشهر اكثر من 70 مرة السلاح المحرمة والكيماوي ضد مواقع الكريلا في جنوب وشمال كردستان كما انها تقصف وبشكل يومي مناطق الإدارة الذاتية امام مرأى وانظار روسيا ودول التحالف بقيادة أمريكا المتواجدين بقوة في هذه المنطقة الجغرافية الصغيرة فهذا الإرهاب وما يرافقها من حروب نفسية وخاصة تتم بشكل ممنهج ومدروس في دوائر الاستخبارات الإقليمية وسط صمت مريب من القوى العظمة وهيئات الأمم المتحدة وخاصة مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية والتي استغلتها الدول المحتلة والغاصبة كتركيا وايران عبر ممارستها للابتزاز الدولي دون أي رادع ورقيب كما حدث في شروط قبول تركيا لعضوية السويد وفنلندا في حلف الناتو مقابل محاربة هذه الدول للشعب الكردي وحقوقه المشروعة حيث كان ملف حزب العمال الكردستاني وشمال شرق سوريا الغائب الحاضر في حرب الابتزازات التركية لدول الناتو والاتحاد الأوربي

هذا وفي الجانب الاخر من المساومات التركيا أو ابتزازاتها  كانت مع روسيا ومن خلفها ايران والنظام السوري حيث اتبع ا أردوغان سياسات زئبقية وتكتيكية ولولبية وجمبازية بين روسيا وأمريكا حيث تقوم سياساته على من يقدم تنازلات اكثر مقابل تعاونه او تواطؤه فهو تدخلت في مختلف الساحات الدولية والإقليمية سواء عبر تجنيد وارسال المرتزقة كما حدث في كل من سوريا وليبية ووارمينا ومؤخرا في أوكرانيا، اوعن  طريق فتح اجواءه ومنافذه البحرية لتسهيل تنقل القوات والعتاد العسكرية كما حدث في الحرب الأخيرة بن روسا وأوكرانيا حيث سمحت تركيا للروس استخدام كامل اجوائها ومنافذها البحرية رغم ادعائها خلاف ذلك .وذلك مقابل صمت روسيا عن القصف الذي يتعرض لها مناطق الإدارة الذاتي عبر مسيراتها ومرتزقتها كما ان ما يجري في الآونة الأخير من تهديد يومي باحتلال مناطق أخرى شمال وشرق سوريا فهو نوع اخر من الابتزاز الأردوغاني وحكومته  لكل من روسا وامريكا هدفها من ذلك 1- استعادة شعبية حزبه الذي بات مهددا بفقدان الأغلبية في الانتخابات المقبلة 2- التخلص من اللاجئين السوريين  الذين اصبحوا غير مرغوب فيهم ومصدر توتر  في الأوساط الشعبية التركية  3-

4- احتلال مناطق أخرى من سوريا والحاقها بتركيا بما يتوافق والميثاق الملي التركي الذي يسعى الى التوسع في كل من سوريا والعراق وتحديدا (المنطقة الممتدة من حلب الى الموصل)

ومن المرجح إن تكون هناك نية تركية في زج النصرة لتقوم بذلك نيابة عنها تماما كما حدث مع داعش وإعادة ترويضها وتدويرها بشكل مقبول والتي نصبتها  كحكومة مؤقتة للائتلاف الموالي لتركيا في ادلب بغية ترتيب المشهد في الشمال السوري بما يتماشى مع مصالحها وأمنها فمن جهة تشكل هذه الحركة محاولة للدفع بآلاف العناصر المسلحة للانتقال من إدلب وعفرين إلى مناطق بموازاة منبج وتل رفعت وشرق الفرات للقتال هناك في إطار العملية العسكرية التي تروج لها تركيا ومن جهة ثانية معاقبة الذين خرجوا في تظاهرات واحتجاجات ضد الوجود والرموز التركية في عفرين في الآونة الأخيرة.

ولكن يبدو ان المشهد الميداني والسياسي اكثر تعقيدا مما تروجها المكنة الإعلامية والدعائية التركية من حصولها على ما تريد سواء عبر ابتزازها لكل من حلف الناتو او لروسيا على حد سواء فيبدو ان المواقف الغربية وخاصة الجانب الأمريكي يتسم بكثير من البراغماتية  وهو ما استشف من  اللقاءات الخير بين الإدارة الذاتية وحلف الناتو (فرنسا بريطانيا وامريكا ) في مدينة منبج  بخصوص التهديدات التركية الأخير فهي تسعى الى إيجاد توازن مرحلي في المنطقة على الأقل في المدى المنظور وهو ما لا ترغب بها تركيا وتسعى الى فرض اجنداتها عبر الابتزاز والتقارب مع روسيا ولكن على ما يبدو ان الوضع اكثر تعقيدا مما تظنها وتهدف اليها تركيا فالنظام ومن خلفها ايران هي الأخرى عمدت الى استغلال الازمة الاوكرانية وإعادة بلورة تحالفاتها وفرض لأجنداتها وخاصة فيما يتعلق بملفها النووي وحاجة اوروبا الى سوق بديلة للطاقة والزراعات الأساسية التي كانت تعتمد في تأمينها على روسيا وأوكرانيا كما ان احتلال مناطق تل رفعت ومنبج تشكل تهديدا مباشرا على مدينة حلب الاستراتيجية بالنسبة لإيران ومن خلفها روسيا. يبدو ان تركيا لم تستطيع بعد الحصول على الضوء الاخضر بسهولة رغم ترويجها خلاف ذلك وخاصة ان جميع الأطراف باتت تدرك نوايا تركية الاحتلالية والتوسعية وهو ما كان واضحا من تحذيرات معظم القوى الدولية من مغبة ومخاطر التهديدات التركيا وخاصة ان المجتمع الدولي يئن تحت وطأة الازمة الأوكرانية وتبعاتها وخاصة الاتحاد الاوروبي التي تستقبل معظم اللاجئين والمهجرين الاوكرانيين وهي ليست بحاجة لازمة أخرى يخلقها ويستغلها اردوغان كورقة للمساومة والابتزاز المتجددة

وهنا ينبغي التنويه ان الدولة التركية قد تقدم على مغامرتها الحمقاء وتعمد الى خلق المزيد من التوتر في المنطقة وخاصة في ظل عدم وجود مواقف دولية وعربية واضحة ورادعة وهو ما بات ظاهرة شبه يومية من قيامها بقصف المناطق الاهلة بالسكان على طول الحدود السورية التركية وصولا الى مناطق الدفاع المشروع في جنوب كردستان رغبتا منها في خلق واقع جديد واثارة الفوضة والهلع لإفراغ المنطقة

ان ما أقدمت عليها قوى الإدارة الذاتية مؤخرا من اعلان حالة الطوارئ تحسبا لاي عملية عسكرية تركية هي تصب في صلب استراتيجيتها الدفاعية المشروعة في دفاع عن شعبها ووطنها وامنها.

زر الذهاب إلى الأعلى