مقالات

الإدارة الذاتية من قامت بواجبها في حماية الكنائس والجوامع وصون ثقافة شعوب شمال سوريا؛ فكفوا عن هذه المنافقة.

إذا ما كانت هيئة التنسيق الوطنية؛ المتبقي منها؛ شركاؤنا السابقين، نحرص على أن نكون الشركاء في المستقبل؛ لترى بأن معيار الشرعية متمثّل بنيل الترخيص من السلطة في دمشق. فلتقم بداية بإغلاق مكتبها الوحيد في دمشق لأنها لم تنل (الترخيص) ولا ينطبق عليها مقاسات الشرعية (التنسيقية)؛ قبل أن يهلل مكتبها الإعلامي بالتنديد والتهويل على خطوة هيئة التربية والتعليم بالطلب من المعنيين بإدارة جميع المدارس –دون استثناء ودون تحديد- التوقف بالتعليم من المنهاج السابق الذي يؤطّر فيه القيم النمطية غير المتعلقة بثقافة شعب سوريا الذي يتألف من شعوب وقوميات وأديان وطوائف. المناهج السابقة التي تتعرض لمفهوم السيادة للشعب. وتفتح الباب على مصراعيه لفرد أو لجماعة أو لحزب من احتكارها أو ادعائها تمثيل شعب سوريا من قامشلو وديريك (ليست المالكية) إلى حوران الجبل والسهل، وتقوم بالضد من ممارسة الشعب لسيادته عبر أساليب الانتخاب الديمقراطية. إضافة لتناقض المنهاج السابق مع ألف باء التوافقية وفصل السلطات.

لا نحتاج لسرد الأمثلة كي يستدل منها من الذي حمى الشعب ودافع عنه ودفع الدماء كي يكون الجميع موجودين آمنين: السريان والأرمن والتركمان والعرب والكرد. وأن أكثر من خمس آلاف شهيد وشهيدة لن يكون من أجل إعادة انتاج النظام بطبيعته المركزية السابقة؛ بوسائله؛ بمناهجه؛ بأدواته؛ بسطوته وقبضته الأمنية، وتحويل الفرد إلى كائن مطواع لا حول له ولا قوة ولا انتماء سوري.

بداية لتتسق هيئة التنسيق مع وثائقها (التقدمية) التي أنجزناها سوياً في نهاية حزيران 2011 قبل أن تصدر بياناً تتحين فيه وتحاول فاشلة من خلاله ما عجز المتربصون الإقليميون في مقدمتها تركيا وغيرها أن تضلل وتشوش على حالة الوفاق والعيش السليم في شمال سوريا وشرقها ومن مناطق روج آفا. غادرنا هيئة التنسيق لأنها غادرت غدراً الثوابت الوطنية، وتسللت تعقد اتفاقيات لا طائل سوريَّ منها؛ أثبتت ذلك التجارب اللاحقة. غادرناها ثلاثاً: حزب الاتحاد الديمقراطي والاتحاد السرياني والحزب الكردي السوري في الثامن من كانون الثاني 2016. لتسأل هيئة التنسيق؛ المتبقي منها؛ وكل من يستهجن هذه الخطوة العلمانية الديمقراطية الوطنية التي قامت بها هيئة التعليم والتربية في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم الجزيرة. منذ متى يحق للجوامع وللكنائس، وأي دور عبادة آخر أن تتدخل في غير وظيفتها الروحية لتقر بأن هذا المنهاج شرعي أو غير شرعي؟

إمّا أن نكون علمانيين ديمقراطيين أو أن نكون مدعيّن فقط. وهذه هي كل المسألة. لا وجود لأي مادة للتربية القومية والدينية في منهاج الإدارة الذاتية في المرحلة الابتدائية. يستعاض عنه ثقافة الأخلاق والمجتمع. وفي المرحلة المتوسطة تضاف مادة تدرس من خلالها تاريخ الأديان (كلها دون استثناء). لأن الدين لله والوطن للجميع. وفي مثل هذه الخطوة صون الدين من تسييسه وتسليكه في دروب الاستبداد، وأي مسلك فئوي.

من الأفضل على الجميع أن يرجع إلى وثيقة التفاهم التي وقعت ما بين الإدارة الذاتية الديمقراطية وهيئة التنسيق الوطنية والتجمع المدني المسيحي والحزب الآشوري الديمقراطي في 14 آب 2014 الموقعة في المجلس التشريعي لكانتون الجزيرة والتي تم الاقرار في أحد بنوده: إن الإدارة الذاتية الديمقراطية في الجزء الشمالي والشرقي من سوريا- الجزيرة وكوباني وعفرين (روج آفا) ضرورة مشخصة تعبر عن الإرادة المجتمعية….. أمّا أن يأتي اليوم البعض ليرفد نفسه بإعادة مشهد 2011 الشديد المركزية؛ فليفعل ذلك؛ له الحرية والاختيار؛ ولكن يغرّد بعيداً عنا. بالرغم من ذلك لنا مع الجميع –من بينهم هيئة التنسيق الوطنية- جولات وصولات وأيادينا ممدودة لمن يؤمن بأن سوريا يجب أن تتغير تغييراً جذرياً شاملاً؛ فتتوسع سوريا على كل السوريين. وأن ما قدمته وحدات حماية الشعب والمرأة وعموم قوات سوريا الديمقراطية كان من منطلق الإدارة الذاتية الديمقراطية ومن ثوابتها واستراتيجيتها بأن سوريا مخلوقٌ من شعوب وقبائل ليتعارفوا؛ ليعيشوا سوياً؛ ويتعايشون متشاركين وفق أسس العيش المشترك وأخوة الشعوب ووحدة المصير. لا أقل؛ فلا أكثر.

(الصورة لمقاتلي وحدات حماية الشعب وهم يرممون كنيسة الشدادة من بعد تحريرها في أيلول 2016)

زر الذهاب إلى الأعلى